ـ من الرزق الطّيّب الكريم أن يعمل الإنسان في المهنة التي يُحبّها، والله يزيد المُحسنين!. ـ لـ"المُحسنين" دائمًا بُعْد جماليّ أوسع ممّا تكتفي به المبادرة الأولى للذّهن!. الكلمة تشمل الإحسان لكنها تشمل الحُسْن أيضًا!. ـ كل من يرزقه الله بفضله تعالى نِعمة أن يمتهن العمل الذي يُحبّ، يكون رهانه الذي أظنّ أنّ الله سيحاسبه عليه، هو قدرته على "الحُسْن" في عمله مثلما "الإحسان" فيه!. ـ ذلك أنّ شروط الحريّة في الاختيار والمتعة في العمل قد توفّرتْ على أفضل نحو ممكن، بل بما يشبه الأُمْنِية!. الأمر الذي يمكنه محو الأعذار ومبررات التقصير!. ـ يصعب على من يَعمل ما يُحبّ أن يتململ أو يشعر بالتعب، ذلك أنّه وكلّما شعُر بالإرهاق، صاحبتِ اللذّة ذلك الإرهاق وتناسبتْ معه طرديًّا!. ـ حسنًا، لنفترض أنني أحبّ كرة القدم، وأنني في سِنّ يسمح لي بممارستها واتخاذها عملًا، أو أن أعمل مُعلِّقًا!، أو أنْ يكون العمر قد تقدّم بي لكنني أحب أن أكون مدرّبًا أو مديرًا فنيًّا، أو إداريًّا، ثم جاءتْ فرصة ذهبيّة، ولقيتني في المكان الذي أُريد وفي العمل الذي أُحب: ـ هل يكون ذلك الأمر نعمةً أم نقمةً أم ماذا بالضبط؟!. هنا تأتي مسألة "الحُسْن" حاسمةً، لتحديد المعنى وضبطه. دون ذلك لا يمكن الوصول إلى جَوَاب صائب يطمئن إليه القلب، وتؤكده فاعلية الجهد ونتيجة العمل!. ـ يحق لنا جميعًا أنْ نحلم بما نحب، السؤال ليس هنا، لكنه فيما إذا كنّا بالفعل قادرين على تقديم "أحسن" ما يمكن لنا تقديمه في هذا المجال؟! وهو سؤال يستلزم ضميرًا حيًّا، وعقلًا رزينًا، ونفسًا محبّة للإنصاف!. ـ ذلك أنه سؤال يسحب معه سؤالًا آخر بأهميّته أو أكثر: هل هناك فيمن هم حولي، يحومون على نفس ما أحوم عليه، وأعرف من بينهم من هو أكثر رغبةً وموهبةً وقدرةً ومهارةً وجديّةً والتزامًا؟!. ـ إنْ كان هناك من هو أفضل مني، وكنت أعرف ذلك، وأنّه مثلي قابِل بشروط العمل، راتبه وساعاته وكافّة متطلّباته، وكانت حاجتنا للحصول على هذا العمل هيَ هيَ ذاتها، فلا أظنّ إلّا أنه من "الإحسان" تقديمه على نفسي، وتزكيته، بتبيان كل ما أعرفه عنه من موهبة وعِلْم ومهارة، وأفوّض أمري إلى الله. خاصةً إن كنتُ على يقين تام من اتساع الفوارق بيني وبينه إلى الدرجة التي لا يُمكن تجاهلها أو إهمالها!. ـ وحتى لو لم تكن مثل هذه المنافسة موجودة، فإنّ السؤال لا يُمحى، وإنما يتشكّل بصيغة أخرى: هل لديّ القدرة على تقديم ما هو حَسَن ثمّ ما هو أحسن فيما لو عملتُ ما أحب عمله حقًّا؟!. ـ أمور كثيرة تتصل وتنفصل وتعيد صياغة أشكالها أمام هذا السؤال، وأوضح ما يمكن رؤيته وتقييمه في هذا الأمر هو انفصال، واتساع المسافة الفارقة بين، الهواية والموهبة!. ـ "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ". وفي كل امتحانٍ بلاء، والإنسان أبدًا في امتحان، وعليه فإنه أبدًا في بلاء: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ"، فكّر في هذه الـ"أحسن" كثيرًا، أسعدك الله!.
مشاركة :