«أوبك»: النفط محرك للتنمية الصناعية في الدول النامية حتى 2040

  • 4/6/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أكدت منظمة "أوبك" أن الدول النامية تشهد نموا قويا في الاعتماد على النفط الخام في مجالات الصناعة خاصة الحديد والصلب والزجاج والتعدين والأسمنت، بينما تراجع اعتماد الدول الصناعية على الخام في هذه المجالات. وأوضحت منظمة الدول المصدرة للبترول في تقرير عن "النفط والتنمية" أن اقتصادات الدول النامية كانت تعتمد بشكل أساسي على الزراعة كمكون رئيسي في الناتج المحلي، لكن الصورة تغيرت، وأصبحت الصناعة لها الدور الأبرز في التنمية. وأضافت أن هذا التحول زاد الاعتماد على استخدام الطاقة وفي مقدمتها النفط الخام. وأكد التقرير حدوث نمو في الطلب على النفط في البلدان النامية على نحو كبير في قطاعات الصناعات المشار لها سلفا، وأن هذا النمو ارتبط أيضا بنمو الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول. إلا أن الصورة مختلفة في الدول الصناعية المتقدمة، حيث كان الارتباط أضعف بين نمو الناتج المحلي الإجمالي والطلب على النفط في هذا المجال. وأشار التقرير إلى أن الدراسات الاقتصادية المستقبلية تؤكد أن الدول النامية ستكون مسؤولة عن الزيادة في الطلب على النفط في هذه المجالات الصناعية حتى عام 2040، وفقا للتقديرات الاقتصادية الاستشرافية. كما أن زيادة الطلب على النفط لتلبية أغراض المجالات الصناعية ستكون قادمة بشكل رئيسي من دول آسيا ومنظمة "أوبك". وأشار التقرير إلى أن من أبرز القطاعات الاستهلاكية للنفط هي السكنية والتجارية والزراعية، حيث تمثل هذه القطاعات ما يقرب من نصف استهلاك النفط في أغلب الدول. وقال إن أنماط استهلاك النفط في هذه القطاعات، سواء في الدول المتقدمة أو النامية شهدت عديدا من المتغيرات خلال الـ20 عاما الماضية أهمها زيادة الاعتماد على النفط في مجالات الإسكان والزراعة والتجارة. وفي أوائل التسعينيات من القرن الماضي كانت الدول الصناعية تستهلك ضعف الدول النامية من النفط الخام في أغراض الإسكان والزراعة والتجارة، لكن بدءا من 2011 تفوق استهلاك الدول النامية على الدول الصناعية من النفط في هذه المجالات. وذكر أنه رغم ارتفاع استهلاك الدول النامية من النفط لأغراض التنمية إلا أن متوسط نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في الدول الصناعية المتقدمة يظل أربعة أضعاف نصيبه في الدول النامية، ما يؤكد حالة فقر الطاقة الواسعة فيها. وأشار إلى أن ارتفاع مستويات الدخل وزيادة نسبة التحضر في عديد من الدول النامية دفع إلى التخلي عن الوقود التقليدي لأغراض الطهي والتدفئة مثل الخشب وبقايا المحاصيل والاتجاه إلى الوقود التجاري، خاصة النفط ومشتقاته. وتنامت هذه الظاهرة في الدول التي تتسم بالاقتصادات سريعة النمو مع زيادة الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، خاصة في دول مثل الصين والهند. وفي حالة الصين حدثت في السنوات الماضية زيادة واسعة في استخدام النفط في القطاعات التجارية والسكنية والزراعية بمعدل نمو سنوي في المتوسط 5.9 في المائة منذ عام 1990 حتى الآن. وبالنسبة للهند ارتفع الطلب على النفط في القطاعات السابقة سنويا بنسبة 4.9 في المائة لنفس الفترة، ومن المتوقع أن الطلب على النفط في الدول الصناعية لمصلحة هذا القطاع أن يشهد تباطؤا أكبر في الفترة القادمة، مقارنة بالمستوى نفسه