الجيش الجزائري يحاول استعادة ثقة الحراك الشعبي

  • 6/27/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

نفى قائد أركان الجيش الجزائري الجنرال أحمد قايد صالح، أن تكون للعسكر في بلاده طموحات سياسية تتصل بالانتخابات الرئاسية المؤجلة منذ ثلاثة أشهر، أو نوايا تصدّر واجهة السلطة في المشهد السياسي القادم، في ما بدا أنه محاولة لاستعادة ثقة الحراك الشعبي في المؤسسة العسكرية. وأكد قايد صالح، على أن “الجيش سيستمر في مرافقة الشعب بكل ما تعنيه عبارة المرافقة من معاني الصدق مع الذات، والوفاء بالعهد المقطوع على أن لا طموح سياسيا لقيادة الجيش الوطني الشعبي”، وهو ما يعطي الانطباع بأن العسكر لا يتطلع إلى مهمة أخرى في المرحلة القادمة، إلا مهمة الاضطلاع بمهامه الدستورية. وأدرج متابعون للشأن السياسي الجزائري رسالة الرجل الأول في المؤسسة العسكرية، بأنها تستهدف طمأنة الرأي العام والطبقة السياسية، بالتوجه إلى انتخابات رئاسية ستجري دون نفوذ والتوجهات التقليدية للجيش الجزائري في صناعة رؤساء البلاد. وقال قايد صالح خلال زيارة للأكاديمية العسكرية بشرشال في ضواحي العاصمة “إن طموحنا هو خدمة البلاد والمرافقة الصادقة لهذا الشعب الطيب والأصيل، للوصول ببلادنا إلى تجاوز أزمتها وبكل أعتاب الشرعية الدستورية، وإننا ننتظر من شعبنا تفهما يرتقي إلى مستوى رصيد الثقة التي تجمع الشعب بجيشه”.وشدد على أن “من سلك هذا المسلك الوطني النبيل سيجد أمامه عراقيل كثيرة، يتسبب فيها كل من لا يعرف للصدق طريقا ومن لا يعرف للإخلاص نهجا وسلوكا، هؤلاء الذين يرون في كل عمل جدي ومخلص للوطن مساسا بمصالحهم ومصالح أسيادهم، ولقد تبيّن الآن الخيط الأبيض من الخيط الأسود، واتضحت النوايا وتجلت التوجهات، وسيكون البقاء للأصلح الذي يخلص لله والوطن والشعب”. وحملت مفردات كلمة قايد صالح، إشارات إلى ثبات المؤسسة العسكرية على موقفها ومقاربتها في الذهاب إلى حلحلة الأزمة السياسية في إطار الحلول الدستورية، كما لم تتوان في توجيه انتقادات مبطّنة للقوى المعارضة في الأحزاب السياسية والحراك الشعبي، المطالبة بمرحلة انتقالية قصيرة، من أجل تحقيق التغيير السياسي الشامل والرحيل الكلي للسلطة. وألمح قايد صالح إلى أن ما بات يعرف بـ”العودة إلى المسار الانتخابي” سيتم بالمؤسسات الموروثة عن نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، لاسيما الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، وحكومة تسيير الأعمال بقيادة نورالدين بدوي، وهو ما ظل محل رفض من طرف المحتجين المطالبين برحيل كل رموز السلطة. وكان عبدالقادر بن صالح قد تناول مع رئيس الحكومة، بحسب ما أورد التلفزيون الحكومي، الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد مع تقييم شامل للوضع السياسي، والتدابير اللازمة لتهيئة الظروف والآليات الكفيلة بإعادة بعث المسار الانتخابي. وعرفت وعود السلطة تعطلا في الأسابيع الأخيرة، فالالتزامات التي أطلقها بن صالح في خطابه الأخير، حول فتح حوار سياسي شامل، وتشكيل هيئة وطنية لتنظيم ومراقبة الانتخابات، لم ينجز منها أي شيء تحت ضغط الحراك الشعبي ورفض المعارضة السياسية لما وصف بـ”آليات إعادة إنتاج النظام”. وتكون الحكومة قد انتهت خلال الأسابيع الأخيرة، من إعداد مشروع قانون جديد، يتعلق بكيفية وآليات تشكيل الهيئة المذكورة، بحسب وثائق تسرّبت في هذا السياق تتعلق بتحضير الانتخابات الرئاسية المنتظرة في أكتوبر القادم.ورغم نهاية المهلة المؤقتة للرئيس المؤقت في التاسع يوليو الداخل ودخول البلاد في فراغ مؤسساتي غير مسبوق، إلا أن تناغم الخطاب بين الرئيس المؤقت وقائد أركان الجيش، يوحي بأن السلطة بصدد إصدار فتوى دستورية، تتيح لبن صالح الاستمرار بمنصبه إلى غاية تنظيم الانتخابات القادمة. وباتت تصريحات قايد صالح متشابهة وحتى مكررة في الأسابيع الأخيرة، مما فاقم من حالة الاحتقان الشعبي وتصاعد وتيرة الغضب ضد شخصه، حيث وضعته احتجاجات الأسابيع الأخيرة في خانة الرموز المغضوب عليها، والمطالب بالتنحي هو الآخر بسبب انحيازه للعبة تجديد النظام. كما تحولت مسألة الرايات الأمازيغية التي أمر الأسبوع الماضي بعدم إظهارها في المسيرات الشعبية، إلى أزمة هوية حقيقية وإلى سجال بين أنصار الهوية الأمازيغية وبين المناوئين لها، قبل أن تحسم الجمعة الأخيرة برفض الشارع الجزائري لممارسات التفرقة والعنصرية، وهاجمت بشدة الجنرال قايد صالح على خلفية إثارة سجال هوياتي لضرب الحراك الشعبي. وأفاد مصدر مطلع لـ”العرب”، بأن الجنرال قايد صالح، الذي يزور الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال، سيباشر عملية ترقية وإحالة على التقاعد، للعشرات من الجنرالات والمئات من العقداء (رتبة عقيد)، في الفترة الممتدة بين يوليو ونوفمبر، ستكون بمثابة عملية تطهير واسعة للمشكوك في ولائهم للقيادة الحالية.

مشاركة :