تستعد تركيا لمواجهة فترة صعبة للغاية مجدداً، تتمثل في مواجهة عقوبات أوروبية وأميركية، مع تزايد احتمالات خروجها من حلف شمال الأطلسي «الناتو»، وذلك جراء سياسة العناد التي يتبناها الرئيس رجب طيب أردوغان من أجل تحقيق أحلامه بأن يصبح رئيساً لقوة إقليمية كبيرة، يمكنها مناطحة الكبار في العالم. ولعل أبرز ما تواجهه تركيا حالياً، العقوبات الأميركية التي تنتظرها جراء إصرار أردوغان على شراء منظومة الصواريخ الروسية «إس 400» رغم تحذيرات واشنطن من عواقب ذلك، فضلاً عما أعرب عنه «الناتو» من قلقه البالغ إزاء هذه الصفقة، مع تزايد المؤشرات على إمكانية اتخاذ الحلف موقفاً أكثر حزماً بإلغاء عضوية أنقرة فيه. ويبدو أن عناد أردوغان لم يتوقف عند هذا الحد، بل بلغ مداه في قراره بإرسال سفينتين إلى قبالة سواحل قبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، من أجل التنقيب عن النفط والغاز، وهو الإجراء الذي أدى بالطبع لزيادة التوتر في منطقة شرق المتوسط والغضب العارم من قبل الاتحاد الأوروبي الذي هدد باتخاذ إجراءات عقابية اقتصادية ضد تركيا. العناد الأردوغاني طال أيضاً الاقتصاد التركي الذي يعيش أسوأ أزماته، في ظل استمرار انهيار العملة، وتراجع النمو الاقتصادي، وتواصل ارتفاع التضخم المالي إلى مستويات غير مسبوقة، خصوصاً بعد إصرار أردوغان على إطاحة رئيس البنك المركزي، وهو ما أدى إلى تزايد مخاوف المستثمرين وهروبهم من تركيا، وهو ما يزيد من عمق الأزمة التي تعيشها أنقرة. الخسائر تتوالى على رأس أردوغان بسبب العناد والتعنت في القرارات التي يتبناها ضارباً عرض الحائط بكل ما فيه مصلحة بلاده من أجل الظهور كندٍّ وبطل عالمي.
مشاركة :