هل يمكن للمؤسسة تعليم موظفيها الابتكار؟

  • 7/4/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نعيش اليوم في عالم رقمي وُصِف خلال المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام، بأنه أصبح عبارةً عن جهاز كمبيوتر كبير؛ إذ تهيمن التكنولوجيا على حياتنا من مختلف جوانبها، بما في ذلك أماكن عملنا، فيما يشير إلى أن مستقبل الوظائف سيكون مختلفًا تمامًا عما هو عليه الآن. وفي الواقع، فإن 65٪ من الأطفال الذين التحقوا بالمدرسة الابتدائية العام الماضي، سيشغلون وظائف غير موجودة حاليًا، فهناك حاليًا مخاوف إزاء حدوث نقص في المهارات ضمن القوى العاملة، ولاسيَّما المهارات التكنولوجية، وكيفية سدّ هذا النقص بالأشخاص المناسبين. ويدرك قادة قطاع التكنولوجيا جيدًا هذا النقص، بل حتى إنهم مسؤولون جزئيًا عنه، لكن ذلك ليس بالأمر السيئ؛ إذ يشهد قطاع التكنولوجيا اليوم مستويات غير مسبوقة من الابتكار، ويتيح فرصًا جديدة لملايين الأشخاص والشركات في شتى أنحاء العالم؛ لذا أصبح العنصر البشري أكثر أهمية من أي وقت مضى لتحقيق أقصى إمكانيات التكنولوجيا، وما يرافقها من ابتكارات. ولسد النقص في المهارات، يجب على الشركات تولّي زمام المبادرة، بتمكين موظفيها من تجديد مهاراتهم والتعلّم مجددًا والبقاء على اطلاع على أحدث الأدوات المتاحة؛ لكي يكونوا قادرين على الابتكار بشكل مستمر. والسؤال هنا: كيف يمكن لأي شركة أن تحقق ذلك؟ للإجابة على هذا السؤال، ينبغي على أي مؤسسة طرح سؤالين أساسيين: أولًا: ما أهمية الابتكار بالنسبة للمؤسسة على الصعيد الداخلي؟ لا يقتصر الابتكار فقط على تطوير أحدث التقنيات، أو ابتكار شيء جديد تمامًا، بل يتعلق أيضًا بالإنجازات الصغيرة التي تجعل العمل اليومي أكثر كفاءة وبساطة؛ مثل تفكير فريق العمل بطريقة إبداعية لتطوير منتج موجود منذ سنوات. وقد يكون هذا الأمر بهدف مواكبة متطلبات العملاء أو المستخدمين، أو لأنه ببساطة يسهل على الموظفين أداء عملهم اليومي. لذا يجب أن تركز الشركة التي تسعى إلى النجاح على الابتكار، ليس فقط ضمن أعمالها الأساسية، بل أيضًا في جميع وظائفها، مع تطبيق الابتكار في جميع أقسام وإدارات الشركة، ووضع مسؤولية ذلك بين أيدي الجميع، بما يمكنهم من الابتكار والتفكير بشكل مختلف في عملهم. ثانيًا:هل يمكن تعليم الابتكار؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه قادة الموارد البشرية على أنفسهم طوال الوقت، والإجابة: أن حدوث الابتكار في جميع المستويات والوظائف ضمن الشركة، يتطلب توفر مجموعة عناصر تمكينية لدعم هذا الأمر، وهي تنمية المواهب، وتصميم وهيكل المؤسسة، وتطوير نظرتنا لمفهوم القيادة. وبغض النظر عن وظائفهم، يجب أن يتوفر للموظفين المعرفة والأدوات اللازمة للابتكار، والتمتع بثقافة مؤسسية تشجعهم على تجربة أشياء جديدة، مع تدريبهم في مختلف الأقسام على أحدث الابتكارات والأدوات التكنولوجية؛ فذلك يجعلهم قادرين على تطوير أفكار جديدة؛ مثل التفكير التصميمي، الذي يمكن تطبيقه في مجالات تخصصهم. وعلى سبيل المثال، هناك شركات تستفيد من إمكانيات تقنية الواقع الافتراضي للمساعدة في تقديم حلول تدريبية متطورة لموظفيها؛ مثل برامج تدريب لتطوير موظفي المبيعات؛ باستخدم تقنية الواقع الافتراضي كبيئة واقعية لفرق المبيعات لعيش تجربة التواصل مع العملاء. ويمكن توظيف الذكاء الاصطناعي أيضًا لتحسين أداء أقسام الموارد البشرية، عبر إمكانيات كبيرة في مجال إدارة الموارد والتخطيط المؤسسي وتحديد المهارات المطلوبة عبر مختلف الأسواق. ومن خلال الاستفادة من تحليلات البيانات، يتيح الذكاء الاصطناعي للمؤسسات تحديد المهارات المتوفرة ضمن فرق عملها، والثغرات التي قد تظهر أمامها مستقبلًا؛ ما يساعد في نهاية المطاف على توجيه استثماراتها لتحقيق موارد إضافية. التركيز على العنصر البشري على الرغم من أن التكنولوجيا توفر فوائد جمة، لكن استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لا يمكن أن يلغي دور موظفي أقسام الموارد البشرية، بل إنه يكمّلهم، ويمكّنهم من تحقيق مزيد من الابتكار في مجالهم. وليست المهارات التقنية سوى جزء من المعادلة، فقدرة المؤسسة على تحقيق النتائج المأمولة تعتمد الآن ومستقبلًا على بناء ثقافة حب العمل والحفاظ عليها؛ إذ يساعد الالتزام بهذا الجانب في استقطاب أفضل المواهب. ومن أساسيات حسن المعاملة، الالتزام الصادق بالإدماج، وتمكين الموظف من الشعور بالانتماء للمؤسسة التي يعمل فيها ليكون جزءًا من مجتمع واحد، مع إشعار أعضاء فريق العمل بأن رأيهم مسموع وذو قيمة للشركة؛ فذلك يحفز ولادة أفكار فريدة وجديدة، فضلًا عن تعزيز شغفهم بالعمل وتشجيعهم على الابتكار. وخلاصة القول، إن أهم شركات التكنولوجيا، مهما تطورت ابتكاراتها، ستظل بحاجة لأشخاص متميزين ومخلصين يعملون بشكل دائم على طرح أفكار جديدة ويفكرون بحلول مبتكرة للمستقبل؛ لذا يجب أن يظلّ الموظفون أثمن الأصول وأساس الابتكار.

مشاركة :