مستشارون قانونيون من جنسيات عربية يمارسون مهنة المحاماة بـ«الخفاء»

  • 6/24/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حذر محامون بحرينيون مما وصفوه بظاهرة «العمالة السائبة» بمهنة «محامين» في ظل وجود مستشارين من جنسيات عربية باتوا يزاولون مهنة المحاماة بالخفاء دون رقابة، ما يشكل ثغرة واضحة في آلية تطبيق قرار وزارة العدل رقم 64 المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث لا تخضع هذه الفئة لأي آلية رقابة تلزمها بالامتثال للقرارات الرسمية. وأكد المحامون الذين تحدثوا لـ«الأيام» ظاهرة استغلال مستشارين قانونيين لرخص محامين ليعملوا لحسابهم الخاص كمحامين في الخفاء، حيث يتواجدون في أروقة المحاكم ويباشرون القضايا، ويحضرون مع الموكل، رغم أن التشريع رقم 77 لسنة 2006 نص بأن يكون للمحامين دون غيرهم حق الحضور أمام المحاكم وهيئات التحكيم ودوائر الشرطة. فيما لم تقتصر هذه الظاهرة على بعض المستشارين من جنسيات عربية مسجلين كمستشارين قانونيين في مكتب محامٍ، بل امتدت لمزاولة مستشارين قانونيين يعملون في شركات تجارية لمهنة المحاماة أمام محاكم شرعية. وطالب المحامون، وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء وجمعية المحامين البحرينية، بوضع آلية رقابة على هذه الفئة لاسيما الرقابة المالية المرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وآلية جزاء المخالفات لممارسة مهنة المحاماة دون ترخيص. من جانبها، حذرت المحامية سهام ناصر صليبيخ مما أسمته «عمالة سائبة» بمهنة «محامي» لما يترتب عليها من خطورة واضحة على المجتمع البحريني، حيث لا يترتب على هذه الفئة الالتزام بما نصت عليه قرارات وزارة العدل حيال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. واستندت صليبيخ بمطالبتها إخضاع جميع المشتغلين بالمهن القانونية للرقابة على المعايير الدولية، والتوصيات المتعلقة بحظر غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتسلح والتي تناولت بتوصياتها رقم 18 الى 21 مجموعة العمل المالي الدولي «فاتف»، فيما يتعلق بالإبلاغ عن المعاملات المشبوهة التي لها ارتباط بجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتسلح. وقالت صليبيخ «ليس لديّ أدنى اعتراض على ما نصت عليه المادة (5) الفقرة (16) من القرار رقم (64) لسنة 2017 بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمول الإرهاب، والذي يلزمنا كمحامين بتقديم التقرير المالي، بل أرى أهمية كبيرة بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء، لكن الإشكالية تقع في آلية تطبيق القرار، فقد تستثنى فئة قد تكون أخطر على المجتمع من المحامي البحريني، ألا هم المستشارون ومخلصو معاملات التنفيذ، وهذه الفئة يجب ألا تستثنى من القرار، فوجود مستشارين أغلبهم من جنسيات عربية يعملون في مكاتب المحاماة تستوجب وجود آلية رقابة عليهم وعلى تحويلاتهم البنيكة، وكذلك المخلصين الذين يعملون لدى مكاتب المحاماة، فلابد أن يكون لدى كلٍ منهم تفويض واضح بمتابعة الملف التنفيذي بشكل محدد، وهذا ليس اتهاماً او تشكيكاً لكل من يشغل وظيفة مستشار قانوني او مخلص لدى مكتب محاماة، وليس تعميماً لأن في التعميم جهل، ولسنا بجاهلين، بل يحقق المصلحة العامة اذا ما نظرنا الى أهمية وجود تدابير وقائية إزاء المشتغلين بالشأن القانوني. وأضافت صليبيخ «اليوم هناك ظاهرة لا تخطئها العين، وهي تردد مستشارين من جنسيات عربية على المحاكم كمحامين، بل إن بعضهم يعملون لدى شركات ذات طابع تجاري باتوا يترددون على المحاكم الشرعية، وهذا يطرح تساؤلاً وهو ما علاقة المنشآت التجارية بمتابعة قضايا شرعية؟ هل يعقل أن مستشاراً قانونياً لدى شركة تمارس نشاطاً تجارياً له علاقة بقضايا طلاق ونفقة وحضانة؟ بصراحة نحن نواجه اليوم ظاهرة (العمالة السائبة) ولكن بمهنة محامٍ وهولاء (سماسرة) قضايا يشتغلون بمهن قانونية، ولكن بشكل غير قانوني».وتابعت بالقول «للأسف الذي يسهل لهولاء (السماسرة) عملهم كمحامين بالخفاء بعض المحامين البحرينيين، الذين يقومون بما يمكن تسميته (بيع) رخصة مزاولة المهنة مقابل حصولهم على نسبة من الأتعاب التي يتلقاها المستشار الأجنبي». وحول تبعات هذه الممارسات غير القانونية، قالت صليبيخ «نحن لا نتحدث عن مزاحمة المستشارين الذين يعملون بشكلٍ غير قانوني وغير أخلاقي لمحامين بحرينيين يعملون بشكل قانوني، ولن أخوض في التفاصيل من منطلق خسائر مالية تترتب على المحامين الذين يعملون وفق القانون بسبب هذه الظاهرة، لكن هذه الظاهرة لها تبعات سلبية على تطبيق قرارات وزارة العدل المتعلقة بمكافحة غسل الأموال والإرهاب، فنحن ملزمون بتقديم إقرار مالي وفق القرار، إذن يجب أن يفرض على جميع المستشارين الأجانب تقارير مالية، ووضع آلية رقابة قانونية على كل من يعمل في مكاتب المحاماة او مسجل لدى الدولة على أنه يعمل في مكاتب محاماة». وتشير صليبيخ الى مسألة مهمة في هذا السياق بالقول «فيما لو تم تتبع الحسابات البنكية او التحويلات المالية التي يقوم بها المستشارون الأجانب الذين يعملون تحت مظلة مكتب محامٍ بحريني، فقد تفوق المبالغ الموجودة فيها ما وردت من مبالغ في الإقرار المالي الذي قدمه المحامي الذي يعمل المستشار تحت مظلة مكتبه، وهذا يدلل على أن المستشار يعمل لحسابه الشخصي». وتضيف «لقد اطلعت على توصيات مجموعة العمل المالي الدولية بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والتسلح، واطلعت كذلك على نماذج من تدابير اتخذت في دول أخرى مثل استراليا، وبالتالي أرى أن قرار وزير العدل يتماشى مع إيفاء البحرين بالتزاماتها الدولية بشأن مكافحة هذه الجرائم، والمحامون ليسوا فوق القانون، لكن التوصيات تحدثت عن أهمية أن تتخذ الدول تدابير مناسبة لمنع استغلال الترتيبات القانونية في غسل الأموال، وتناولت بشكل واضح المحامين وكتّاب العدل وأصحاب المهن القانونية والمحامين المستقلين، وبالتالي نحن نتحدث واقعياً عن كل من يتعامل بالترتيبات القانونية، ويجب ألا يُستثنى أحد من آلية الرقابة على المشتغلين بالشأن القانوني». من جانبه، اتفق المحامي عبدالرحمن يعقوب الشوملي مع ما أكدته المحامية صليبيخ حيال أهمية خضوع جميع المشتغلين بالمهن القانونية لآلية رقابة دون استثناء. وأكد الشوملي خطورة تبعات هذه الممارسات غير القانونية من قبل بعض المستشارين القانونيين من جنسيات عربية الذين باتوا يشتغلون محامين بالخفاء دون أدنى رقابة، وما قد يترتب عليه من ثغرة واضحة في تطبيق قرارات وزارة العدل حيال مكافحة غسل الأموال والإرهاب. وطالب الشوملي باتساع مظلة آلية الرقابة على كافة المشتغلين بالمهن القانونية دون استثناء، وهو ما يتماشى تماماً مع التوصيات الدولية الرامية لمكافحة غسل الأموال والإرهاب. فيما طالبت المحامية نيلة الدوخي وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء بمراقبة ووضع آلية جزاء المخالفات لممارسة مهنة المحاماة دون ترخيص، لاسيما أن ممارسة مهنة المحاماة دون ترخيص قد يفتح لهم المجال بعدم الإفصاح عن شبهات غسل الأموال. وقالت الدوخي «إن قرار مكافحة غسل الأموال والإرهاب ليس بقرار حديث، بل هو موجود منذ العام 2008، وما اتخذ من قرارات هي تدابير لتنفيذه على أرض الواقع، نعم هناك بعض الزملاء المحامين الذين تحفظوا على القرار بالاستناد الى مواد قانونية تنص على عدم إفشاء المحامي لأسرار الموكلين، لكن بتقديري إن المحامي الذي يعمل بشكل منظم وبشكل شفاف لن يزعجه القرار، كما أن وجود نظام إلكتروني أتاح لوزارة العدل تحقيق هذه الشفافية حيال القضايا التي يعمل عليها المحامين».