«حابي» رواية جديدة لطالب الرفاعي

  • 6/28/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تبدو صعبة ومرهقة تلك المحاولات التي تجدُّ في رصد وكشف الواقع فنياً، وتكون أكثر صعوبة حينما تخوض في مناطق المحظورات، التي تواطأت عليها المجتمعات لتبقى في الظُلمة بعيداً عن العلن، ورهناً بالسرِّ والكتمان. الروائي طالب الرفاعي، وفي روايته الجديدة «حابي» الصادرة عن دار ذات السلاسل، يُجند نفسه لسرد مشاهد رواية ترصد الآلام والمراحل التي زامنت تحولات فتاة شابة من أنثى لذكر. رواية «حابي» تزيح الغطاء عن حكاية فتاة كويتية تدرس في المرحلة الثانوية في مدرسة أجنبية، وخلافاً لزميلاتها في المدرسة تأخرت عليها الدورة الشهرية أكثر من المعتاد، حتى وصلت لسن السادسة عشرة، ما اضطرها إلى الضغط على والدتها للتحقق من حالتها. وتأتي المفاجأة مع أول فحص طبي لهرمون الذكورة التستوستيرون، حيث النسبة المرتفعة، التي تجبر الأم لفحص الجينات، ولحظتها تكون الصدمة الكبرى بكشف جنس الفتاة، وكونها ولداً وليست بنتاً.الرواية، وبقدر ما تتناول محنة ومعاناة فتاة، فإنها تسلط الضوء الفاضح على انقسام أسرتها بين معارض بشدة لتحوّلها خوفاً من الفضيحة بين الأهل والأقارب والجيران وعموم المجتمع، وبين أم تتخذ قرارها الصعب والجريء بوقوفها إلى جانب قضية ابنتها العادلة مهما كلفت الأثمان. استناداً إلى التقارير الطبية والفحوصات التي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الفتاة ولد.الرفاعي، وفي إضافة مهمة لمنجزه الروائي، يُقدِم على مغامرة روائية جريئة وصادمة، حين يسرد حكاية روايته عبر فصلين، مدة الفصل الأول ساعتان قبيل دخول الفتاة لعملية إزالة ثدييها، بينما يستغرق الفصل الثاني ست ساعات، مدة سفر الفتاة/ الشاب بصحبة صديقته الكويتية لأم أميركية إلى لندن، ومنها إلى أميركا لاستكمال دراستهما وربما الاستقرار النهائي بعيداً عن الكويت.الرواية، وبإخلاص وتعاطف كبيرين مع القضايا الإنسانية، أياً كانت صبغتها، ترفع صوتها بصرخة عالية، لتقف إلى جانب قضية تحوّل جنسي ناتج عن تشوه خِلقي. وهي في سبيل ذلك تعرّي هواجس ومخاوف وتوقعات ومعاناة وعذابات ووحدة الفتاة/ الشاب ريان، وهي/ وهو يحثّ سيره في محنة ومنعطف تحوله. كاشفة معارك وآثار تلك المحنة ونتائجها على أفراد الأسرة، فارزة مواقفهم وعداءهم وقسوتهم واصطفافهم ضد ريان في نيله لحقه الطبيعي في الحياة.الفتاة/ الشاب ريان، عاشقة القراءة ومدمنة كتابة سيرتها الذاتية منذ كانت طفلة تستعين بدفتر مذكراتها، لتروي للقارئ، بلغة شبابية متدفقة ومليئة بالخيال، دقائق مشاعرها وأحاسيسها بجميع ما يدور حولها. لتكون بذلك شاهد عيان على قصة تحول جنسي، وسط مجتمع خليجي تحكمه النظرة المحافظة، التي عاشت مرددة: «الستر والموت ولا الفضيحة»، بينما تبرز حسابات المصلحة الشخصية والأنانية، بعيداً عن أي مسلك إنساني نبيل.طالب الرفاعي، وبفنية عالية، يقدم لعبة كتابة الرواية داخل الرواية، فالفتاة ريان، وهي في زحمة مخاوفها من نشر مذكراتها بجسر تحولها، ووقوفها أمام والدتها قائلة:«النشر فضيحة غير مأمونة العواقب».الرفاعي، وعبر روايته «حابي» يضيف منجزاً روائياً كويتياً عربياً، لافتاً بجراءته وحرفية وخبرة كتابة الرواية داخل الرواية.

مشاركة :