انقسامات إخوان مصر تجهض محاولات إعادة ترتيب الصفوف

  • 7/2/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت بيانات أصدرتها قيادات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر خلال اليومين الماضيين، عن خلافات ظاهرة بين أجنحتها، وارتباك عميق في أسلوب التعامل مع التطورات السياسية. وأكدت المواقف التي حملتها بيانات التيارين المتنافسين، الشيوخ والشباب، على إدارة الجماعة، وأخرى صادرة عن قيادات محسوبة على كليهما، أن كل طرف يريد القبض على زمام الجماعة في مرحلة ما بعد وفاة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، ومحاولة التغطية على فشل عمليات التشكيك في واقعة موته عبر تقارب مع قوى المعارضة المدنية. ودعا طلعت فهمي، المتحدث باسم جماعة الإخوان في بيان له، مساء الأحد، معارضي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى العمل على وحدة الصف وتماسك اللحمة الوطنية، مؤكدا احترام جماعته للقوى التي اصطفت ضد مزاعم “اغتيال مرسي”. وطالب المكتب العام للجماعة، قبل يوم واحد من بيان مجموعة فهمي التي ترفض علاقة الأول بالجماعة، بتوحيد ما يسمّى بـ“المعسكر الثوري”. وأقر البيان الأول بارتكاب أخطاء في أثناء مرحلة الثورة وخلال فترة حكم الإخوان، داعيا إلى نبذ الخلافات، ومتعّهدا بأن الجماعة سوف تبتعد عن العمل الحزبي وتبقى تيارا وطنيا عاما له خلفية إسلامية، مع السماح لأعضائه بممارسات العمل السياسي من خلال أحزاب وحركات أخرى. وأوضح متابعون، أن تدهور وتفكك تنظيم الإخوان دفعا أجنحته إلى التفكير في البحث عن قضية جديدة تهدف إلى حشد الجماهير والنخب المعارضة خلفه، وبدت “أيقونة الرئيس الشهيد يمكن أن تحقق هذا الهدف”، اتساقا مع مسارات المظلومية المعروفة عن الجماعة. لا تخلو الحصيلة النهائية للبيانات من رسائل للسلطة في مصر، تظهر الجماعة كأنها ساعية إلى التهدئة وهي رسائل لا تلقى صدى لدى الأولى وعكست البيانات ما يمكن وصفه بـ“تنافس الجبهات المختلفة” على السبق لكسب التيار المدني في مصر وخارجها، ومن داخل الفصائل الإسلامية، التي أعلنت عن فض شراكتها مع الإخوان، على خلفية تشبثها بمطالب أحادية تتعلق بمصالح الجماعة ورؤيتها المنفردة للأحداث وأهدافها في الثأر لعزلها عن السلطة. واعتادت الجماعة إطلاق قضية تجمع حولها العامة، مثل تطبيق الشريعة، ومصطلح الإسلام هو الحل، والشرعية، وعودة مرسي، وما إلى ذلك من مسمّيات عاطفية وجذابة. وجريا على نفس النهج تحرص على الترويج لفكرة “الرئيس الشهيد”، بغرض إنقاذ الجماعة وإخراجها من أزماتها ومحاولة إعادتها للمشهد السياسي. ويتفق خبراء في شؤون الحركات الإسلامية على أن هذه المناورات فشلت في تجميع مؤيدي الإخوان من جديد، وإقناع المعارضة المدنية بالشراكة معهم. وقال طارق أبوالسعد، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، إن الجماعة تمر بمرحلة عميقة من انعدام الوزن، وتضارب البيانات وصدورها عن أكثر من جناح “كفيل بالإخفاق وعدم التجاوب معها وإهمال سعيها إلى تصدّر المشهد”. وأشار لـ“العرب” إلى أن عبثية المشهد تعقّد من مأزق الإخوان، ففي الوقت الذي تتم فيه الدعوة إلى اللحمة الوطنية وتجميع المعارضة، تظل الجماعة غير قادرة على توحيد صفها، ما يثير السخرية من جماعة مشتتة تسعى إلى توحيد قوى أخرى خلفها. وفقدت جماعة الإخوان أهم ما كانت تفخر به وسط القوى السياسية المصرية في أثناء حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وما بعد حراك يناير 2011، وهو التنظيم المحكم الذي لا يعرف الانقسام ولا تؤثر فيه أي أزمة. وأدى التفكك التنظيمي الذي ظهرت تجلياته في أكثر من مرة إلى تبني تكتيكات متناقضة ومرتبكة، وظهور مناهج بأكثر من قيادة، ما جعل قوى عديدة تفقد الثقة بها وما تطرحه أجنحتها المتنافسة. ويوحي التضخيم المقصود من الجبهات المتنازعة بمحاولة التحرر المقصود من بعض الملفات، ورغبة في التحلل التدريجي من الالتزام بها أمام الأعضاء، فلم يعد ملف الشرعية أو عودة مرسي مثلا قابلا للتوظيف داخل الجماعة. وأدركت الجماعة أن استراتيجية تفعيل اللجان النوعية وبعث النشاط المسلح من جهة، والتمسك بأدبيات الجماعة التاريخية من جهة أخرى، لم تسفر عن شيء، ولن تؤدي إلى تقارب مع القوى المدنية من خلال خطاب يزعم الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها، والسعي إلى كسب ثقة الآخرين بإدعاء زهد الجماعة في السلطة والتخلي عن العمل الحزبي في هذه المرحلة. ويقول متابعون لـ”العرب” إن جماعة الإخوان تبعث برسائل في اتجاهات مختلفة ا، لتحقيق العديد من الأهداف، فهي تريد نيل رضا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر التماهي مع خطاباته المطالبة بتدويل قضية موت مرسي، للضغط على النظام المصري، ولفت الانتباه بعيدا عن أزماته الداخلية. ولا تخلو الحصيلة النهائية للبيانات من رسائل للسلطة في مصر، تظهر الجماعة كأنها ساعية إلى التهدئة وهي رسائل لا تلقى صدى لدى الأولى.

مشاركة :