عندما كنت طفلة مع والدي بالولايات المتحدة الأمريكية في مدينة نيومكسيكو حيث حصل والدي على درجة الماجستير من هناك؛ بالإضافة إلى كون أبي من لاعبي المنتخب الجامعي للجمباز، تتجلى في مخيلتي أجمل ذكرياتي لأبي العظيم كونه من أوائل من ساهم في تأسيس اتحاد الجمباز السعودي في مملكتنا الحبيبة قبل ابتعاثه وبعد عودته لأرض الوطن الغالي. حينها كنت أصغر لاعبة جمباز في ذلك الوقت وكنت ست سنوات؛ حيث ولدت في بلد الابتعاث وبدأت مسيرتي الرياضية في عمر الثالثة حتى أنهيت مرحلة رياض الأطفال وأنا ملمة بعدة رياضات رائعة من سباحة، وركوب الدراجة، وأكثر ما ألهمني وشدني لعبة الجمباز. فكان والدي يأخذني من منزلنا للنادي الجامعي على “الدراجة” ونتسابق وفق منعطفات الطبيعة والحياة في مدينة نيومكسيكو الجبلية، حيث الفصول الأربعة هناك ونظرات أبي تتابعني بطمأنينة، مستودعاً أيامي خالقها. تلك عيون والدي أرى بها جمال الكون فقد كان ومازال لعينيه جاذبية تأسر كل من جالسه، أحبه الجميع في نيومكسيكو وكان رمزاً للرياضة كما كان في الوطن وأعجب به أساتذته فكان بطلا كريما معطاء بلياقته وبقلبه. فأحبته أجيالا غرس فيها معاني المشاركة في التربية الحقة والعطاء. كان يعززني بابتسامته الجميله وكلماته الرقيقة يقول: تستطيعين يا علياء أن تكوني بطلة العالم.. ستكونين سيدة مجتمع جميلة وملهمة لها بصمةٌ رائدة. تتردد كلمات والدي على مسمعي: “عليائي؛ لابد أن تكوني قوية علميا ورياضيا وتستطيعي أن تدافعي عن نفسك بأي طريقة توظفين فيها الرياضة بشكل صحيح وتساهمي في بناء وطنك.” كانت كلماته دافع كبير لأثبت وجودي وأضع بصمة مختلفة، فبدأت قصة النجاح مع والدي حفظه الله عندما التحقت بنادي الجامعة حيث الجنسيات المختلفة والثقافات المتنوعة، تعرفت على أطفال، منهم من كان يسكن معنا في سكن الجامعة ومنهم من يسكن خارج الحرم الجامعي. كان أبي دائما لي نعم المدرب في الصالة الرياضية المخصصة للجمباز فكان يدربني على الوقوف على اليدين والرأس وقفلات الدوران على المتوازي والعروض الدورانية على الترامبولين وبعضا من السلاسل الحركية الفنية المتسمة بتمارين تركز على الإطالة والمرونة المناسبة للأطفال. رغم اكتظاظ الأنفس إلا أن كل شيء كان فيها منسق ونظيف والطلاب منظمين على أجهزتهم يقومون بوضع البودرة في أيديهم مرتدين القفازات حول معاصمهم وأسفل ركبهم. وعلى كل مجموعة مشرف ومدرب رياضي متخصص من كلية التربية البدنية وطاقم طبي فتشعر بتكامل التخصصات وانسجام الحركات مع الأجساد كنغم موسيقي متسلسل وتآلف بين الأرواح والقلوب عليها شواهد. كان أولى اهتماماته كأب أن أكون صاحبة لياقة عالية وهذه هي التربية الحقيقية؛ الاهتمام بالطفل ولياقته منذ نعومة أظفاره فهذا يعزز في روحه أن يكون صاحب شخصية قوية ذات حضور ملفت وسريع البديهة منتجا ملهما محفزا. تربت يداك يا أبي وها أنا ذا أسير على خطاك سيدي فخرا لآخر العمر. فلا أُلام في حبك يا أبتي ويا سندي وصدق الشاعر حينما قال: وانا أُباهي فيك أنكَ والدي فمن الذي سيلوم حين أُباهي
مشاركة :