هل يمكن تعليم الابتكار؟

  • 7/21/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كاريس ريتشاردز * من المتوقع أن يشغل 65 % من الأطفال الذين التحقوا بالمدرسة الابتدائية العام الماضي وظائف غير موجودة حالياً. كذلك، هناك مخاوف إزاء حدوث نقص في المهارات ضمن القوى العاملة، وبشكل خاص المهارات التكنولوجية، وكيفية سدّ هذا النقص بالأشخاص المناسبين.نعيش اليوم في عالم رقمي تم وصفه خلال المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام بأنه أصبح عبارةً عن جهاز كمبيوتر كبير، إذ تهيمن التكنولوجيا على حياتنا من مختلف جوانبها، بما في ذلك أماكن عملنا، ويبدو أن مستقبل الوظائف سيكون مختلفًا تمامًا عما هو عليه الآن. وفي الواقع، فإن 65٪ من الأطفال الذين التحقوا بالمدرسة الابتدائية العام الماضي سيشغلون وظائف غير موجودة حاليًا. وهناك في الوقت الحاضر مخاوف إزاء حدوث نقص في المهارات ضمن القوى العاملة، وبشكل خاص المهارات التكنولوجية، وكيفية سدّ هذا النقص بالأشخاص المناسبين.إن قادة قطاع التكنولوجيا حول العالم يدركون جيدًا هذا النقص، بل حتى إنهم مسؤولون جزئيًا عنه، لكن ذلك ليس بالأمر السيئ. ما أعنيه هو أن قطاع التكنولوجيا اليوم يشهد مستويات غير مسبوقة من الابتكار، ويتيح فرصاً جديدة لملايين الأشخاص والشركات في جميع أنحاء العالم. ونتيجة لذلك ، أصبح العنصر البشري أكثر أهمية من أي وقت مضى للمساعدة في تحقيق أقصى إمكانات التكنولوجيا، وما يرافق ذلك من ابتكارات.وبعد ذلك، سيتوقّف الأمر على الشركات لتولي زمام المبادرة وسدّ هذا النقص في المهارات، وتمكين موظفيها من تجديد مهاراتهم والتعلّم مجدداً والبقاء على اطّلاع بأحدث الأدوات المتاحة، لكي يكونوا قادرين على الابتكار بشكل مستمر.والسؤال هنا، كيف يمكن لأي شركة أن تحقق ذلك؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب على أي مؤسسة طرح سؤالين أساسيين.أولاً، ما أهمية الابتكار بالنسبة للمؤسسة على الصعيد الداخلي؟لا يقتصر الابتكار فقط على تطوير أحدث التقنيات، أو ابتكار شيء جديد تماماً، بل يتعلق أيضاً بالإنجازات الصغيرة التي تجعل العمل اليومي الذي نقوم به أكثر كفاءة وبساطة. وبعض أهم الابتكارات التي تتناهى إلى مسامعي هي عندما يفكر فريق ما، بطريقة إبداعية ومختلفة لتطوير عملية أو منتج موجود منذ سنوات طويلة ولكنه بات يحتاج إلى تحديث. وقد يكون هذا الأمر بهدف مواكبة متطلبات العملاء أو المستخدمين، أو لأنه ببساطة يسهل على الموظفين القيام بعملهم اليومي.ولهذا السبب يجب أن تركز الشركة التي تسعى خلف النجاح، على جانب الابتكار ليس فقط ضمن أعمالها الأساسية، ولكن في جميع وظائفها. ولابد من تطبيق الابتكار في جميع أقسام وإدارات الشركة، ويجب أن توضع مسؤولية ذلك بين أيدي الجميع بما يمكنهم من الابتكار والتفكير بشكل مختلف في عملهم.وهذا الأمر يقودنا إلى السؤال الثاني.هل يمكن تعليم الابتكار؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه قادة الموارد البشرية على أنفسهم طوال الوقت. ولكن لكي يحدث الابتكار في جميع المستويات والوظائف ضمن الشركة، فمن الضروري توفر مجموعة من العناصر التمكينية لدعم هذا الأمر، وهي تنمية المواهب، وتصميم وهيكل المؤسسة، وتطوير نظرتنا لمفهوم القيادة.وبغض النظر عن وظائفهم، يجب أن يحصل الموظفون على المعرفة والأدوات اللازمة للابتكار كل يوم، والتمتع بثقافة مؤسسية تشجع الموظفين على تجربة أشياء جديدة. ومن المهم للغاية أيضاً تدريب الموظفين في مختلف الأقسام على أحدث الابتكارات والأدوات التكنولوجية، فعندها فقط سيكونون قادرين على تطوير أفكار جديدة، مثل التفكير التصميمي، والذي يمكن تطبيقه في مجالات تخصصهم.ومن الممكن توظيف الذكاء الاصطناعي أيضاً لتحسين أداء أقسام الموارد البشرية. وتنطوي هذه التقنية اليوم على إمكانات كبيرة في مجال إدارة الموارد والتخطيط المؤسسي وتحديد المهارات المطلوبة عبر مختلف الأسواق. ومن خلال الاستفادة من تحليلات البيانات، يتيح الذكاء الاصطناعي للمؤسسات تحديد مجموعة المهارات المتوفرة ضمن فرق عملها، والثغرات التي قد تظهر أمامها في المستقبل، مما يساعد في نهاية المطاف على توجيه استثماراتها لتحقيق موارد إضافية.التركيز على العنصر البشري هو الأساسعلى الرغم من أن التكنولوجيا توفر الكثير من الفوائد، إلا أن استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لا يمكن أن يلغي دور موظفي أقسام الموارد البشرية، بل إنه يكمّلهم ويمكّنهم من تحقيق المزيد من الابتكار في مجالهم هذا.والمهارات التقنية ليست سوى جزء من المعادلة، فقدرة المؤسسة على تحقيق النتائج المنشودة تعتمد الآن وفي المستقبل على بناء ثقافة حب العمل والحفاظ عليها. ويساعد الالتزام بهذا الجانب في استقطاب أفضل المواهب من خلفيات متنوعة.ومن أساسيات حسن المعاملة الالتزام الصادق بالإدماج، وتمكين الموظف من الشعور بالانتماء للمؤسسة التي يعمل فيها ليكون جزءاً من مجتمع واحد وذي هدف واحد. وينبغي أن يشعر الجميع بأنّ رأيهم مسموع وذو قيمة بالنسبة للشركة، فهذا الاهتمام والاحترام للموظفين على المستوى الفردي هو ما يحفز ولادة أفكار فريدة وجديدة، فضلاً عن أنه يعزز شغفهم بالعمل ويشجعهم على الابتكار.خلاصة القول، أن أهم شركات التكنولوجيا، مهما تطورت ابتكاراتها، فستظل بحاجة إلى أشخاص متميزين ومخلصين يعملون بشكل دائم على طرح أفكار جديدة ويفكرون بحلول مبتكرة للمستقبل. ولهذا السبب يجب أن يظلّ الموظفون أثمن الأصول وأساس الابتكار. * نائب الرئيس الأول للموارد البشرية في ماستركارد الشرق الأوسط وأفريقيا

مشاركة :