اتهم في السابق وعلى الدوام وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف بالكذب والتقلب، غير اننا هنا نستطيع اضافة صفة «البهلوان السياسي» الذي يجيد التقلب على حبال السيرك كمراوغ فاشل حين لا يعرف كيف يخرج من تحت ابطه الارنب او من داخل قبعة رجل السيرك المتفصحن، فالسلام يصبح مهدد فقط عندما تدفع الولايات المتحدة بالمزيد من جيوشها نحو محيط النار القريب جغرافيا من المياه الاقليمية لمضيق هرمز وبحر العرب والبوارج العائمة بالطائرات في بحر الخليج. لحظتها يتحول السلام الى شماعة وخطاب معسول متناسيا سلسلة الاعمال المهددة للسلام في المنطقة من وكلاء ايران، الذين تدربوا وتلقوا كل اشكال الدعم لمليشيات ومرتزقة تدفق لها وصرف عليها ملايين الدولارات خلال هذه العقود، ودفنت ايران بحرسها الثوري مشروع الفوضى وعناصر الارهاب النائمة والمستنفرة. اضحكني وزير الخارجية الايراني حين ردد أن قرار «الولايات المتحدة نشر 1500 جندي اضافي في الشرق الاوسط يشكل» تهديدًا للسلام الدولي!! وفق وكالة الانباء الايرانية الرسمية. جاء هذا التصريح قبيل عودته من زيارة الى باكستان، التي ذهب لها لمعرفة ماذا سيكون موقف الحكومة الباكستانية ازاء التسهيلات الممنوحة للامريكان نتيجة العلاقات المميزة بين البلدين، وهل سيجد ظريف منافذ باكستانية للاستيراد والتصدير بين البلدين اثناء اشتداد وتيرة الحصار واندلاع الحرب. هل سيرخى الامن الباكستاني حدوده للمليشيات الارهابية الشيعية الباكستانية والافغانية في التدفق وتهريب السلع. تلك الحدود الشاسعة بين البلدين بحاجة الى ترتيب وتنظيم اوضاع مستجدة قائمة وقادمة في القريب العاجل. تحاول الدبلوماسية الايرانية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها، والذي لم تواجهه خلال العقود الاربعة الماضية استنفاذ وتوظيف كل الوسائل المتاحة للخروج من الازمة الكبيرة الخانقة. وكلما اكتشفت انسحاب طرف من الاصدقاء من دائرة التأييد الى حالة الحياد بل والانكماش كما هو ظاهر في الموقف العراقي، حيث جاء رأي المرجعية السيستاني المنادي بعدم الدخول في سياسة المحاور، مما اثار غضب ايران والمرجعيات الدينية العراقية التي تساند ايران دون تردد. وكلما زادت مخاوف ايران من تضخم اعداد الجنود الامريكان في المنطقة قابله رد امريكي بارد بأنها مجرد «اجراءات وقائية» و«هدفه الحماية» في الشرق الاوسط، محاولاً الخطاب الامريكي طمأنة الجانب الايراني من حالة هلع الحرب القادمة، ولكي يتم رفع ضغط الدم في الجانب الايراني عسكريا، فإن البنتاغون يؤكد للجانب الايراني ان تلك القوات الاضافية «مجرد أفراد لادارة بطاريات صواريخ باتريوت وطائرات الاستطلاع ومهندسين عسكريين لاغراض دفاعية وسط التهديد الايراني، لافتًا - البنتاغون - الى انه لن يتم نشر اي قوات اضافية بالعراق أو سوريا وتشمل القوات الاضافية مزيدا من الطائرات المأهولة وغير المأهولة، وسرب طائرات مقاتلة نفاثة وكتيبة صواريخ باتريوت» (بس لا غير!). هذا الحشد الامريكي النوعي عسكريًا كفيل بخلق قشعريرة في جسم القيادة العسكرية والحرس الثوري في ايران. تلك الاجواء من المواجهة قبل اندلاع أي نوع من الصدام العسكري كفيل بادخال قادة ايران في وضع هستيري، وبجعل صقور النظام في الجيش والاستخبارات والحرس الثوري اللجوء لخطاب خداع الذات بتزييف قدراتهم العسكرية الفعلية عبر الاستعراضات ومكبرات الصوت «وببهرج» قاعدة عسكرية ايرانية تحت البحر!! بهدف التخفيف من الذعر الداخلي المتزايد يوما بعد يوم، فكلما تراجعت الظروف الاقتصادية للاسوأ، فإن بالونات الحرب واعلامها الكاذب لن يحل المشكلة الحقيقية لازمة النظام المتعثر. نستذكر حقبة رفسنجاني البراغماتي وصاحب مقولة «النوايا الحسنة تولد نوايا حسنة» وذهنيته المنفتحة في ما يخص العلاقات مع الدول الاخرى ولاسيما الولايات المتحدة، ما جعله يشعر بالقلق ازاء ثبات شعار «فلتسقط امريكا» معتبرًا أنه شعار ساذج وله نتائج عكسية. ولكن للأسف من يحكمــون ايران هم السذج والحمقى في فهم العلاقـات الدولية، والمشبّعون بـروح الغطرسة العسكريـة التي تدار من قبل زمرة الحرس الثوري.
مشاركة :