لم يكتف منظمو موسم أصيلة الثقافي بالندوات الفكرية والثقافية أو محترفات الفن التشكيلي ولا بحفلات الموسيقى المغربية والأفريقية، بل تعدت فقرات المهرجان إلى الاهتمام بالتعبير الأدبي بكل أشكاله عند الأطفال. و“أيقظ خيالك” شعار اشتغل عليه مدير المشغل الشاعر والأكاديمي المغربي أحمد العمراوي، إلى جانب ثلة من الأطفال تترواح أعمارهم بين 7 سنوات و16 سنة، وقد حضرت “العرب” إحدى الورشات التي أطلق عليها اسم عالمة الاجتماع المغربية الراحلة فاطمة المرنيسي، وامتدت من 8 إلى 11 من شهر يوليو الجاري، لترصد حيوية ونشاطا داخل المحترف الذي ضم عددا كبيرا من هؤلاء المهتمين بالشعر والقصة والمسرح وغيره. وأوضح مدير المحترف أحمد العمراوي أن المحترفات الإبداعية مختلفة عن الورشات، لأن هذه الأخيرة تتخذ صيغة جماعية، فيما الكتابة في المحترف كتابة فردية تنطلق من عمل جماعي، فالمحترف حلقة دراسية لتنمية مهارات وتقنيات الكتابة الإبداعية، مضيفا أن البعد التقني يعتبر محددا رئيسيا، والكتابة الإبداعية ليست نسخا لنصوص أخرى بشكل عام، رغم أن كل كاتب ما هو في الأصل سوى ناسخ لغيره بشكل ما.ومن التقنيات المستعملة في المحترف، كما يؤكد أحمد العمراوي لـ“العرب”، الاعتماد على الذكاءات المتعددة لفسح المجال للتلميذ كي يبدع في مجالات أخرى غير الكتابة كالرسم والتمثيل والرقص، ثم اعتمد هذه السنة تقنية القبعات الست للتفكير كوسيلة لتحسين التواصل، مازجا بين الرغبة والمتعة باعتماد ألعاب تعليمية تدريبية تحسن مستوى التواصل والأداء عند التلاميذ. وكما يقول مدير المحترف أحمد العمراوي، “العمل الذي نقوم به يهدف إلى إبراز الجانب الخفي في شخصية الطفل، وإيقاظ الشاعر النائم فيه بوسائل ذاتية، بهدف التحفيز على القراءة من خلال الكتابة، فكل قراءة تقود إلى الكتابة، وكل كتابة تدعو إلى المزيد من القراءة”. وفي استطلاع قامت به “العرب” لآراء الأطفال المشاركين في هذا المحترف تقول فتيحة حنين، مستوى الأولى ثانوي “إني حضرت 8 محترفات طيلة سنتين متتابعتين مع المحترفات التي ينشطها الأستاذ الشاعر أحمد العمراوي، وحين حضرت أول مرة قبل ثماني سنوات لم يكن لدي أي هدف حول ما سأقوم به ولكن بفضل المؤطر الذي شجعني على الكتابة استطعت أن أواصل الكتابة والقراءة وقد طورت لغتي وامتلكت رصيدا لغويا جيدا مكنني من الرغبة في الكتابة بشكل شبه يومي”. وحول تجربتها في هذا المشغل تقول دعاء ببري، مستوى الأولى ثانوي، لـ“العرب”، إنها استطاعت بفضل التدريبات المتواصلة أن تكسر حاجز الخوف وأجرت مع مجموعتها حوارات مع كتاب ومفكرين كانوا متواجدين بموسم أصيلة، مشيرة إلى أن هناك فرقا بين أول مرة حضرت فيها قبل ثلاث سنوات وبين ما تشعر به الآن، إذ كانت تشتغل لوحدها مع دفترها دون توجيه، ومنذ سنة أصبحت تكتب بشكل يومي وتلتزم بكتابة مذكراتها يوميا، كما أنتجت شعرا وقصة قصيرة وهايكو. لقد أتيت في العام 2017 للورشة بالصدفة، يقول يوسف الفحصي، مستوى الثانية ثانوي، ولم أكن أعرف شيئا عن كتابة الشعر، وفي الدورة الأولى كنت أتعلم من أصدقائي لكن بعدها اكتسبت بعض المهارات حول طرق الكتابة وطريقة التعامل مع الذات ومع الآخرين ومع الكتاب والنصوص الشعرية والروايات. بحيث أصبحت أعشق الشعر ولا يمكن أن أمر أمام كتاب دون أن أتصفحه. واعتبر يوسف الفحصي، أن محترف الأستاذ أحمد العمراوي أضاف له الكثير فكأنما كان لديه شاعر صغير مختبئ بداخله وتم إخراجه للوجود، لقد تغيرت بداخله الكثير من الأمور، كما يقول، مؤكدا أنه يشعر أن لديه قيمة وأهمية بعد أن كان منغلقا على نفسه. ويعترف زيد الشهدي، مستوى الخامسة ابتدائي، باستفادته الكبيرة من ورشة الكتابة والإبداع، قائلا “أنا الآن عمري عشر سنوات كتبت بالأمس شعرا سميته منسيات العالم الدنيوي عن الحالات التي عالجتها عالمة الاجتماع فاطمة المرنيسي، وقبل ذلك كتبت 12 مذكرة عن طفولتي، ثم كتبت حوارا بين شهرزاد وشهريار”. وبلغة سليمة تقول دعاء أجغال، مستوى الخامسة ابتدائي وعمرها 10 سنوات، إنها حضرت لثاني مرة لتتعلم قواعد الشعر والكتابة وتريد أن تصبح شاعرة، وهي مولعة بقراءة وكتابة الشعر والرسم والتمثيل والقصة.أحضر لأتعلم الشعر والقصة وأنا في فرقة مسرحية يشرف عليها الأستاذ مصطفى البعليش”، تقول هبة الدريوش، مستوى السادسة ابتدائي، مضيفة أن المحترفات أضافت لها الشيء الكثير فملأت وقت فراغها وأصبحت تكتب دائما. وتتابع “الكتابة دفعتني إلى المزيد من القراءة. وأصبحت المتفوقة في كل المدرسة، وقد ساعدتني الخارطة الذهنية التي تعلمتها من الأستاذ العمراوي على التغلب على فهم وحفظ الدروس، ونحن الآن نمثل مسرحية ‘أصابع الجلم‘ للكاتب مصطفى البعليش، عن الراحل أحمد بركات”. وتقام المحترفات أربع مرات في السنة خلال العطل المدرسية، وتشير أميمة الدياز، مستوى الثانية باكالوريا (18 سنة)، إلى تمكن المشاركين من الاستفادة من الطاقات الإبداعية من خلال الذكاءات المتعددة، لذلك فقد تم إجراء حوارات مع كتاب وفنانين. وتؤكد لـ“العرب”، أنها منذ 3 سنوات وهي تحضر هذه المحترفات وقد تعلمت الكثير وكتبت الكثير، والتقت بصمويل شمعون وحسونة المصباحي ومحمد الأشعري وبآخرين وأجرت حوارات مع أغلبهم. وتقول “أنا أرغب بعد الباكالوريا هذه السنة أن أتوجه إلى الصحافة والإعلام”.
مشاركة :