منتدى أصيلة يناقش «عبء الديمقراطية الثقيل» في العالم

  • 6/24/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بعنوان مثير ومستفز: «عبء الديمقراطية الثقيل، أين الخلاص؟»، تناوب أكثر من 20 باحثاً وخبيراً من القارات الأربع، جلهم وزراء خارجية سابقون ودبلوماسيون، على الحديث خلال الندوة الافتتاحية لجامعة المعتمد بن عباد الموازية لمنتدى أصيلة الـ41.وعلى مدى يومين شرح المشاركون أزمة الديمقراطية، سواء في مهدها بأوروبا وأميركا، أم في محاولات الانتقال الديمقراطي المتنوعة بالبلدان النامية في أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، وقدموا اقتراحات لتجاوز الأزمة شكّلت موضوع نقاش ساخن وسط الجمهور المشارك والذي ضم مسؤولين ومثقفين ومفكرين من مختلف أنحاء العالم.وقالت سميرة رجب، المبعوثة الخاصة للديوان الملكي في البحرين، ووزيرة الإعلام السابقة، إن الديمقراطية الليبرالية أصبحت تترنح تحت مظاهر انعدام العدالة والمساواة والتفاوتات الاجتماعية في مجتمعات الدول الغربية نفسها، والتي أنتجت الديمقراطية ونظّرت لها، مشيرة إلى أنه في المنطقة العربية فإن الديمقراطية تبدو كعبء ثقيل بسبب الإصرار على محاولة فرضها من الخارج على بيئة مختلفة تماماً عن البيئة التي أفرزتها. وقالت رجب: «نحن نضحك على أنفسنا عندما نقول إننا نمارس الديمقراطية في مجتمعاتنا، أو إننا بدأنا في التحول نحو الديمقراطية. بل هناك من يقول إننا وصلنا إلى مراحل متقدمة من الديمقراطية في بعض المجتمعات العربية». وأضافت «من وجهة نظري، الديمقراطية عبارة عن آيديولوجية سياسية واقتصادية أوروبية، ارتبطت نشأتها في أوروبا بصراعات سياسية واجتماعية وسياقات تاريخية وثقافية وسياسية خاصة، ولا يمكننا كعرب أن نلبس هذا الرداء الوافد علينا لأنه ليس على مقاسنا».وأوضحت أنها ليست ضد الديمقراطية كقيم كونية ومبادئ عامة، ولكنها ضد فرض تفسير معين للديمقراطية ووجهة نظر خاصة. وأضافت أن حكم الشعب للشعب ليس هدف الديمقراطية، بل هو أداة من أدواتها.أما نبيل فهمي، وزير خارجية مصر سابقاً، فرأى أن «الديمقراطية تتعرض لتحديات ومشاكل في مختلف دول العالم بصرف النظر عن آليات تطبيقها ودرجة الديمقراطية الموجودة». وأشار إلى أن الآلية الديمقراطية في الدول الصناعية الكبرى مكنت في السنوات الماضية من انتخاب شخصيات غير تقليدية ومثيرة للجدل، إضافة إلى تنامي التيارات الشعبوية واليمينية المتطرفة في غرب أوروبا. وأضاف أن هذا التطور يعكس «أنه حتى في الأنظمة الديمقراطية هناك شعور لدى جزء مهم من المجتمع أنه غير ممثل بالشكل المطلوب، وبالتالي فإنه حتى في الأنظمة الديمقراطية هناك غضبة شعبية وشعور بعدم نجاح المنظومة الديمقراطية في تمثيلهم».ورأى دانييل ميتوف، وزير خارجية بلغاريا الأسبق، أن الديمقراطية تعني وضع قواعد لتأطير ممارسة السلطة وعدم تركها للسلوكيات الغريزية للإنسان، وبالتالي وضع حدود لتركيز السلطة والثروة وإخضاعها للرغبات الفردية. وقال إن مكافحة الفساد في الانتخابات يجب أن تكون في صلب الآلية الديمقراطية.بدوره، قال صالح القلاب، وزير الإعلام الأردني الأسبق إن «الديمقراطية الموجودة في الكثير من الدول الغربية لا تعبر عن إرادة الشعوب الأوروبية أو الغربية بصفة عامة» بسبب تحكم المال في الانتخابات. وأضاف أن الكثير من السياسيين ينفقون الملايين من أجل الوصول إلى سدة الرئاسة. كما أشار إلى تراجع الأحزاب وانحسارها. وبخصوص المنطقة العربية، قال القلاب إن الربيع العربي ولّد في البداية تفاؤلاً بإمكانية الاستجابة لمطالب الشعوب العربية، غير أن المظاهرات السلمية واجهت في بعض البلدان قمعا شديدا، ما أدى إلى تعريض شعوب للمذابح وتمزيق بلدان، الشيء الذي أفسح المجال لتدخل قوى خارجية.