أثار إعلان شركات الاتصالات في الكويت الشهر الماضي عن خدمة الإنترنت المطورة المسماة 5G- الجيل الخامس- اللغط في المجتمع من جوانب مختلفة أبرزها الخوف والشك المقبول من الآثار الصحية والبيئية لإطلاق هذه الخدمة على الناس والبيئة، ومدى سلامة انتشار هذه الشبكة على المواطنين والمقيمين خصوصا في ظل غياب بيان جاد واضح وشفاف من الجهات الحكومية المختصة بهذا الشأن. الأمر الثاني كان التساؤل المستحق عن الفائدة الفعلية لإيرادات الدولة وميزانيتها العامة من السماح لشركات الاتصالات باستخدام النطاقات الجديدة لشبكة الإنترنت، ثم بيعها بأسعارها المعلنة على المواطنين، وإن كانت هذه العملية تمت بطريقة المزايدة أو التعاقد المباشر، وكيف تم تقدير قيمتها كثروة وطنية لا يجوز التنازل عنها إلا بالطرق المحددة قانوناً. ثالث هذه الأمور كانت أسعار الاشتراكات التي سوقتها الشركات المحلية، وما تم فيها من اتفاق على توحيد الأسعار الفاحشة أصلاً (١٠٨٠ ديناراً لمدة سنتين إجبارياً) وطرحها في توقيت واحد مما يخالف بشكل واضح وصريح لا لبس فيه قوانين المنافسة والاحتكار، ويضيع حقوق المستهلك في غياب فاضح للجهات المختصة، وعلى رأسها جهاز حماية المنافسة والهيئة العامة للاتصالات بالرغم من إصدار الأخيرة بياناً رسمياً ما زال منشوراً في حسابها في "تويتر" (حتى ساعة كتابة المقال) تعلن فيه هيئة الاتصالات أن ما قامت به شركات الاتصالات من إعلان سعر الاشتراك للخدمة الجديدة كان بخلاف ما تم الاتفاق عليه، وأن الهيئة، كما قالت حرفياً، تطالب الشركات: "بضرورة مراعاة أحكام الفصل الثامن من القانون رقم ٣٧ لسنة ٢٠١٤ بإنشاء الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات المعدل بالقانون رقم ٩٨ لسنة ٢٠١٥ والمتعلق بأحكام المنافسة وإلا ستضطر الهيئة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيال الشركات المخالفة وفقا لأحكام القانون المذكور". إلى اليوم لم نجد إجابات مسؤولة من جهاز حماية المنافسة، ومن هيئة الاتصالات، وقد عادت بي الذاكرة عدة سنوات لأتذكر الفشل الذريع لوزارة الاتصالات في عهد وزيريها السابقين (محمد البصيري وسالم الأذينة) أثناء الإعلان عن مشروع نقل الأرقام بين شركات الاتصالات، وكيف أن الوزارة في عهديهما عجزت مدة لا تقل عن ثلاث أو أربع سنوات عن فرض هيبتها وإلزام الشركات بتطبيق هذا المشروع، وأخشى أن تتكرر هذه الفضيحة في العهد الحالي لجهازي المنافسة وهيئة الاتصالات، فمن يحفظ حق الدولة؟ ومن يحمي مصالح المستهلكين؟ ومن يعلمنا لمن وضعت هذه الهيئات فعلياً؟ في انتظار إجاباتكم يا الأجواد. والله الموفق. ملاحظة: أشكر الإخوة في ديوان الخدمة المدنية على ردهم الراقي وتعليقهم على مقالي عن الفوضى الإدارية التي سببها التطبيق الخاطئ لبرنامج النظم المتكاملة، وأؤكد أن ما ورد في تعقيبهم المنشور ٢٠-٦-٢٠١٩ لا يوفر الإجابات الحقيقية على المقال، والشاهد على ذلك العاملون في الميدان الحكومي.
مشاركة :