اوساكا (اليابان) - تمكن الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ من تفادي الأسوأ السبت خلال قمة مجموعة العشرين في أوساكا بإعلانهما هدنة في حربهما التجارية، لكن استئناف الحوار هذا بين أكبر اقتصادين في العالم لم يترافق مع أي جدول زمني. وطغت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين مرة جديدة على البرنامج الرسمي لقادة أكبر عشرين اقتصاد في العالم الذين اختلفوا هذه السنة حول المناخ، بعيدا عن الحكومة العالمية المتناغمة التي حددوها هدفا لهم في اجتماعهم الأول عام 2008. وقال ترامب "عقدنا مع الرئيس شي لقاء جيّداً جداً، لا بل يمكن أن أقول ممتازاً"، معتبرا أن العلاقات بين البلدين الخصمين "عادت إلى السكة الصحيحة". وبعد وقت قصير، أكد ترامب أنه لا ينوي "إضافة" رسوم جمركية على الواردات الصينية ولا إلغاء بعضها، "على الأقلّ في الوقت الراهن" مشيرا إلى أن المفاوضات ستستأنف بين البلدين. وانقطعت المفاوضات بشكل مفاجئ في ايار/مايو وهددت واشنطن بعد ذلك بفرض رسوم جمركية مشددة جديدة على البضائع الصينية المستوردة، لتشمل بذلك هذه التدابير العقابية مجمل الواردات السنوية من الصين وقيمتها أكثر من 500 مليار دولار. وإن كان هذا الاحتمال الذي كان سيشكل ضربة للاقتصاد العالمي، بات مستبعدا في الوقت الحاضر، فلم ترد تفاصيل من أي من الطرفين حول شروط الهدنة والجدول الزمني للمحادثات. في المقابل، طرح الرئيس الأميركي ولو بصورة مبهمة احتمال تليين القيود الأميركية المفروضة على مجموعة "هواوي" الصينية العملاقة التي تشكل نقطة شائكة في الخلاف التجاري بين البلدين.وبذلك يكرّر الرئيسان السيناريو الذي حصل في قمة مجموعة العشرين السابقة التي عُقدت في الأرجنتين في أواخر عام 2018 وعلقا خلالها نزاعهما لبضعة أشهر بهدف استئناف المفاوضات التجارية التي سرعان ما تعثّرت. وفي مواجهة صعوبة التفاهم بين بكين وواشنطن، توصّل الاتحاد الأوروبي والسوق المشتركة لدول أميركا الجنوبية "ميركوسور" التي تضم البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأوروغواي، إلى اتفاق على معاهدة تبادل حرّ، وهو ما وصفه رئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر بـ"لحظة تاريخية". لكن إبرام المعاهدة سيكون صعبا لأنها تثير مخاوف المزارعين الأوروبيين حيال تدفق المنتجات من أميركا الجنوبية ولا سيما من البرازيل. أقرّ البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين بـ"تصاعد" حدة الخلافات التجارية والجيوسياسية، وهي صيغة مبهمة حلت محل التنديد الصريح بالحمائية الذي لطالما طبع بيانات مجموعة العشرين إلا ان إدارة ترامب ترفضه. ويشدد النصّ أيضاً على ضرورة أن تواصل البنوك المركزية "دعم النشاط الاقتصادي" عبر الحرص على "التواصل جيداً" في ما بينها. وجدّد البيان التأكيد على التزام 19 من دول مجموعة العشرين باستثناء الولايات المتحدة، بـ"التطبيق الكامل" للاتفاق الموقع عام 2015 في باريس لمكافحة الاحتباس الحراري. لكن مجموعة العشرين تمكنت من الاتفاق على مواجهة مشكلة المخلفات البلاستيكية في المحيط وقالت في البيان إنها تبنت "رؤية أوساكا للمحيط الأزرق" التي تهدف إلى وقف زيادة التلوث بالمخلفات البلاستيكية بحلول عام 2050. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "يجب أن نذهب أبعد من ذلك" في ما يخصّ المناخ، معرباً عن أسفه للموقف الأميركي.وقال الموقعون في البيان الختامي للقمة، إنهم متفقون على "عدم التراجع" عن هذا الاتفاق، مستخدمين لهجة تذكر بنبرة البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين العام الماضي. وأثناء لقاء ترامب وشي، كان دبلوماسيو الدول العشرين التي تمثل 85% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، يواصلون مباحثاتهم حول المناخ، في وقت تشهد أوروبا موجة حرّ غير مسبوقة يعتبرها العلماء بمثابة عارض لا لبس فيه للتغير المناخي. وفي الأيام السابقة، تحدث مفاوضون عن احتمال انشقاق دول ناشئة كبرى خصوصاً، كانت تنوي مواءمة الموقف الأميركي. وخلال لقائه الودي للغاية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حذره ترامب ممازحا من أي تدخل في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2020 التي يترشح فيها ترامب لولاية ثانية، في حين أن روسيا متهمة بالتدخل في الانتخابات الأخيرة التي فاز فيها ترامب عام 2016. وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "ستتولى المملكة العربية السعودية رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر هذا العام. وهنا نؤكد عزمنا على مواصلة العمل لتحقيق التقدم المنشود في جدول أعمال المجموعة وسنعمل مع كافة الدول الأعضاء، لمناقشة القضايا الملحة في القرن الواحد والعشرين ولتعزيز الابتكار والحفاظ على الأرض ورفاه الإنسان". وأضاف "وإذ نشيد بالتقدم الذي حققناه في السنوات الماضية على الصعيد الاقتصادي، فإن علينا أن نسعى جاهدين للوصول إلى الشمولية والعدالة ولتحقيق أكبر قدر من الرخاء. ويظل تمكين المرأة والشباب محورين أساسيين لتحقيق النمو المستدام، وكذلك تشجيع رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة".
مشاركة :