قال مصطفى ناصر، أحد الشهود في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس، إن الحريري كلفه قبل يومين من اغتياله «بإبلاغ (الأمين العام لحزب الله) حسن نصر الله أن جاك شيراك سيمنع تصنيف حزب الله إرهابيًا»، مشيرًا إلى أن الحريري «كان يعتبر أن حزب الله هو حزب سياسي وسلاحه هو سلاح مقاومة». المحكمة واصلت أمس، الاستماع إلى إفادة ناصر، الذي كان يشغل موقع مستشار للرئيس الراحل رفيق الحريري وكان يُعرف بأنه يلعب سياسيًا دور همزة الوصل بين الحريري وحزب الله، ولقد استجوبه فريق الدفاع عن المتهم حسين عنيسي. وللعلم، لا يشغل ناصر حاليًا أي موقع في تيار المستقبل، منذ تبليغه بإنهاء تكليفه بمهمة المستشار للرئيس سعد الحريري منذ مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2010، كما أكد بيان صادر عن مكتب الحريري أمس. ومما قاله ناصر في رده على فريق الدفاع عن عنيسي، إنه «في اللقاء الأول بين الرئيس الحريري ونصر الله، قال الأخير: نحن نقاوم الاحتلال وأنت تقاوم الحرمان». كما أشار إلى أن الحريري «كان يكتفي بأمن حزب الله خلال ذهابه لزيارة نصر الله»، معتبرًا أن ذلك «دليل ثقة»، لافتا إلى أن «اللقاءات بينهما كانت تُعرف بعد إجرائها وليس قبل ذلك». وتابع ناصر أن الحريري ونصر الله «كانا يدركان أهمية التعاون بينهما لمصلحة لبنان». وأعرب عن اعتقاده بأن الحريري «كان يرى مقاومة حزب الله مقاومة مشروعة، وقد شرعنت أكثر دوليًا بعد حرب أبريل (نيسان) 1996 بما سمي بـ(اتفاق نيسان) وحضرته مجموعة من دول العالم في دمشق». وتابع أن العلاقة بين الحريري ونصر الله «بنيت على الثقة المتبادلة، لأنه ليس من إمكانية لعمل سياسي في لبنان دون التعاون بين الطرفين، لا مشروع اليسار ولا مشروع نيابي ولا مشروع وزاري، ورأينا لاحقا عندما اختلف الطرفان سياسيًا كيف تعطلت الحكومة وتعطل البلد». وقال ناصر إن سياق العلاقة بين الحريري وحزب الله منذ عام 1992، مر بثلاث مشكلات كبرى: سياسية أحيانا، واجتماعية أحيانا، وأمنية أحيانا، مضيفًا أن حلها استغرق وقتًا طويلاً، وشدد على أن شخصية الحريري، في معظم الأحيان، كانت شخصية تفاوضية حوارية، نافيًا أن يكون اصطدم مع أحد صدامًا وصل إلى مرحلة إراقة الدماء، مشددًا على أن خصومه كانوا يدركون هذه الميزة به. وفي سياق آخر، قال ناصر إن الحريري «لعب دورًا دوليًا مع الرئيس شيراك وفرنسا لمنع وضع اسم حزب الله على لائحة الإرهاب». وأضاف: «قبل استشهاده بأيام قليلة جدًا كلفني أن أنقل للسيد حسن، ربما السبت قبل وفاته، أن الرئيس شيراك وفرنسا سيمنعان وضع اسم حزب الله نهار الثلاثاء، بعد وفاته بيوم، على لائحة الإرهاب في بروكسل، وهذا عمل دولي يحتاج إلى مفاوضات وإلى صلات وعلاقات». وأضاف: «بلغت السيد حسن أن الرئيس الحريري يقول إن فرنسا والرئيس شيراك شخصيا اعتمدا منع وضع اسم حزب الله على لائحة الإرهاب يوم الثلاثاء. وربما إذا عدتم إلى أرشيف الاتحاد الأوروبي، فستجدون أن حزب الله لم يوضع على لائحة الإرهاب، وهذا عمل دولي».. وأردف: «حتى في نيسان (أبريل) 1996 كان الرئيس الحريري قد جال على دول العالم من أجل وقف إطلاق النار وشرعنة وجود المقاومة في الجنوب ومنع الاعتداء على المدنيين على طرفي الحدود، وقد نجح في ذلك بالتوافق مع السيد حسن، ومع سوريا وفرنسا والدول التي كانت تجتمع في دمشق. إذن هو رجل دولي ويعمل بمفاوضات دائمة من أجل لبنان وبما يقتنع به»
مشاركة :