وجه الاتحاد الأوروبي تحذيرا جديدا إلى رئيس الحكومة البريطانية المقبل، مؤكدا أنه لن يكون من الممكن إدخال أي تعديلات على الاتفاق الذي تم التوصل إليه حول عملية بريكست، في ختام قمة عقدتها الدول الـ27 في بروكسل. وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك خلال مؤتمر صحافي “إننا مستعدون لمناقشة العلاقة المقبلة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في حال تطور موقف المملكة المتحدة، لكن اتفاق الانسحاب غير مطروح للتفاوض مجددا”. وأفاد مصدر أوروبي أن المناقشات حول بريكست بين قادة الدول الـ27 الذين اجتمعوا الجمعة دون مشاركة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي تستعد لتسليم مهامها، لم تستمر أكثر من عشر دقائق. وقال توسك “ننتظر تعيين رئيس الوزراء البريطاني الجديد”، مضيفا “بعد ذلك سننتظر قرارات الحكومة البريطانية واقتراحاتها الجديدة. لكن موقفنا لم يتغير”. وتابع “سيكون بريكست ربّما أكثر تشويقا من قبل بسبب بعض القرارات الخاصة في لندن، لكن لم يطرأ أي تغيير في ما يتعلق بموقفنا”. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “أشرنا إلى أنه بعد انتخاب رئيس الوزراء البريطاني الجديد، نريد الحفاظ على تعاون جيد، وسنخوض محادثات مرة جديدة، لكننا شددنا في المقابل على أن الاتفاق تم التفاوض بشأنه برأينا”.ويقوم الحزب المحافظ حاليا بانتخاب رئيس جديد له سيتولى مهام رئاسة الحكومة، في سباق يتصدره وزير الخارجية السابق المؤيد لبريكست بشدة بوريس جونسون الذي لم يعد يواجه سوى خصم واحد هو وزير الخارجية جيريمي هنت. ويواجه جونسون، خلفه الحالي هنت، في نهائي السباق على رئاسة حزب المحافظين الحاكم ورئاسة الوزراء خلفا لتيريزا ماي، المستقيلة. وفي الجولة الخامسة من التصويت على قيادة المحافظين الخميس، حصل جونسون على 160 صوتا مقابل 77 لهنت، فيما جاء في المرتبة الثالثة وزير البيئة مايكل غوف بحصوله على 75 صوتا. وعقب صدور النتائج، قال جونسون إنه “تشرف” بالحصول على دعم 160 نائبا في الجولة الأخيرة، وهو رقم يمثل أكثر من نصف مجموع أعضاء البرلمان من حزب المحافظين. وفي الجولة النهائية، سيصوّت أعضاء حزب المحافظين البالغ عددهم 160 ألف عضوا، على المرشحين عبر البريد، وسيتم الإعلان عن الفائز في أواخر يوليو. ولم يكن جونسون، صانع انتصار بريكست في استفتاء 2016، يوما قريبا إلى هذا الحدّ من تسلّم رئاسة الحكومة البريطانية، وهو هدف يسعى هذا النائب الطموح إلى تحقيقه منذ سنوات عدة، إن لم يكن منذ طفولته. ويستخدم جونسون، الذي يرجح فوزه، ورقة أنه منقذ بريكست بعد فشل تيريزا ماي في تنفيذ الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأُرغمت رئيسة الوزراء التي ستبقى في مهامها إلى حين تعيين خلف لها، على أن ترجئ إلى 31 أكتوبر موعد بريكست الذي كان مقررا في الأصل في 29 مارس، بعد أن رفض البرلمان ثلاث مرات اتفاق الخروج الذي توصّلت إليه مع المفوضية الأوروبية. وأكد جونسون الملقّب بـ”بوجو” أنه في حال أصبح رئيسا للوزراء، سيُخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر، في حال تمّت إعادة التفاوض بشأن الاتفاق أم لا، إلا أنه خفّف من حدة موقفه الأسبوع الماضي لدى إطلاق حملته، قائلا إنه سيلجأ إلى الخروج من دون اتفاق “كإجراء أخير”. وقال رئيس بلدية لندن السابق “لا أعتقد أن الأمور ستنتهي بهذا الشكل”، لكن سيكون “أمرا مسؤولا الاستعداد بتصميم” لهذا السيناريو الذي يثير خصوصا قلق الأوساط الاقتصادية. وحذر من أنه سيرفض أن تدفع المملكة المتحدة فاتورة بريكست، التي تُقدّر الحكومة قيمتها بما يتراوح بين 40 و45 مليار يورو، إلى حين موافقة الاتحاد الأوروبي على شروط أفضل للانسحاب. ويثير هذا التهديد غضب الجانب الأوروبي، إذ ذكّرت بروكسل بأنه سيكون على لندن الوفاء بالتزاماتها المالية في حال حصول بريكست “من دون اتفاق”، وهو أحد “الشروط المسبقة” لإعادة فتح المفاوضات بشأن معاهدة تجارية مستقبلية. وفتح جونسون أبواب الصدام مع الاتحاد الأوروبي بعد أن تبنى توصيات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يدعم انفصالا دون اتفاق على رضوخ لندن لمطالب الاتحاد الأوروبي “المجحفة” في ما يتعلق بالحدود الأيرلندية وفاتورة الطلاق. ويريد المرشح الأوفر حظا لرئاسة الوزراء أن يتم حسم ترتيبات الحدود مع أيرلندا كجزء من اتفاق طويل الأمد، رافضا ترتيبات من شأنها عدم فرض قيود على حدود أيرلندا الشمالية، وهو ما يخشى المشرعون المحافظون أن يكون بابا خلفيا لإلزام بريطانيا بمواصلة اتباع لوائح الاتحاد الأوروبي بعد الخروج منه.
مشاركة :