حث أعضاء بارزون في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين إدارة الرئيس دونالد ترامب على إدراج قناة «الجزيرة» القطرية على قائمة الجهات المشمولة بقانون «تسجيل الوكلاء الأجانب» الساري في البلاد منذ عقود، وذلك لكونها تضطلع بدور «بوق الدعاية» للنظام الحاكم في الدوحة، وتشارك في حملته لتبييض سجله الأسود الخاص بتمويل الإرهاب وإقامة علاقاتٍ مع أنظمةٍ مارقةٍ مثل «نظام الملالي» المُهيمن على الحكم في طهران. وقال الأعضاء - في رسالةٍ وُجِهَتْ لوزارة العدل الأميركية - إن هذه القناة الموصومة بالتضليل «تنخرط في أنشطةٍ سياسيةٍ وتسعى للتأثير على الرأي العام بالولايات المتحدة»، بهدف تحقيق مآرب «نظام الحمدين». وطالبوا بالحصول «على أي معلوماتٍ تخص الخطوات التي تم اتخاذها» لإجبار «الجزيرة» على تسجيل نفسها في إطار هذا القانون المعمول به في أميركا منذ عام 1938، وكان يستهدف في بادئ الأمر مواجهة أي نشاطٍ شيوعي. ويشمل قانون «تسجيل الوكلاء الأجانب» كل الأشخاص والجهات التي تمثل مصالح دولٍ أجنبيةٍ في أميركا وتحصل من هذه الجهات على أموالٍ أو تخضع لسيطرتها، ويلزم القانون تلك الجهات والأشخاص بالإفصاح عن تفاصيل العلاقة القائمة بينهم وبين حكومات هذه الدول، وذلك بهدف وضع قيودٍ على قدرتهم على الانخراط في أنشطةٍ دعائية في الولايات المتحدة. وأكدت الرسالة - التي وقع عليها تسعة من أبرز المُشرّعين الجمهوريين في الكونجرس - أن «المسؤولين القطريين سبق أن أقروا بأن وسائل الإعلام المملوكة للسلطات في الدوحة، هي ضربٌ من ضروب القوة الناعمة»، قائلين إن ذلك يجعل بوسع المرء «استنتاج أن الجزيرة ما هي إلا أداة.. تعمل بالنيابة عن الحكومة القطرية» على الساحة الداخلية الأميركية. وأضاف أعضاء الكونجرس الأميركيون أن كل الأدلة المتوافرة تؤكد أن ما تبثه القناة القطرية سيئة السمعة ووسائل الإعلام الأخرى التابعة لها مثل خدمة «آيه جيه بلس»، لا يعدو سوى «القيام بالتعبير بشكلٍ حرفيٍ عن سياسات وتفضيلات الحكومة القطرية.. وهو ما يجعلها بمثابة واجهةٍ بديلةٍ لتلك الحكومة، تعمل من أجل ضمان نشر توجهاتها». ومن بين الموقعين على الرسالة - بحسب موقع «فيرست بوست» الإلكتروني - كلٌ من توم كوتون وتشاك جريسلي وجون كورنين وتود يونج، بجانب ماركو روبيو وتيد كروز. كما ضمت القائمة عضوين في مجلس النواب الأميركي كذلك هما مايك جونسون ولي زيلدِن. وشدد المشرّعون الأميركيون على أن التقارير المصورة التي تبثها «الجزيرة» والموضوعات التي تنشرها على موقعها الإلكتروني «تثير مشكلاتٍ قانونيةً، على صعيد ما إذا كان يتعين تصنيف المحطة عميلاً أجنبياً» في الولايات المتحدة أم لا. وأشاروا في هذا الصدد إلى أن تأسيس تلك القناة عام 1996 تم من خلال الحكومة القطرية، التي تقدم لها الجانب الأكبر من تمويلها إن لم يكن التمويل الخاص بها بالكامل، مُستشهدين بأن النص الخاص بإخلاء المسؤولية عن أي استخدام مُسيء والموجود ضمن المقاطع المصورة التي تبثها «الجزيرة» على موقع يوتيوب، يقر بذلك صراحة «وهو ما يعني أن المحطة لا تشكل فقط رأس مالٍ أجنبياً، وإنما هي مملوكةٌ أيضاً لصاحب رأس مالٍ أجنبيٍ، وهو الحكومة القطرية». واعتبرت الرسالة أن وجود عددٍ كبيرٍ من أفراد الأسرة الحاكمة في قطر في موقع المسؤولية عن إدارة وسيلة الإعلام هذه «يجعل من المرجح أن يكون بمقدور الحكومة (القطرية) أن تحدد وتتحكم في المحتوى التحريري للمضامين التي تبثها»، مُشيرةً إلى أن «من بين الأدلة التي تؤكد ذلك حقيقة أن الجزيرة كثيراً ما تبث موضوعاتٍ تروج لأولويات سياسات الجهة المالكة لها» وهي النظام الحاكم في الدويلة المعزولة. وضرب أعضاء الكونجرس الأميركي مثالاً على ذلك بإصرار القناة القطرية على الزعم بأن جماعة «الإخوان» الإرهابية تتسم بالاعتدال بل والادعاء بأنها قد تلعب دوراً إقليمياً إيجابياً، وذلك نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربط هذه الجماعة الدموية بـ «نظام الحمدين». بالإضافة إلى ذلك، تسمح قطر لأنصار التنظيمات المتطرفة المنبثقة من «الإخوان»، ليس فقط بالإقامة في الدوحة على نفقة السلطات القائمة فيها، وإنما بالظهور كذلك بشكلٍ منتظم على شاشة «الجزيرة». من جهةٍ أخرى، أبرزت رسالة المُشرّعين الأميركيين الفيلم الوثائقي الذي أعدته القناة القطرية العام الماضي عن منظمات يهودية في الولايات المتحدة، وجرى في إطاره تسجيل مقاطع مصورة في الخفاء لبعض العاملين في هذه المنظمات، وهو الفيلم الذي دفع أوساطاً سياسيةً ونيابيةً في واشنطن لمطالبة إدارة ترامب، بفتح تحقيقٍ بشأن أنشطة «الجزيرة»، باعتبار أن ما قامت به يمثل ممارسةً للتجسس لا أقل من ذلك. ويقول خبراء في القانون والإعلام في الولايات المتحدة إن إجبار القناة القطرية المروجة للأكاذيب على تسجيل نفسها كوكيلٍ أجنبي بموجب القوانين السارية في هذا البلد، سيؤدي إلى الحد من قدرتها على الوصول إلى مسؤولين أميركيين ومنشآت في داخل البلاد، مما سيفضي إلى تقييد أنشطتها هناك في نهاية المطاف.
مشاركة :