التوصية التي وافقت عليها لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى تطالب هيئة الإعلام المرئي والمسموع بتشديد الرقابة على الأعمال الفنية المرئية والمسموعة لمنع الأعمال الهابطة أو التي تسيء إلى سمعة المملكة. أعتقد لا أحد سيؤيد عرض الأعمال الهابطة أو المسيئة للمملكة بمبرر حرية التعبير أو القول إن الإبداع في الفن لا يتحقق بوجود الرقابة. لا يوجد حرية مطلقة في أي مكان في العالم، كيف يتحقق الإبداع في أعمال فنية هابطة؟ الأخطر من ذلك أن يبالغ الفن في حريته فيسخر ويسيء للأديان كما فعلت عدة مرات إحدى المجلات الفرنسية. الفن بكل أشكاله إبداع ورسالة وقوة ناعمة، النجاح هو تحقيق الإبداع بمعايير فنية دون الإساءة للأفراد أو المجتمعات، الرقابة لا تحد من الإبداع ولكن تحاول أن تتأكد من عدم وصول رسالة خاطئة إلى المتلقي وخاصة الأطفال، الإبداع يكمن في قدرة الفنان على إيصال رسالته بطريقة فنية جاذبة. الرقابة ليست على الإبداع وإنما على الإسفاف، الرقابة لحماية الأخلاق، وحماية الفن نفسه من التصادم مع قيم المجتمع. الفن قوة ناعمة لأي مجتمع، قد يبني الجسور مع المجتمعات الأخرى، وقد يفعل العكس، قد ينقل للعالم صورة حضارية، ورسالة ثقافية تشد المتلقي في أي مكان، وقد يسيء لمجتمعنا وينقل صورة غير واقعية. نعم الفن يحتاج إلى مساحة من الحرية، ولكنه أيضاً يتطلب توفر الرقابة الذاتية التي تجعل تدخل الرقابة الخارجية غير مبرر، ومن غير المنطقي أن يعتقد الفنان أن الإبداع يتطلب تجاوز القيم الأخلاقية أو المبالغة في جلد الذات من أجل إضحاك الجمهور وكسب المتابعين، إن الابتكار والأفكار الجديدة متاحة للفنان، الإبداع هو أن يفعل ذلك دون هدم للقيم السائدة. يجب أن ننظر إلى الرقابة من زاوية إيجابية، كونها تهدف إلى الارتقاء بالمنتجات الفنية حماية لحقوق المتابعين. أحد المسلسلات العربية عرض في مصر العام 2016 اعتبره عدد من النقاد ظاهرة تروج للبلطجية وأخذ الحق بالعنف والثأر بالذراع بدلاً من الاعتماد على القانون، وبعيداً تماماً عن المبادئ الأخلاقية كما جاء في دراسة للباحثة سحر مؤنس عيد بعنوان "الممارسات الدرامية في المسلسلات الرمضانية المصرية ودورها في تشكيل سلوك الجمهور". إن المطلوب كما توصي الدراسة المشار إليها هو تحقيق التوازن بين الحرية الفنية ومصالح المجتمع، وهذا ما تقتضيه المسؤولية الاجتماعية، وما نتفق معه ونطالب به. الرقابة الخارجية تتدخل عندما تفشل الرقابة الذاتية.