د. حسام الدجني يكتب.. قراءة في الموقف العربي من ورشة البحرين

  • 6/20/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

من المقرر أن تنطلق ورشة البحرين بعنوان: “السلام من أجل الازدهار” يومي 25 و26 من الشهر الجاري، وتشكل الوجه الاقتصادي لصفقة القرن التي تعمل الإدارة الأمريكية على تحقيقها في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي، وهي الجزرة التي يتوقع ترامب وكوشنير استثارة لعاب بعض الدول العربية التي تعاني أزمات اقتصادية طاحنة في المنطقة، وعليه فإن التقديرات الأمريكية حول فرص نجاح ورشة البحرين ما زالت كبيرة، وأهم مؤشرات النجاح حجم المشاركة العربية في أعمال الورشة، كون أن هذه المشاركة من وجهة النظر الأمريكية هي شرعنة عربية لصفقة القرن. وتستند الولايات المتحدة في تقديرها من وجهة نظري على ثلاثة عوامل هي: 1. تراجع مكانة القضية الفلسطينية عربياً ودولياً وأسباب ذلك تعود لانشغال العرب في همومهم وأزماتهم الداخلية، بالإضافة إلى تراجع صورة فلسطين القومية في الوعي الجمعي العربي نتيجة حالة الانقسام والتيه التي تعيشها فلسطين خلال العقد الأخير. 2. حاجة الدول العربية للولايات المتحدة الأمريكية وأوجه ذلك المساعدات الاقتصادية والعسكرية، والشرعية السياسية للنظام الإقليمي العربي. 3. غياب تأثير الشعوب العربية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب القومية أو الدينية أو غيرها، على مراكز صنع القرار في الدول العربية. حتى تاريخ كتابة المقال، ما زالت الضبابية في قرار المشاركة من عدمه سيد الموقف، فلم تصدر مواقف واضحة في المشاركة سوى من دولتين هي السعودية والإمارات والدولة المنظم (البحرين)، بينما صدرت تصريحات أمريكية تفيد بمشاركة كل من مصر والأردن والمغرب وقطر، بينما لم تنشر وكالات الأنباء الرسمية لتلك الدول أي خبر عن مشاركتها، بينما رفضت كل من لبنان والكويت والعراق المشاركة وحتى تاريخه لم يخرج موقف من باقي الدول العربية. القيادة الفلسطينية بكل ألوانها السياسية ترفض المشاركة في ورشة البحرين، ودعت الدول العربية لمقاطعة أعمال هذه الورشة، لأن الجميع يجمع على أن المشاركة العربية هي شرعنة لصفقة القرن التي اتضحت ملامحها مؤخراً وتستند على تصفية القضية الفلسطينية، وأبرز ملامح صفقة القرن: أولاً: حق العودة تصريحات نتنياهو المتكررة حول خطورة بقاء ووجود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين على الاستقرار في المنطقة، وهو ما ينسجم مع سلوك إدارة ترامب حيث قررت يوم 5/1/2018م، تجميد تمويل قيمته 125 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وذلك بعد أيام من تهديد الرئيس دونالد ترامب بوقف تقديم مساعدات للفلسطينيين في المستقبل. ما سبق يؤكد أن لا مكان لحق العودة وكافة القرارات الأممية ذات الصلة بقضية اللاجئين الفلسطينية في صفقة القرن. ثانياً: القدس إن جوهر الاستراتيجية الصهيونية يقوم على ضم الأراضي الفلسطينية بعد تفريغها من أكبر نسبة من السكان لضمان التفوق الديموغرافي لصالح اليهود، وإعلان يهودية الدولة، وما يجري بالقدس من تهويد وتضييق وقضم للأراضي ومصادرتها وضم كتل استيطانية لحدود القدس ومقابل ذلك إخراج قرى عربية من حدود القدس وإصدار تشريعات لقوننة ذلك. الموقف الأمريكي تجاه القدس عبر عنه ترامب بوضوح عبر قراره الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال ونقل السفارة إليها ودعوة الدول لترسيخ الواقع الجديد تحت طائل سياسة العصا والجزرة. ما سبق يؤكد أن القدس خارج حسابات صفقة القرن، أو على أقل تقدير موجودة لصالح دولة الاحتلال وكعاصمة موحدة لهم، وربما تطالب الصفقة بحرية عبادة المسلمين في المسجد الأقصى. ثالثاً: الدولة الفلسطينية بات من الواضح أن السقف الأدنى الذي قبل به الفلسطينيون بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967م أي على ما نسبته 22% من الأرض الفلسطينية مقابل 78% لليهود، لم يعد قائماً بل عين (إسرائيل) على الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية وهو ما عبر عنه يوم 15/2/2017م نتانياهو في مؤتمره الصحفي مع دونالد ترامب عندما قال: الصين للصينيين واليابان لليابانيين ويهودا لليهود، ويهودا هنا تضم القدس والخليل وأجزاء من بيت لحم. أيضاً المشاريع الاستيطانية وسياسة الأمر الواقع ومجالس المستوطنات ودور الإدارة المدنية المتزايد بالضفة الغربية، يضاف إلى ذلك تصريحات السفير الأمريكي فريدمان: إسرائيل” لها الحق في ضم أجزاء من الضفة الغربية، كل ما سبق يؤكد أن الدولة الفلسطينية على أجزاء من الضفة وفقاً لصفقة القرن ستكون أشبه بكانتونات أو روابط قرى أو حكم ذاتي (إدارة مدنية) وقد يتجاوز ذلك لفكرة ضم الضفة الغربية، وإقامة دولة غزة الكبرى. الخلاصة: إن مشاركة الدول العربية تحتاج منا كفلسطينيين البدء الفوري بتقييم وتحليل البيئة الاستراتيجية الفلسطينية والوقوف عند أسباب تراجع مكانة القضية الفلسطينية ومن المؤكد أن الانقسام أحد أهم الأسباب، وعليه ينبغي العمل الفوري على وحدة الموقف الفلسطيني ليس بالقول فقط بل بالفعل، وهذا يتطلب من الرئيس محمود عباس العمل الفوري على دعوة الأمناء العامون للفصائل للتوافق على رؤية موحدة لمواجهة التحديات، والتعاطي مع صفقة القرن برؤية وطنية جامعة. Hossam555@hotmail.com

مشاركة :