لندن - وكالات: يقاوم ثوار السودان والجزائر ما تحاول الإمارات وحليفتها السعودية من فرض وصاية عليهم وتمرير مؤامرات الثورة المضادة مستفيدين في ذلك من تجارب دول الربيع العربي الأخرى. وتحول رفض التدخل الإماراتي والسعودي إلى أحد أبرز عناوين الاحتجاجات الشعبية في كل من السودان والجزائر بعد أن أضحت كل النماذج والسيناريوهات مكشوفة أمام شعبيهما وذلك حتى لا يقعوا في فخ ثورة يناير المصرية، مدركين أن عليهم أن يقفوا بالمرصاد لأطماع العسكر المتربصين بثورات الشعوب. كما استفاد ثوار السودان والجزائر من تجربة مخاطر الانزلاق إلى المستنقع الذي وقعت فيه ثورة فبراير اليمنية، عبر رفض أي وصاية إماراتية سعودية على ثورتهم، وإن ادّعت السند والمبادرة (وظلم ذوي القربى أشد مرارةً)، ويجب أن لا يسمحوا لفرد، فضلا عن فصيل، أن يمتلك السلاح من دون الدولة. وحتى لا تتلاشى ثورتهم، كما حدث مع الثورة السورية ونظيرتها الليبية، فإن الدعوات تبقى تتوجه إلى المعارضة في البلدين (الجزائر والسودان) أن توحد صفوفها، وأن تتخذ كل التدابير للحيلولة دون التشرذم وانفلات الأمور. الربيع العربي، وإن أخفق في بعض الدول، يستمر عبر آلية التحفيز بالروح والشجاعة والخبرة. وما حدث في السودان والجزائر نكسة كبيرة للدول الداعمة للثورات المضادة للربيع العربي (الإمارات والسعودية)، ومن يواليهم ويساندهم، ممن ظنّوا أنهم بدعمهم الثورات المضادة التي أعادت عجلة التنمية في دول الربيع إلى أسوأ مما كانت قبل الربيع حتى وأحالتها إلى أطلال دول، ظنا منهم أنهم وأدوا فكرة الربيع في نفوس الشعوب المقهورة والتواقة للتغيير، وهذا ما لم يحدث، فقد استعاد الربيع، بموجته الثانية، وهجا أكبر مما كان عليه في موجته الأولى، وها هو يستمر ويستمر. وقد حاولت الإمارات والسعودية دفن أحلام الشعوب المقهورة في دول الربيع، ولم يعوا أن الأحلام ما هي إلا بذور لا تموت حتى تنبت في مكان آخر لم يتوقعه أحد. وتتزايد الدلائل والتأكيدات الدولية على الدور التخريبي لدولة الإمارات في قيادة الثورة المضادة لموجات الربيع العربي منذ انطلاقها عام 2011 سعياً من أبو ظبي لمنع الديمقراطية والحريات عن العرب. وأكد تقرير حديث نشرته مجلة فرنسية أن الإمارات تواصل دورها المشبوه التخريبي لموجات الربيع العربي بدليل ما يحدث حالياً في السودان والجزائر عبر أدواتها من العسكر. وفي مقال افتتاحي في العدد الأخير من مجلة “بوليتيس” الأسبوعية الفرنسية، يتحدث الرئيس والمدير السابق للمجلة، دونيس سييفير، عن الثورات المضادة في العالم العربي، التي وصلت، وفقاً له، إلى حد “التدويل” في المنطقة بعد ما حققه العسكر بمصر ومخافة انتشار المطالب الداعية للتغيير. ويستحضر سييفير أمثلة السودان وليبيا ومصر، حيث الجيش يبدأ بمنح الشعب بعضَ الأسباب للأمل، “في انتظار ساعته من أجل استعادة الوضعية التي تُفلت من يديه”. ويعود للتجربة المصرية المريرة قائلا: “مصر، للأسف، بسطت هذا السيناريو حتى النهاية”، موضحاً أنه “في سنة 2013، انتهى الأمر بمشير الكاريكاتور إلى السيطرة على الحكم، من أجل قمع كل نية في الاحتجاج، بوحشية”، في إشارة إلى الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس منتخب في مصر، محمد مرسي.
مشاركة :