الزمن الأمريكي القديم الذي كانت تجوب فيه أساطيلها العسكرية العملاقة بحار ومحيطات العالم دفاعًا عن أمن الملاحة الدولية وأمن حلفائها شرقًا وغربًا (مجانًا) يبدو أنه قد ولّى في عهد الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب). هو صريح ويريد ثمنا ماليًّا لذلك، ولا يفعل ذلك معنا في دول الخليج العربي فقط، بل إنه يتصرف بنفس الطريقة مع الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند و«الاتحاد الأوروبي» وحلف شمال الأطلسي (الناتو). باختصار، إنه يتصرف بهذه الطريقة (التجارية) مع كل دول العالم. إذن الإدارة الأمريكية في عهد (ترامب) مختلفة تمامًا عن الإدارات السابقة في «البيت الأبيض» التي كانت تحمل شعار (الصيت ولا الغنى). فجاء الرئيس ترامب ورفع شعارا آخر هو (نريد الصيت والغنى معًا). وقد اختلفت ردود أفعال الدول في العالم في تعاملها مع هذا الشعار الجديد، فهناك دول قبلت بدفع الثمن، ودول دخلت في مفاوضات مع أمريكا مثل كندا والمكسيك والصين واليابان والهند و«الاتحاد الأوروبي» بعضها سوّى حساباته المصرفية والجمركية ونسب الضرائب والرسوم المالية المتبادلة، والبعض الآخر لا يزال في مفاوضات صعبة مثل (الصين). لكن ما يهمنا نحن في دول المنطقة الغنية بالنفط والغاز والحيوية للاقتصاد العالمي، أن نكون أيضًا واضحين في تحديد صيغة التحالف مع أمريكا، وأن نكون صريحين ونتعامل مع (الإدارة الأمريكية) الجديدة في عهد ترامب بشفافية؛ لأن «الصفقات السياسية» التي قد تبرمها أمريكا مع إيران قد تكون على حساب مصالح دول المنطقة الخليجية والدول العربية، وهذا قد يتسبب في انعدام ثقة في (الصيت الأمريكي) كحليف للآخرين. إذا عقدت أمريكا صفقة مع إيران حول برنامجها النووي، وتركت لها حرية الحركة عبر مليشياتها المسلحة المنتشرة في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وسمحت لها بافتعال الأعمال الإرهابية في المنطقة الخليجية والعالم، فإنها لن تختلف عما فعله الرئيس الأمريكي السابق (أوباما) حين باع حلفاء أمريكا من دون ثمن، بل إنه كافأ إيران بمليارات الدولارات الأمريكية، فكان ذلك (مهر) عقد قران زيجة (الملف النووي الإيراني) عام 2015. حتى في الصفقات التجارية يتم الحرص على وضوح البنود المعتمدة بعيدًا عن الغش التجاري. وهذا ما نأمله من الإدارة الجديدة في البيت الأبيض.
مشاركة :