وأضافت «لو نظرنا الى القرار من حيث الأتعاب التي يتقاضاها المحامون، نجد أن كل مكتب يقدر أتعابه وفق اعتباراته، فتتفاوت الأتعاب من مكتب لآخر، وبالتالي لا يمكن أن يتم التعامل مع جميع مكاتب المحامين على أنها يحصلون على المردود المالي ذاته. وقد شهدنا تعاوناً ومرونة من قبل وزارة العدل عبر التعديل الذي أعلن عنه نهاية مارس الماضي، بحيث تستثنى مكاتب المحاماة التي يقل دخلها السنوي عن عشرة آلاف دينار سنوياً من شرط الاعتماد. لكن ما نختلف حوله هو الإجراءات التنظيمية لتطبيق هذا القرار، فاليوم لدينا محامون مقيدون يدفعون رسوم القيد، ويدفعون أيضا لمكاتب التدقيق، في المقابل يوجد مستشارون من جنسيات عربية - مع كل الاحترام لجنسياتهم - يمارسون مهنة المحاماة، وهم لا ينطبق عليهم مزاولة مهنة المحاماة وفق القانون، فالمحامي هو المخول بالحضور الى المحاكم ومقابلة القضاة، حتى مراجعة مراكز الشرطة نظمها القانون بالنسبة للمحامين المقيدين أمام وزارة العدل، أما الفئة التي لا تخضع لقانون مزاولة مهنة المحاماة هم من يحتاجون اليوم لآلية رقابة». وتؤكد الدوخي وجود ظاهرة انتشار مستشارين قانونيين من جنسيات عربية يعملون لحسابهم الشخصي ومنتشرين في المحاكم دون أدنى حسيب ولا رقيب، ودون أي اعتبار لما نص عليه قانون المحاماة. وتقول الدوخي «إن هذه الفئة لا ينطبق عليها قانون المحاماة، بل طبيعة عمل المستشار هو أن يتواجد في مكتب المحامي الذي يعمل لديه وليس في المحاكم، لكن تجاوزت هذه الظاهرة حتى بعض المستشارين الذين يعملون لدى مكاتب محاماة، بل هناك مستشارون يعملون في مؤسسات لا علاقة لها بالاشتغال في المجال القانوني أصبحوا يزاولون مهنة المحاماة بالخفاء، وهذا يحتم على وزارة العدل وجهات إنفاذ القانون أن تضع آلية رقابة على هذه الفئة، فالمحامي مقيد لدى وزارة العدل ويمكن تتبع القضايا التي يعمل عليها، لكن هذه الفئة تقوم بعمل المحامي دون آلية رقابة، وتستغل رخص محامين حديثي المهنة، ويقوم هولاء المستشارون بمهام المحامي بشكل كامل، وفي حال وقعت مشكلة ما فسوف يحاسب المحامي المسجل باسمه الرخصة وليس المستشار». وتضيف «كثيرة هي التبعات التي تترتب على هذه الممارسات غير القانونية، فهذه الفئة لا تترتب عليها أي تكاليف تترتب على المحامي المشتغل، ولا تدفع أي رسوم قيد ولا تقدم أي إقرار مالي، بل وجود هذه الفئة هو إضرار بالمحامي البحريني، لقد أصبحنا نشهد وجود مستشارين من جنسيات عربية يأتون إلينا خلال وجودنا في صالات الانتظار في المحاكم يعرضون علينا اذا كنا بحاجة لمستشارين قانونيين، هولاء هم أقرب أن يكونوا (سماسرة)، هذا الوضع يحتم وجود آلية رقابة من وزارة العدل لتشمل هذه الفئة ومكاتب المحامين الذين يسمحون لهولاء الأشخاص بممارسة هذه الأعمال تحت مظلتها. بل بعضهم بات يذهب الى القضاة ويدخل في نقاشات معهم حول القضايا، وهذا ناتج عن عدم وجود آلية رقابة رغم وجود تشريع واضح حول تنظيم مهنة المحاماة وفق المرسوم بقانون 77 لسنة 2006 ينص على أن يكون المحامون دون غيرهم حق الحضور أمام المحاكم وهيئات التحكيم ودوائر الشرطة واللجان القضائية الإدارية ذات الاختصاص القضائي». وتتابع «الأمر الآخر والأخطر من ذلك هو أن هذه الفئة ليست ملزمة بما نصت عليه قرارات وزارة العدل حيال مكافحة غسل الأموال وشبهاتها؛ لأنها أصلاً لا تعمل بشكل قانوني كي تتقيد بما نصت عليه القرارات».

مشاركة :