ترامب وروحاني …  على حافة الهاوية ولكن تحت السيطرة 

  • 6/25/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مراحل تطورات المشهد السياسي والعسكري في الخليج يفرض علىالمتابع الخليجي( بالذات ) افكاراً له الحق في تبنيها ، أبرزها القول بأن على أمريكا الرحيل بقواتها التي تكلفنا الشيء الكثير ، فما فائدة وجود هذه القوات وتكلفتها الفلكية دون إطلاق رصاصة واحدة على إيران ، رغم كل ما قامت به خلال الشهرين الماضيين من عبث في مياه الخليج واستهداف السفن التجارية ، واستفزاز مستمر لجيرانها ، ومساندتها العسكرية للحوثي ، وتجرؤها على الأسطول الخامس الأمريكي واسقاطها لطائرته المسيرة ، ناهيك عن اصرارها وتمسكها بتطوير صواريخها البالستية.بالإضافة لتواجدها العسكري في سوريا ولبنان واليمن والعراق ، واحتلاها لجزرالإمارات، ومساندتها للإرهاب بكافة أشكاله ، وسجلها الوحشي في مجال حقوق الإنسان.كل هذا وأمريكا تحشد القوات وتجلب حاملات الطائرات وتزيد أعداد جنودها ، المحاطين بتلك القوى الضاربة المتمثلة بالقواعد الأمريكية في الكويت وقطر والبحرين والعراق وتركيا ، ناهيك عن الإسناد السياسي من صقري أمريكا ( بولتون و بومبيو ) .ثم بعد هذا كله وبعد ان تم تحديد العديد من بنوك الأهداف العسكرية في إيران ، تكون النتيجة هذا الهوان من ترامب الذي وضع كل هذه  الهيبة الأمريكية في الحضيض ، وجعل إيران تتنمر في المنطقة !هل يعقل هذا  !!!!الجواب في ظني بأنه أبداً لا يعقل ، إلا إذا كان هناك ما هو أقوى من الضربات العسكرية لإيران، وأجزم بأن هذا ما يدور في رأس ترامب والعقل الأمريكي ككل .وبتحليل بسيط للأمور نخلص لنتائج تدعم هذا التوجه .ولنبدأ من الجانب الإيراني:إيران خسرت الإتفاق النووي وفي نفس الوقت تعرضت لعقوبات إقتصادية لم تفرض على بلدٍ في العالم عبر التاريخ ، فأصبح  اقتصاد إيران يئن تحت جملة من التحديات ، بالتوازي مع تزايد احتمال تدهور العملة الإيرانية “الريال” وارتفاع معدل التضخم إلى مستويات قياسية خلال الفترة المقبلة، وهو ما سوف يجعل أداء الاقتصاد الإيراني في أسوأ فترة يعيشها منذ إنطلاق الثورة الإيرانية عام 1979م .هذه النتائج الكارثية والمتسارعة أشعلت الداخل الإيراني ، وأصبح أغلب الشعب الإيراني على سطح صفيح ساخن ، بما فيهم المتشددون في نظام ملالي طهران الذين بدأوا بالفعل بمواجهة مع رأس السلطة هناك .هكذا أصبحت إيران في مهب الريح ، وبقاؤها على حالتها الراهنة هذه ستفضي بها  لا محالة إلى تفكك الدولة وانهيارها .لذلك فالخيار الأمثل لها قد يكون الانتحار عبر إقدامها على جر واشنطن ودول المنطقة لحرب شاملة، لأنه وببساطة لم يبقى لديها شيئا تخسره ، وبالتالي فإن الحرب أقل كلفة بحسب قراءتهم .كما أن دخولها في هذه الحرب سيجعل عددا من دول المنطقة تقاسمها بعض الخسائر حتى لو كانت بسيطة ، كي تلهي شعبها عن بعض مآسيه الحقيقية ، وتكسب فرصة كبيرة عبر دغدغة عواطف البسطاء بإدعاء المظلومية ، واستغلال العاطفة الدينية لدى الشعب الإيراني ليلتف حول النظام في مواجهة هذا الخطر.هذا في ظني هو السيناريو الإيراني خاصة بعد تخلي أوروبا شيئا فشيئا عن دعم برنامجها النووي ، وأنها لن تستطيع فعل المعجزات لإيران كما قال وزير خارجية ألمانيا ، وكذلك روسيا التي صرح زعيمها بأن موسكو ليست فرقة إطفاء دائماً.اما على الجانب الآخر فإني أجزم بأن الرئيس الأمريكي لن يمنح إيران هذه الفرصة الآن ، ولن يفعلها في رأيي قبل 2020.والسبب في ذلك واضح ، ما حصل في إيران من تضخم اقتصادي مخيف نتيجة للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران خلال الفترة البسيطة الماضية كان له وقع أكبر بكثير من توجيه ضربات عسكرية قد تجر ترامب لخسارته في الإنتخابات القادمة ، وهذا أيضا أحد أهداف إيران انتقاما من ترامب ، خاصة إذا تذكرنا وعود ترامب الإنتخابية التي قطعها على نفسه بعدم جر أمريكا في حروب عن الغير لا طائل منها ، وجميعنا  نعلم ما فعله من تقليص لحجم القوات الأمريكية في أفغانستان وسوريا والعراق .إذن لماذا تخسر أمريكا جنودها وعتادها ، ويخسر ترامب انتخاباته القادمة ، ناهيك عن الآثار المترتبة على الحرب مع ايران على دول المنطقة، والخسائر الاقتصادية على مستوى العالم الناجمة عن إرتفاع أسعار النفط نتيجة للحرب ، في حين أن أمريكا بسياستها هذه قد تقضي على النظام الإيراني دون إراقة نقطة دم واحدة، وهي بعد لم تصل لهدفها الأخير وهو تصفير التصدير النفطي الإيراني.إلا أن هناك رأياً يتصدره صقور أمريكا مفاده أن تلك العقوبات القاسية وحدها لا تكفي لانهيار كامل لنظام شمولي كالنظام الإيراني دون تدخل عسكري ، وما نموذج عراق صدام ببعيد ، الذي عانى سنينا من الحصار الإقتصادي ولكنه لم يسقط إلا بعد التدخل العسكري.لذا فإن خلاصة القول تتمثل في رأيي المتواضع باتباع سياسة “على حافة الهاوية ولكن تحت السيطرة ” بحيث ستواصل إيران سياسية التصعيد مقابل الصبر الأمريكي وخلق الأعذار التي تمنع المواجهة مؤقتاً ، مع استخدام سياسة الردع القائمة على حشد مزيدا من القوات في الخليج ، مضافا إليها بعض التغريدات الترامبية المرعبة ، دون تشغيل المحركات والقاذفات الحربية حتى انتخابات 2020 .اما بعد ذلك التاريخ وفي حال فوز ترامب المتوقع ، وبدعم جناح الصقور الأمريكي ، فإني اعتقد أن غضب رجل البيت الأبيض سيكون مضاعفا ، وسيحول إيران ذات صباح إلى خبزٍ محمص كما قال أحد نواب الكونجرس الأمريكي .

مشاركة :