ليوك بارنز* اعترف رجل لديه صِلاتٌ واسعة مع النازيين الجدد، باغتيال «والتر لوبكي»، وهو سياسي شعبيٌّ مؤيد للهجرة، من مدينة كاسل في وسط ألمانيا. جاء الاعتراف يوم الأربعاء، 6/26. قُتِل «لوبكي» في منزله يوم 2 يونيو/حزيران. وقالت السلطات إنه فارق الحياة بعد إصابته بعيار ناري في رأسه من مسافة قريبة. واستحوذت هذه القضية، التي تُعتبَر أول اغتيال سياسي في ألمانيا خلال أكثر من نصف قرن، على اهتمام البلاد. وفي الأسبوع الماضي، ألقت الشرطة الألمانية القبض على قاتل «لوبكي»، وهو رجل يبلغ من العمر 45 عاماً، ناشط في أوساط اليمين المتطرف، لديه سلسلة من الإدانات السابقة- منها محاولة تفجير مأوى للّجوء، بأنبوب محشوٍّ بالمتفجرات، في عام 1993، واعتداءٌ في مسيرة للنازيين الجدد في مدينة دورتْمُونْد عام 2009. وقد وصَف وزير الداخلية الألماني «هورْسْت سيهوفر» الهجوم فيما بعد بأنه «جريمة قتل سياسي متعمّد». وبعد ذلك، وجّهت السلطات الألمانية، يوم الجمعة، الاتهام لثمانية أعضاء في جماعة إرهابية للنازيين الجدد، تُدعى «تشيمْنِتْز الثورة». وكان الرجال قد اعتُقلوا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في أعقاب سلسلة من المسيرات اليمينية المتطرفة العنيفة، في مدينة «تشيمْنِتْز» شرقيّ ألمانيا. ووفقاً لوسائل الإعلام الألمانية، كان الرجال الثمانية، الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و31 عاماً، وتربطهم علاقات مع ذوي الرؤوس الحليقة ومجموعات بلطجيّة داخل المدينة، يخططون لشنّ هجوم في برلين، يأملون في أن تُلقى مسؤوليته بعد ذلك على المجموعات اليسارية، مما يصعّد بالتالي التوتر السياسي بين الفئتين. وفي اليوم ذاته، ذكرت التقارير أن مجموعة يمينية أخرى، معروفة باسم «الصليب الشمالي»، كانت قد جمّعت «قائمة اغتيال» لمُستهدَفين يساريين بارزين مؤيدين للاجئين. وكانت المجموعة، التي ذُكِر أن السلطات الألمانية كانت تحقق معها منذ عام 2017، تتكون من 30 عضواً، بينهم واحدٌ على الأقل، ينتمي إلى وحدة القوات الخاصة في الشرطة الألمانية. وذُكِر أن المجموعة قادرة على الحصول على أسلحة، ولديها أكثر من 10 آلاف طلقة ذخيرة، وكانت قد طلبت شراء أكثر من مئتيْ كيس للجثث، وكمية من الجير الحيّ، (الكلس الحيّ أو غير المُطفَأ)، وهو مادة تساعد على تحلل الجثث بسرعة. وقيل إن المجموعة استخدمت أيضاً علاقاتها مع جهات إنفاذ القانون للوصول إلى سجلّات الشرطة، وجمعت 25 ألف عنوان من أجل إعداد قائمة الأشخاص الذين تنوي اغتيالهم. وفي حادث مماثل وَقَعَ أثناء أعمال الشغب في «تشيمْنِتْز» في أغسطس/آب الماضي، عندما اعترف حارسُ سجن بتسريب مذكرة اعتقال بحقّ رجل عراقي إلى مجموعات يمينية. وجابتْ المجموعات اليمينية أنحاء المدينة في حالة من الهياج الشديد، مهاجِمةً كلَّ مَن كان شكله يوحي بأنه غير ألماني. وتُسلّط هذه الحوادث معاً، الضوء على التصاعد الخطر في التطرف اليميني الذي تواجهه ألمانيا حالياً. وممّا يعزز هذه النقطة، تقريرٌ نشرتْه وكالة الأمن المحلي الألمانية، التي تُدعى «المكتب الاتحادي لحماية الدستور»، يوم الجمعة، 6/28: وذكر التقرير، أنه على الرغم من أن عدد المتطرفين اليمينيّين في البلاد، بقي مستقراً نسبيّاً من عام 2017 إلى 2018، فإن عدد أعمال العنف المتطرف، ارتفع بحدّة من 28 في عام 2017، إلى 48 عام 2018. وأضاف التقرير أنّ ما يقرُب من 13 ألفَ فردٍ مصنفين على أنهم متطرفون يمينيّون، كانوا قد اعتُبروا «ذوي توجُّه نحو العنف». ووفقاً للمسؤولين في المكتب المذكور، فإن الوجود المتزايد لليمين المتطرف، أدّى بدوْره إلى تصاعد في الحوادث المعادية للسامية. وقد أشارت المستشارة أنجيلا ميركل إلى ذلك، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» في مايو/أيار، بعد أن قال مفوَّض معاداة السامية «فيليكس كلايْن» إنه يجب على اليهود الألمان تجنّب اعتمار القلنسوة اليهودية (كيباه) في بعض أنحاء البلاد. قالت ميركل: «لا يوجد حتى هذا اليوم، معبد يهودي واحد، ولا مركز واحد للرعاية النهارية للأطفال اليهود ولا مدرسة أطفال يهودية واحدة، لا تحتاج إلى حراسة رجال الشرطة الألمانية.. علينا أن نخبر شبابنا بما جرَّه التاريخ علينا وعلى الآخرين». إن تصاعد النشاط اليميني المتطرف والهجمات في بلد لديه تاريخُ ألمانيا، مقلق بما فيه الكفاية. ولكنّ ما يزيد الطين بلّةً، هو الخوف من أن الأجهزة الأمنية لم تأخذ هذا التهديد على محمل الجدّ في الماضي. بين عاميْ 2000 و2007، على سبيل المثال، قتلت مجموعة النازيين الجدد المعروفة باسم المجموعة «السرية الاشتراكية الوطنية»، 10 أشخاص، معظمهم مهاجرون. ووجدت مراجعة برلمانية أن السلطات أفشلت التحقيق بشكل متكرر، وأن الوثائق والأدلة، كانت تضيع عندما يتضح أن المشتبه فيهم متطرفون يمينيون.*صحفي يغطي شؤون السياسة واليمين المتطرف. عمل سابقاً في صحيفة «ميل أون لاين»، في بريطانيا. موقع: «ثينْك بْروغْريس»
مشاركة :