رفضت محكمة التمييز طعن جمعية المحامين على قرار وزير العدل رقم 64 لسنة 2017 بمراقبة أعمال مكاتب المحامين وموكليهم، التزاما بالاتفاقيات الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وأكدت المحكمة في حيثيات الحكم أن القرار لا يتعارض مع الدستور بشأن وجود محام مع كل متهم، وأن الإبلاغ عن الأعمال المشبوهة لا يمسُّ شخص المحامي أو ينال من حرية ممارسة عمله ويتفق مع نص المادة 29 من قانون المحاماة، ولا يخالفه فيما ألزم المحامي بعدم الإفشاء عن واقعة، كما أشارت المحكمة إلى أن لفظ «الزيارة» من المسجل العام مغاير تمامًا للفظ «التفتيش». وذكرت المحكمة في حيثيات الحكم أنه لما كان تمويل جرائم الإرهاب والتسلح غير المشروع يتم في الخفاء؛ بهدف إضفاء المشروعية على عمليات غير مشروعة تأخذ اسم غسل الأموال، حيث صدر المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2001 بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال، والذي قدر وجود هذه الظاهرة في أنشطة معينة حصرها بالجدول المرفق بالقانون وحددها في سبعة عشر نشاطًا كانت المحاماة من بينها، وتخصيصًا لهذه الغاية الحميدة ألزم المؤسسات الممارسة لهذه الأنشطة سواء كانت المؤسسة شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا بالتزامات معينة منها الالتزام بالقرارات المنظمة من الجهات المختصة والتعاون معها، وإبلاغها عن أي عملية يشتبه فيها من طبيعة الأشخاص المتعاملين أو طبيعة العملية أو ظروفها، فإنه من واجب لغاية محمودة لا يمس فيها شخصيًا الملتزمين به ولا يصادر حريتهم في ممارسة أعمالهم.وأشارت المحكمة إلى أن القانون قد فوض الجهات الإدارية كل في حدود اختصاصه، إصدار قرارات بالإجراءات المناسبة لتنفيذ القانون في المؤسسات التي تخضع لإشرافها، فأصدر وزير العدل القرار رقم 64 لسنة 2017 بشأن الالتزامات المتعلقة بإجراءات حظر ومكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، في مهنة المحاماة الذي نص على التزام المحامين بابلاغ الجهة المختصة عن الأعمال المشبوهة أو غير العادية عند قيامهم بالمعاملات لصالح موكليهم، إذ انه ليس في ذلك ما يمس شخص المحامي أو ينال من حرية ممارسة عمله وفقا للقانون، وهو ما يتفق مع نص المادة 29 من قانون المحاماة ولا يخالفه فيما ألزم المحامي بعدم الافشاء عن واقعة أو معلومات علمها عن طريق مهنته، ما لم يكن ذلك بقصد منع ارتكاب جناية أو جنحة أو الإبلاغ عن وقوعها، ولا يتعارض مع نص المادة 20 من الدستور التي أوجبت أن يكون لكل متهم في جناية محام يدافع عنه.وحول إشكالية ما عرف بتفتيش مكاتب المحامين من قبل المسجل العام، قالت المحكمة إن ما اختص به المسجل العام بنص المادة 6 من القرار المطعون فيه لا يخرج؛ كونه تنظيمًا لإجراءات متابعة التزام مكاتب المحاماة بأحكام المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2001، إذ أجاز له نص المادة تكليف أيٍّ من تابعيه القيام بزيارات ميدانية لمكاتب المحاماة لمراجعة الأوراق والسجلات المتعلقة بهذا الشأن.وأضافت المحكمة قائلة: إن مدلول لفظ الزيارة مغاير تمامًا للفظ التفتيش، فإن التفتيش معنى المداهمة، أما الزيارة فلا تكون إلا بالموافقة عليها وتحديد وقتها مسبقًا، وتدل على أن الغرض منها ايجاد نوع من التعاون بين المحامي والجهة المختصة بوزارة العدل.وحول التعارض مع مواد قانون المحاماة، أوضحت محكمة التمييز ان القانون الخاص بتنظيم أحكام المحاماة رقم 26 لسنة 1980 يتضمن شروط ممارستها وترتيب المحامين في جداول وفقًا لأقدميتهم في ممارسة المهنة وبيان حقوق وواجبات المحامين في ممارستها وما يستحقونه من أتعاب مقابل ما يبذلونه من جهد في أداء عملهم وبيان إجراءات تأديبهم لمخالفتهم أحكام القانون أو الاخلال بواجباتهم، أما عدا ذلك من شؤون تتعلق بمعاملاتهم وعلاقاتهم بالغير فتسري عليها القوانين الخاصة بهذه المسائل، كما تسري عليهم القرارات المنظمة التي تصدرها الجهات الإدارية تنفيذًا لهذه القوانين.ولفتت المحكمة إلى القانون رقم 4 لسنة 2001 بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال، والذي حدد المشرع الأنشطة التي قدر وجود ظاهرة غسل الأموال فيها وحصرها بالجدول المرفق في سبعة عشر نشاطًا ومنها المحاماة، إذ ألزم الممارسين لهذه الأنشطة بالتزامات معينة وفوض الجهات الإدارية بإصدار القرارات المنظمة لإجراءات تنفيذ القانون في المؤسسات الخاضعة لإشرافهم، حيث أصدر وزير العدل القرار بشأن الالتزامات المتعلقة بإجراءات حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مهنة المحاماة، فإنه يكون تشريعًا ملزمًا للمحامين في هذا الشأن.وبشأن العقوبات والجزاءات المشار إليها في القرار، قالت المحكمة إن المفهوم من سياق المادة العاشرة من القرار المعنونة بالعقوبات والجزاءات الإدارية أن توقع العقوبات الجنائية على المحامي المنصوص عليها بالقانون رقم 4 لسنة 2001 لا يخل بتوقيع الجزاءات التأديبية عليه وفقًا لقانون المحاماة.وأكدت المحكمة أن القانون رقم 4 لسنة 2001 بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال تضمن التزام المحامي بأعمال إدارية محددة، منها تعيين مسؤول التزام، بقصد تحقيق الشفافية الواجبة بالنسبة للمتعاملين معه والخدمات التي يؤديها لهم، وقالت إنه لا يعدو أن يكون التزامًا بواجب وطني يقصد التعاون المشترك في تحقيق أهدافه القانونية.
مشاركة :