من الطلب المسجل في العقدين الماضيين. وقال التقرير إن زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة في الأغراض السابقة يحتاج إلى تطوير البنية التحتية، فعلى سبيل المثال يصعب الاعتماد على استخدام الغاز الطبيعي في أنابيب التدفئة في المناطق الريفية بسبب ضعف البنية الأساسية، وبالتالى يصعب أيضا استبدال الاعتماد على استخدام النفط في هذه المناطق بأي مصادر أخرى. ونوه إلى أن الطلب على النفط في قطاعات التجارة والإسكان والزراعة سيرتفع في السنوات المقبلة في الدول النامية مع تراجع في الطلب من الدول المتقدمة والصناعية، إلا أن استهلاك النفط العالمي بشكل عام في هذا القطاع سيرتفع، وفق التقديرات حتى عام 2040. وبالنسبة لاستخدام النفط في قطاع توليد الكهرباء، قال تقرير "أوبك" إن هذا الاستخدام أصبح محدودا وهامشيا، ويشهد تراجعا مستمرا، موضحا أن حصة قطاع توليد الكهرباء في إجمالي الطلب على النفط تراجعت بشكل كبير في العقود الثلاثة الماضية. وأوضح التقرير أنه نتيجة لاستبدال النفط في هذا القطاع تزايد الاعتماد على مصادر الطاقات المستمدة من النووي والفحم والغاز الطبيعي والطاقة المتجددة. وقال إنه في عام 1990 كان النفط يشكل ما يقرب من 13 في المائة من إجمالي الطلب لمصلحة إنتاج الكهرباء، وهذه الحصة انخفضت باستمرار حتى بلغت في عام 2011 أقل من 6 في المائة. وأضاف أنه في المقابل، فإن استخدام الغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء شهد نموا بشكل ملحوظ وقد ارتفعت حصته من 19 في المائة في عام 1990 إلى 22 في المائة في عام 2011 وبالمثل، زادت حصة الفحم من 41 في المائة إلى 48 في المائة خلال الفترة نفسها. وقال التقرير إن الإحصائيات السابقة لا تعني انتهاء دور النفط في توليد الكهرباء، بل على العكس، فإن حالة اللامركزية وتنوع الطاقات المولدة للكهرباء تجعل فرصة النفط قائمة في هذا المجال، ومن الطبيعى أن نجد بعض الدول تعتقد أنه خيار مناسب لها لاستخدامه في قطاع توليد الكهرباء. وأشار إلى اتجاه عديد من الدول للاعتماد على دمج مجموعة متنوعة من مصادر الطاقة لتوليد الكهرباء تشمل الطاقة البديلة مثل الرياح، والطاقة الشمسية، والمياه، والطاقة الكهرومائية، أو خلايا الوقود الثابتة إلى جانب النفط، الذي يمكن على سبيل المثال أن يلعب دورا متزايدا في تعزيز وتأمين شبكات توليد الكهرباء وتوفير الاحتياطات اللازمة. تعليقا على التقرير، قال لـ"الاقتصادية" سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبى إن النفط الخام سيظل محور التنمية في السنوات المقبلة، سواء في الصناعة أو النقل أو الزراعة لأن طفرة تنموية واسعة تحدث في عديد من دول العالم، خاصة الآسيوية ذات الكثافة السكانية العالية مثل الصين والهند. وأشار إلى وجود قطاع كبير من سكان العالم ما زال يعانى فقر الطاقة، وهو ما يبشر بارتفاع في الطلب على النفط خلال السنوات المقبلة لتلبية أغراض التنمية والاستثمار في هذه الدول. وقال لـ "الاقتصادية" المحلل البولندى بيوتر فدفننسكى إن النفط الخام خاصة القادم من الشرق الأوسط يتسم بانخفاض تكاليف الإنتاج وبعديد من المزايا النسبية والتنافسية الأخرى، ما يصعب معه تراجع الاعتماد عليه حتى في مجال توليد الكهرباء الذي تناقص فيه بشكل حاد الاعتماد على النفط الخام. وقال إن مصادر الطاقة الأخرى ما زالت محدودة الإنتاج وتحتاج إلى بنى تحتية متطورة.

مشاركة :