كيف تكتشف الركود الاقتصادي.. قبل وقوعه؟

  • 6/16/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

* د. بلقيس دنيازاد عياشي – تعد حالات الركود الاقتصادي من أصعب الأمور الاقتصادية التي يمكن اكتشافها أو التنبؤ بها، وذلك بسبب عدم وضوح البيانات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية وغياب الشفافية في عرضها. وفي ظل التوسع القياسي الذي سيشهده الاقتصاد الأمريكي في شهر يوليو القادم تتحول المحادثات بشكل متزايد عن وقت نهاية هذه الطفرة في النمو.. ويزداد طرح التساؤلات حول الوقت الذي تشهد فيه الولايات المتحدة أزمة ركود اقتصادي. وفي ظل هذا الصخب سجل هناك انخفاض في مؤشر Morgan Stanley بشأن مقياس الإنذار الاقتصادي، الأمر الذي دفع بالاقتصاديين إلى البحث عن مجموعة واسعة من البيانات «من المصادر الحكومية والخاصة والسوقية» في محاولة منهم لتحديد الوقت الذي قد تتجه فيه الأمور إلى الأسوأ، فهل تكون هذه المعطيات بداية للركود؟ وما هي أهم المؤشرات الدالة على ذلك؟ الانفاق الاستهلاكي في ظل تراجع المخاوف من الركود الاقتصادي، أشارت مبيعات التجزئة القوية إلى أن الإنفاق الاستهلاكي مازال جيداً، لكن بالرغم من ذلك فلا يزال المستثمرون يتوقعون خفض سعر الفائدة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي في يوليو القادم، بعد أن أظهرت الأرقام الأخيرة مكاسب أبطأ في الوظائف وانخفاضاً في التضخم. في حين أن تهديدات التعريفة التي وضعها الرئيس Donald Trump مازالت تؤثر على الشركات، كما ارتفعت احتمالية حدوث ركود خلال الـ 12 شهرًا القادمة إلى 30 % من 25 % ، وفقًا لمسح أجراه الاقتصاديون يومي 7 و 12 يونيو المنصرمين. منحنى العائد يشير منحنى العائد إلى الفرق في المعدلات بين سندات الخزانة ذات آجال استحقاق قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل، كما ويعد الانقلاب المستمر لمنحنى العائد من أهم المؤشرات التي سبقت فترات الركود الماضية، ففي معظم الأحيان تكون العائدات طويلة الأجل أعلى، لأن المستثمرين عادة ما يطلبون عوائد أعلى لحبس أموالهم لفترة أطول. ولكن عندما تكون المعدلات قصيرة الأجل أعلى والمعروفة باسم «المنحنى المقلوب» فمن المتوقع أن ينحسر النمو الاقتصادي، مع انخفاض أسعار الفائدة في نهاية المطاف لتخفيف التباطؤ. إن الهوة بين الأوراق المالية لمدة ثلاثة أشهر وعشر سنوات قد انقلبت قبل كل فترة من فترات الركود السبع الأخيرة، مما رفع مثل هذا الحدث كإشارة رئيسية إلى الانكماش الاقتصادي في المستقبل، لكنها ليست تلقائية ويجادل البعض بأن سياسات البنك المركزي مثل التيسير الكمي جعلت المنحنى أقل تنبؤًا بشكل مباشر. شروط الائتمان تعد شروط الائتمان من أهم المؤشرات الدالة على حدوث الركود الاقتصادي، ولعل أزمة الرهن العقاري لسنة 2008 خير دليل على ذلك، حيث يسعى الاقتصاديون إلى مراقبة شروط الائتمان أو ما تعرف بـ «شروط الاقتراض».مؤشر ISM الصناعي انخفض إلى أدنى مستوى له منذ عام 2016 ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن هذه الشروط يجب أن تكون أكثر صرامة خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، حيث تقوم الدراسات الاستقصائية مثل استطلاع بنك الاحتياطي الفيدرالي لكبار مسؤولي القروض ومقياس شروط الائتمان في الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة بنقل هذا النوع من المعلومات، والتأكد من إمكانية وجود تساهل في منح الائتمانات، وفي هذا الصدد يصرح Joshua Shapiro كبير الاقتصاديين الأميركيين في شركة U.S. economist at MFR وفق وكالة bloomberg الأميركية قائلا: «إذا كانت البنوك تشدد الخناق على الائتمانات بسبب ما يرونه من تجاوزات ومخاطر متزايدة، فإن التساهل في مثل هذه المسؤوليات يميل إلى أن يكون مؤشرًا رئيسيًا على الركود». قطاع التوظيف قام معهد إدارة التوريد الأميركي بإجراء دراسات استقصائية تهدف إلى إعطاء لمحة سريعة على النشاط الاقتصادي بين المنتجين في الولايات المتحدة الأميركية في مايو الماضي، من خلال عرض مؤشر الصناعات التحويلية ISM والذي انخفض إلى أدنى مستوى له منذ عام 2016، ولكنه لا يزال ثابتًا فوق مستوى 50 الذي يشير إلى التوسع. إن هذا الانخفاض يعد كمؤشر أساسي حسب تصريحات Jesse Edgerton كبير الاقتصاديين في شركة JPMorgan Chase & Co والذي صرح بأن: «الاتجاه الهبوطي في النفقات الرأسمالية يعد تحذيرا طويل الأمد للشركات، بإمكانية تحوله إلى تباطؤ في التوظيف». ووفق كل ما سبق، فإن أفضل ما يمكن أن تأمله الولايات المتحدة هو حدوث تباطؤ في النمو بدلاً من محو عقد من التقدم المؤلم، وإذا انتهى الحال بالولايات المتحدة داخل مرحلة ركود اقتصادي أخرى، فمن المحتمل ألا يكون ذلك واضحاً بشكل جلي وعلى الفور. * دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك

مشاركة :