تحاول إدارة الرئيس الأميركي ترامب التوصل إلى اتفاق مع حركة «طالبان»، إذ اتفقت واشنطن والحركة على مسودّة إطار عمل للسلام بعد جولات متعددة من المحادثات. ووافقت واشنطن على سحب قواتها في غضون 18 شهراً، مقابل وعد من «طالبان» بعدم السماح لتنظيمي «القاعدة» و«داعش» بالعمل انطلاقاً من الأراضي الأفغانية، حيث تسيطر الحركة على نصف مساحة البلاد، وحيث يوجد فرع لـ«داعش» ومجموعات مسلحة ناشطة تضم ميليشيات عرقية تابعة لأمراء الحرب الداعمين للحكومة والذين غالباً ما يعارضون بعضهم البعض. لكن عودة قسم من مقاتلي لواء «فاطميون» إلى أفغانستان، أثارت مخاوف حول الدور الذي قد يلعبونه في المرحلة المقبلة، والتأثير المحتمل لإيران على جارتها الشرقية عن طريق وكلائها الشعية «فاطميون». وكما ترفض الدول استعادة مقاتلي «داعش» في سوريا والعراق، كذلك ترفض بعض الدول استعادة مرتزقة إيران في سوريا. ففي حين تتعاطى الحكومتان العراقية واللبنانية بلا مبالاة تجاه تجنيد مواطنيهما في حرب سوريا، واتجاه الاتهامات بارتكابهم جرائم حرب موثقة.. ترفض الحكومة الأفغانية عودة الذين قاتلوا كمرتزقة لحساب إيران في سوريا تحت لواء «فاطميون»، إذ تشكل هذه الميليشيا والعائدون من عناصرها هاجساً للحكومة الأفغانية. فهم يختبئون ويتحركون بحذر مخافة الاعتقال من قبل الاستخبارات الأفغانية. ويبقى الخطر الأكبر، كما يعتقده المسؤولون الأفغان، هو سيطرة إيران على عناصر «فاطميون» وكونهم يمثلون جيشها السري لتوسيع نفوذها في أفغانستان. أسس «لواء فاطميون» القيادي في ميليشيا الحرس الثوري الإيراني علي رضا توسلي بين عامي 2012 و2014 للقتال إلى جانب الجيش السوري، خدمةً للمصالح الإيرانية، قبل أن يُقتل «توسلي» خلال معارك درعا السورية عام 2015، إذ استغلت إيران وجود نحو 3 ملايين لاجئ من الهزارة على أراضيها، معظمهم من دون أوراق رسمية وبحالة اقتصادية سيئة، فكان الراتب وبطاقة الإقامة كافيين لتجنيد 50 ألفاً منهم للقتال في سوريا. وفي 2015 أعلن فيلق القدس ترقية «فاطميون» من لواء إلى فيلق. وكان خامنئي قد استقبل في 28 مارس الماضي أُسر وعوائل قتلى أفغان من عناصر «فاطميون» سقطوا خلال المعارك في سوريا. وقدرت مصادرٌ عدد قتلى «فاطميون» على الأراضي السورية بألفي قتيل. وردت الحكومة الأفغانية على تصريحات خامنئي ببيان للخارجية الأفغانية، مطلع أبريل الماضي، جاء فيه: «استغلت الحكومة الإيرانية الفقر والمشاكل الاقتصادية للاجئين الأفغان بغية استقطابهم إلى مراكز التدريب العسكرية ومن ثم إرسال الكثير منهم إلى الحرب في سوريا». وأضافت الوزارة أن الحكومة الأفغانية طلبت من إيران مراراً وتكراراً عدم إرسال الأفغان إلى الحرب في سوريا، وحثّتها على التعامل بشكل إيجابي وقانوني مع الأفغان كلاجئين وليسوا كأدوات حرب، لكن دون جدوى. لقد شهدت أفغانستان خلال السنوات الماضية تنامياً للدور الشيعي في مختلف المجالات. ورغم أن الشيعة يشكلون بين 8 و10بالمئة فقط من مجموع سكان أفغانستان، فهم يحتلون ربع مقاعد البرلمان الأفغاني، وقد حصلوا على حصة كبيرة من المناصب الوزارية ومناصب حكام الولايات مقارنة بحجمهم الديموغرافي. ويعترف الدستور الأفغاني بالمذهب الشيعي الجعفري جنباً إلى جنب المذهب السني الحنفي، مما يعكس قوة تأثير الشيعة في الحياة السياسية الأفغانية. لذلك تشكل ارتباطات «فاطميون» بالحكومة الإيرانية هاجساً مشروعاً للأفغان والحكومة الأفغانية، باعتبار أن إيران تريد اللعب بورقة هؤلاء المقاتلين لتأكيد نفوذها في أفغانستان، خاصة بعد الانسحاب الأميركي المرتقب. ويشكل الوضع الأفغاني المعقد فرصة لإيران لاستثمار لواء «فاطميون» في التأثير على الانتخابات الرئاسية الأفغانية القادمة.
مشاركة :