نهاية رفيق السوء

  • 7/12/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتب: أمير السني رفقاء السوء دائماً يجلبون الشر إلى من يرافقهم، ويدفعونه إلى الانحدار نحو الهاوية؛ بجره إلى الطرق المظلمة، والسير في طريق اللهو والعبث، ويورثونه الحقد والكراهية والنظرة السالبة للحياة، وكلما حاول الصعود نحو الطريق الصحيح يعيدونه إلى النفق مرة أخرى؛ بدعوى الاستمتاع بالملذات والاستماع إلى النفس الأمارة بالسوء التي تنهاه عن فعل الخير، ومؤانسة الأخيار والمعاملة الحسنة والعشرة الطيبة والإخاء.الرفقة السيئة لا تنتهي بخير، وإنما تدعو إلى الاستمرار في فعل السوء من دون أن يدرك من يعاشر رفاق السوء أنه يقف أمام الهاوية ولا يأبه إذا سقط منها ويحاول اتباع خطواتهم ويتسابق معهم في فعل كل ماهو سيئ، ويحاول أن يثبت أمامهم أنه بطل في أعينهم، وأنه يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك في سبيل إرضائهم، وبالتالي يصبح عضواً فاعلاً وسط تلك الشلة السيئة ولا يستطيع أن ينفك عنها ما دام يسير في ركابهم.في هذا الطريق السيئ التقى الشاب الآسيوي الذي يعمل في مجال البناء بصديق له تعرف إليه في سكن العمال التابع للشركة التي يعمل فيها، وبدأت الصداقة تتوطد بينهما، وكانا يجلسان في الفسحة جوار الحائط يتحادثان حتى منتصف الليل، وصديق الشاب الآسيوي ينفث في السيجارة ويحكي للشاب عن بطولاته الرومانسية وقدرته على جذب الفتيات والإيقاع بهن في حباله واللعب بهن عبر الوسائط الإلكترونية ومصادقة هذه وترك الأخرى، وبعد أسابيع تمكن الشاب من الإمساك بالسيجارة جيداً والنفث فيها على الطريقة ذاتها التي يمسك بها صديقه، وأصبح مدخناً شرهاً يجلس مع صديقه في الليل ويستمع إلى قصصه، وأخبره صديقه عن معرفته بلعب (الكوتشينة) ولكن الشاب بسبب خبرته القليلة في الحياة لم يلعبها من قبل، وأخذه صديقه إلى الغرفة التي يلعب فيها العمال وبدأ يراقب كيفية اللعب إلى أن تعلمها جيداً، وصار مقامراً يداوم على تلك اللعبة.ظل الشاب الآسيوي في مصاحبة دائمة مع رفاقه، الذين يسكنون معه في سكن للعمال.. يذهبون إلى العمل في الصباح ويتنادمون في الليل ويلعبون (الكوتشينة) بمقابل مادي، وهو يلعب معهم عسى أن يكسب الرهان ويفوز بالمال ويغتني به بدلاً من راتبه الضعيف الذي يتقاضاه ولا يكفي باقي شهره؛ لأنه يرسل نصف راتبه إلى أهله الذين ينتظرون بداية كل شهر مساعداته لهم وهم في أشد الحاجة لها؛ لتسد فقرهم، فوالده يشقى ليجلب لأشقائه وشقيقاته الرزق، وتسعى الوالدة إلى توفير المصروف وشراء الحاجيات والكتب والكراسات لإخوته الصغار الذين لا يزالون في المدرسة فضلاً عن أخويه الذين لم يتجاوزا سن الخامسة ويحتاجان إلى الرعاية والمال لا يكفي؛ ولذلك سافر الشاب؛ لكي يسعى من أجل زيادة دخل الأسرة الفقيرة التي هي في أمسّ الحاجة له بعدما ودعه والداه وهما ينظران إليه بعين الرضا ويدعوان له بالتوفيق. صارت حياة الشاب على هذا المنوال؛ حيث إنه يعمل عملاً شاقاً في النهار، ويهروب من ضغوط الحياة باللجوء إلى الخمر ورفاق السوء في الليل، وأصبح يضيق ذرعاً بكل من يحاول أن ينصحه من أصدقائه الأخيار في الغرفة بالعدول عن طريقته التي يعيشها، وهم يحذرونه من خسارة كل مدخراته إذا استمر في المقامرة بأمواله؛ لكنه لا يلقي بالاً بتلك النصائح فيتركهم ويخلد إلى النوم.وفي يوم طلب صديق الشاب ورفيق السوء منه مبلغاً مالياً؛ لكي يقامر به فأعطاه الشاب المال شريطة أن يرجعه إليه؛ لأنه يريد أن يرسل إلى أسرته خاصة وأن الشهر قارب على نهايته، ووعده صديقه بإرجاع المال ودخل صديق السوء في المقامرة وخسر المال الذي استدانه من الشاب وبالطبع خسر وعده له، وعندما طلب منه الشاب أن يعيد له ماله بأية طريقة ارتفع صوتهما وبدآ في التشاجر بينهما، وحاول الشاب الإمساك بقميص صديقه؛ لكن الأخير كان أقوى وأضخم من الشاب الآسيوي فلم يتمكن من ضرب رفيق السوء الذي باغته بلكمة على وجهه رمته أرضاً، فسال الدم من فمه واستشاط غضباً وحاول مرة أخرى أن يضرب رفيقه إلا أن زملاءه في السكن تمكنوا من التفريق بينهما، وحاولوا تهدئة الشاب وطلبوا من الرفيقين أن يذهب كل واحد منهما إلى سريره، فعاد الشاب إلى سريره وهو غضبان لما فعله به رفيق السوء، وبدأ شريط الذكريات يعود به إلى اليوم الأول عندما التقى به والأفكار السلبية التي كان ينفثها في وجهه مع دخان السيجارة كل يوم حتى تعلم التدخين ثم تعلم شرب الخمر فأصبح لا يدري ما الذي يفعله بعد تناولها، ثم لعب القمار وأصبح يدخل في منافسة غير شريفة؛ بسببها يفقد راتبه الذي يحصل عليه بجهد وتعب وعرق يسيل في شمس حارقة، وأخلد العمال إلى النوم وأطفؤوا النور بعدما تمكنوا من فك العراك بين الشاب ورفيقه، وفجأة استيقظ جميع من كان في الغرفة على صراخ أحدهم، وأضاؤوا النور في الغرفة فوجدوا رفيق السوء مضرجاً بالدماء وهو يصرخ من شدة الألم، وتحولت النظرات إلى الشاب الذي كان يجلس بهدوء في سريره وهو يمسك بالسكين الملوثة بدماء رفيقه وقام العمال بمحاولة إسعاف المطعون والاتصال بالشرطة التي حضرت إلى المكان وألقت القبض على الشاب الآسيوي، وتم تحويله إلى النيابة العامة التي أمرت بتقديمه إلى المحكمة بتهمة القتل العمد، وعند سؤال القاضي الشاب الآسيوي حول الواقعة قال وهو خلف القضبان إنه لم يكن يدري ما يفعله بسبب تناول الخمر، وحكمُ عليه بدفع دية رفيقه المجني عليه والسجن سبع سنوات.

مشاركة :