وركز شبلي تلحمي، أستاذ كرسي أنور السادات بجامعة ماريلاند الأميركية، على الارتباط الوثيق بين الديمقراطية الليبرالية والرأسمالية، مشيراً إلى أن سبب ما تعانيه الديمقراطية اليوم ناتج عن أزمة الرأسمالية نتيجة هول الفجوة الاجتماعية المتزايدة بين الفقراء والأغنياء. وقال إن الشباب الأميركي يواجه اليوم المصير الغامض والطريق المسدودة مع نهاية الحلم الأميركي، وضغط تمويل الانتخابات التي تحولت إلى مزاد، وابتعاد النخبة عن السكان. أما كوا حسن، من مكتب الشرق والغرب في بروكسل، فرأى أن الأفكار السياسية الكبيرة انتهت مع نهاية الحرب الباردة، ولم تتبلور بعدها أفكار لتوحيد الصفوف حول إشكاليات مثل الفقر وتغير المناخ والعدالة الاجتماعية ومحاربة الإرهاب.أما ماريا أوجينا بريزويلا دي أفيلا، وزيرة العلاقات الدولية السابقة بالسلفادور، فركزت في تدخلها على الجانب المتعلق بالمرأة وإشراكها باعتباره مؤشراً للديمقراطية. وأوضحت أن 20 دولة فقط وصلت فيها حصة النساء في البرلمان إلى 30 في المائة، معتبرة أن تمكين المرأة في مجال العدالة وحقوق الإنسان يعد من أهم تحديات المجتمعات الديمقراطية.من جانبه، قال إريك ديريك، قاض بالمحكمة الدستورية البلجيكية، ووزير خارجية سابق، إن الإحساس الذي عبر عنه البعض بأن الديمقراطية مهددة وعلى وشك الانهيار في أوروبا، إحساس خاطئ. وأشار إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي كانت مرتفعة أكثر من الدورات السابقة.ورغم كل التعثرات والاختلالات تبقى الديمقراطية هي النظام الأفضل بالنسبة لحسين شعبان، نائب رئيس «أونور» جامعة اللاعنف وحقوق الإنسان في بيروت، لكنها بحاجة إلى تطوير والاستجابة لحاجيات الناس. وقال شعبان: «لا توجد ديمقراطية بلا مشاكل. فالديمقراطية هي إدارة المشاكل وحلها في إطار إدارة التنوع بين الناس والدولة والمجتمع، وبين المجتمع والسلطة السياسية».أما الباحث الموريتاني ومنسق الندوة، عبد الله ولد باه، فرأى أن نشوة تمدد الديمقراطية بعد انتهاء الحرب الباردة تركت مكانها للقلق حول أزمة الديمقراطية ومأزقها، ليس فقط في الساحات التي تعرف انتقالاً ديمقراطياً متعثرا، ولكن في مهدها بالدول الغربية. وقال: «نحن أمام رهانين، الأول هو هذا الانفصام المتزايد بين الجانب المعياري القيمي في الديمقراطية المتعلق بالمنظومة الليبرالية، والجانب الإجرائي المسطري في الديمقراطية الذي هو جانب الانتخابات وجانب المنافسة السياسية المقنن. أما الانفصام الثاني فهو بين شكل التنظيم السياسي الذي بلوره الفكر الديمقراطي وأعني الأحزاب السياسية والمؤسسات الدستورية الحاضنة للتعددية، ومن جهة أخرى أشكال النظام الاجتماعي القائم».ورأى برنار مومبي، وزير خارجية تنزانيا السابق، أن مشكلة الانتقال الديمقراطي في أفريقيا ناتجة عن سيطرة المنظومات العسكرية على السلطة، إما بشكل مباشر وإما عبر خلق كيانات مدنية تتحكم من خلالها على دواليب السلطة. غير أنه تساءل عن جدوى الديمقراطية إذا كانت نسبة السكان التي تصوت على الرئيس ضئيلة جداً.بدوره تساءل السفير مصطفى نعمان، وكيل وزارة الخارجية اليمنية الأسبق، عن مصدر الديمقراطية في المنطقة العربية: «هل جاءت كحاجة داخلية أم للحصول على رضا المجتمع الدولي والحصول على مساعدات؟».ولفت الباحث المصري محمد مصطفى كمال إلى أن سياق التطورات التكنولوجية أصبح يفرض مراجعة الديمقراطية النيابية وأخذ الديمقراطية الرقمية بالاعتبار، لأن المواطن أصبح يشعر أنه لا يحتاج من يمثله وأن بإمكانه الوصول مباشرة إلى التعبير عن نفسه المشاركة في صنع القرار.وفي السياق ذاته، شدد خورخي أباركا ديل كاربيو، سفير البيرو السابق في الرباط، على القول إن على الديمقراطية أن تتكيف مع المستجدات التي تعرفها المجتمعات.ورأى تاج الدين الحسيني، الباحث المغربي في العلاقات الدولية، أن «الديمقراطية باعتبارها حكم الشعب بالشعب للشعب، تعني أن الشعب يحكم نفسه، ليس بصورة مباشرة ولكن من خلال ممثلين عنه، وأن على هؤلاء الممثلين ألا يتجاوزوا صلاحياتهم وأن يمارسوا الحكم لمصلحة أولئك الذين قاموا باختيارهم».

مشاركة :