اعتبر خبراء ومحللون أن المواقف البريطانية الأخيرة بمطالبة إيران بالوقف الفوري لرفع تخصيبها لليورانيوم وما سبقها من تصريحات وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت التي أكد فيها أن بريطانيا ستنسحب من الاتفاق النووي إذا لم تلتزم طهران ببنود الاتفاق تعد تغييراً غير مسبوق في النهج الذي تنتهجه لندن في الملف النووي منذ أعوام، وأكد الخبراء في تصريحات لـ«الاتحاد» أن تصعيد إيران وسلوكها المستفز، وتحريضها لوكلائها الحوثيين وحزب الله لزعزعة الاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى زيادة وتيرة الهجوم على المدنيين في المملكة العربية السعودية أحد أهم الأسباب من جهة، ومن الجهة الأخرى محاولة بريطانيا لإظهار رغبتها للعودة كلاعب رئيسي وحليف وثيق للولايات المتحدة خاصةً مع اقتراب خروجها من الاتحاد الأوروبي. وأكد الكاتب البريطاني مايكل بنيون أن تهديد بريطانيا من الانسحاب من الاتفاق النووي منبعه قلقها المتزايد من التصعيد الإيراني بشأن برنامجها النووي يوماً بعد يوم خاصة في ظل سلوكها غير المسؤول، موضحاً أن بريطانيا تغير اتجاهها تدريجياً من الاتحاد الأوروبي إلى الاتجاه الأميركي، مؤكداً أن السياسة البريطانية ليست لها علاقة بانتخابات رئيس الوزراء البريطاني، مؤكداً أن بريطانيا حاولت لوقت طويل إنجاح الاتفاق النووي على الرغم من العلاقات المتأرجحة مع إيران لأسباب مختلفة، ولكن بريطانيا حاولت الإبقاء على الاتفاق ودعمت الحوار مع طهران لردع برنامجها النووي وكبح جماح نفوذها في الخليج. ورجح بنيون أنه أياً كان الفائز في انتخابات رئاسة الوزراء البريطانية سيلتزم بمنهج بريطانيا في الدفاع عن مصالحها وعن مصالح حلفائها في الخليج. من جهته، اعتبر أحمد أبو الدوح مستشار التحرير في صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أن المواقف البريطانية تعكس خطاباً جديداً وسياسة جديدة تماماً تتبناها المملكة المتحدة وصفها بالبريكسيت الآخر من وجهة النظر الأوروبية، في ما يخص إيران، فبريطانيا اليوم لم تعد تثق كثيراً في الاتفاق النووي وتعتقد أنه على المدى المتوسط قد يشهد انهياراً عبر انسحاب أحد الموقعين عليه خاصة إيران. ورأى أبو الدوح أن بريطانيا تحاول إيصال رسالة للإدارة الأميركية بأنها تقف إلى جانبها خاصة بعد زيارة ترامب الأخيرة إلى لندن، حيث أوضح للبريطانيين أن الولايات المتحدة ستجعل المواجهة مع إيران حرباً اقتصادية شاملة، مشيراً إلى أن بريطانيا وجهت بموقفها الجديد رسالة واضحة للولايات المتحدة أنها حليف استراتيجي يمكن من خلالها أن تعيد الحلف إلى سابق عهده في الملفات المهمة مع إدارة ترامب الذي يريد أن يصل قبل انتخابات 2020 إلى اتفاق بديل مع إيران باعتباره إنجازاً يمكن آن يساعده في الانتخابات. ولفت أبو الدوح إلى أن المؤسسات الرسمية في بريطانيا وصلت لقناعة ضرورة تغيير الخطاب الموجه إلى إيران، وتأخذ بشكل واضح الصف الأميركي لتحطم الصورة التي تحاول إيران أن تظهرها بأن أوروبا لا تقف مع الولايات المتحدة وأنها أحدثت انشقاقاً بين بريطانيا والولايات المتحدة. وأضاف أن بريطانيا ترغب في أن تصبح في موقع رأس الحربة في تشكيل التحالف الدولي الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيله في مواجهة إيران وهي تريد أن تستخدم ثقلها للضغط على إيران للالتزام بالاتفاق وأنها قادرة في الوقت نفسه على الانسحاب من الاتفاق النووي في أي لحظة. ومن جانبها، شددت نجلاء الحبريري المتخصصة في الشأن البريطاني أنه إذا استمرت إيران في استفزازاتها واستمرت في تحريض وكلائها بالمنطقة، مع ارتفاع وتيرة هجوم الحوثيين على المدنيين في المملكة العربية السعودية سوف يشهد الموقف البريطاني المزيد من التصعيد والتشدد ولن يختلف كثيراً عن باقي الدول الأوروبية مع فارق أن الكلمة البريطانية كلمة مسموعة وقوية لدى الأوروبيين والإدارة الأميركية على حد سواء. ولفتت إلى ضرورة أن تتخذ الدول الأوروبية موقفاً موحداً إزاء الانتهاكات الإيرانية للاتفاق النووي. وأضافت أن الأوروبيين سيعملون على الحفاظ على الصورة الموحدة والتأكيد على أهمية التزام طهران بالاتفاق النووي ومطالبتها بتراجعها عن تخصيب اليورانيوم، مشيرة إلى أن بريطانيا أكدت منذ البداية التزامها ببنود الاتفاق النووي، لكنها أكدت مراراً بضرورة التزام جميع الأطراف بجميع بنود الاتفاق وخاصة إيران. وأكدت أن الخرق الإيراني للاتفاق وتحريكها الميليشيات التابعة لها في اليمن والعراق سيجعلها «إيران» تقف وحيدة أمام أميركا والدول الأوروبية والعالم.
مشاركة :