تراجع ترامب .. ماذا يعني؟!

  • 6/23/2019
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

إقدام إيران على إسقاط طائرة الاستطلاع الأمريكية يعتبر تطورا خطيرا في مسار الأزمة، ويكشف الكثير عن الموقف الأمريكي وكيف يمكن أن يتطور. الموقف الأمريكي من الحادث أثار الكثير جدا من الجدل في أمريكا وخارجها. أكثر ما لفت أنظار المحللين والساسة بداية هو الارتباك الشديد الذي ساد أوساط الإدارة الأمريكية وما بدا أنها حيرة شديدة في كيفية التعامل مع الأزمة. بمجرد تأكد خبر إسقاط الطائرة، خرجت تصريحات متضاربة ومرتبكة من المسؤولين الأمريكيين حول ما حدث بالضبط وحول ما تعتزم الإدارة ان تفعله. في الحقيقة، بدا من حالة الارتباك هذه أن الإدارة الأمريكية لم تكن تتوقع أبدا أن تقدم ايران على عمل كهذا، ولم تكن مستعدة للتعامل مع هذا التطور. وهذا أمر غريب، فالأزمة متفجرة بالفعل منذ فترة، وكل احتمالات التصعيد واردة. عموما، انتهى الامر كما هو معروف الى ما أعلنه الرئيس الأمريكي ترامب بنفسه من أن قرارا كان قد اتخذ بشنّ هجوم عسكري على مواقع إيرانية ردّا على إسقاط الطائرة، لكنه تراجع وأوقف الهجوم قبل انطلاقه بعشر دقائق. من الطبيعي أن يثير ما فعله ترامب جدلا واسعا في أوساط الساسة والمحللين في أمريكا وخارجها. بداية، بشكل عام يبدو موقف ترامب وتراجعه على هذا النحو غريبا، وموقفا متخاذلا وغير مفهوم تماما. أسباب ذلك كثيرة، منها: 1- ان الطائرة التي أسقطتها ايران ليست طائرة استطلاع عادية، بل هي هدف عسكري ثمين جدا بإمكانياتها وقدراتها المتقدمة، أي أن اسقاط ايران لها يعتبر ضربة موجعة للجيش الأمريكي. 2- انه بحسب الرواية الأمريكية لحادث إسقاط الطائرة والتي يصر عليها العسكريون الأمريكيون، فإن الطائرة لم تكن داخل الحدود الإيرانية وانما تم إسقاطها فوق المياه الدولية في مضيق هرمز. ترامب نفسه أكد هذا، ووزارة الدفاع الأمريكية نشرت صورا وفيدوهات تقول إنها تؤكد روايتها، أي انه بحسب الرواية الأمريكية، فإن ما فعلته ايران لم يكن كما تقول ردا على انتهاك السيادة ودفاعا عنها، وانما كان عدوانا إيرانيا سافرا مباشرا على أمريكا. 3- ان ترامب وكبار المسؤولين الأمريكيين كانت لهم في الفترة الماضية عشرات التصريحات القوية الحازمة التي يحذرون فيها من أن أي استهداف إيراني لأي مصالح او اهداف أمريكية سوف يواجه بردّ قاس مؤلم لا تتصوره ايران. على ضوء هذه الجوانب الثلاثة، يبدو موقف ترامب وتراجعه كما قلنا غريبا وغير مفهوم. لهذا، وبسبب هذه الجوانب، لم يكن غريبا ان بعض المحللين والساسة في امريكا وجهوا انتقادات عنيفة لما فعله ترامب، واعتبروا ان موقفه متخاذل، وأصاب هيبة ومصداقية أمريكا وقوتها العسكرية في مقتل. واعتبر هؤلاء أن ما فعله ترامب ستكون له نتائج خطيرة، إذ سوف يشجع ايران على المضي قدما في استهداف مصالح أمريكا والأهداف الأمريكية في المنطقة، وأيضا تصعيد أعمالها الإرهابية هي وعملاؤها عموما ضد الدول العربية من دون أن تخشى ردا او عقابا أمريكيا. في نفس الوقت، كثيرون من الساسة والمحللين واعضاء الكونجرس في امريكا أشادوا بما فعله ترامب، واعتبروا ان المبررات التي قدمها لوقف الهجوم العسكري على ايران منطقية ومقبولة، وأنه جنب المنطقة تطورات خطيرة وحربا كان يمكن أن تندلع ولا أحد يعرف كيف تنتهي. من المهم على ضوء هذه التطورات الأخيرة وما فعله ترامب ان نفهم ما هي حساباته بالضبط عندما اتخذ هذا القرار؟ وماذا يعني ذلك في إدارته للأزمة بشكل عام؟ وماذا يعني كل هذا بالنسبة إلينا في دول الخليج العربية.

مشاركة :