اعتبر خبراء ومحللون سياسيون أن إجراء الرئيس التركي رجب أردوغان حركة تغيير كبيرة في السلك الدبلوماسي التركي، تتضمن 51 سفيراً لدى دول، من بينها فرنسا والولايات المتحدة، يكشف عن ارتباكه ومخاوفه بعد العقوبات التي أقرها كل من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة. وأوضح الخبراء لـ«الاتحاد» أن اعتماد أردوغان في اختياراته على شخصيات مقربة من زعماء هذه الدول، ودوائر صنع واتخاذ القرار فيها، هي محاولة لتبييض سمعته وتخفيف التصعيد ضده، لا سيما أنه أدرك أن قدوم بايدن بعثر أوراقه وسياساته العدائية، خصوصاً في منطقة شرق البحر المتوسط. وفي هذا السياق، أشار المحلل السياسي التركي حميد بيلجي إلى أن أردوغان حاول المراوغة قدر إمكانه خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً وأنه أصبح محاصراً من كل الجهات، خصوصاً على الجبهة الاقتصادية. وأضاف بيلجي: بات أردوغان خائفاً من مواجهة تفتيت الجبهة الداخلية للبلاد وخسارة للانتخابات المقبلة، مشيراً إلى أن تغيير السفراء ربما محاولة من الرئيس التركي لاسترضاء الاتحاد الأوروبي. وأشار بيلجي في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى أن النظام التركي أجرى بعض التغييرات الشكلية خلال الفترة الماضية، وليس فقط على مستوى السفراء، وإنما على مستوى الإدارة الداخلية، إذ إن الانتخابات المقبلة، سواء برلمانية أو رئاسية، أكثر ما يؤرق الرئيس التركي مع تراجع شعبيته وتسببه في العديد من الأزمات الخارجية للشعب التركي الذي ضاق ذرعاً بالعقوبات الاقتصادية نتيجة تصرفات أردوغان خلال الفترة الماضية. وتضمنت حركة التغييرات الدبلوماسية التركية تعيين السفير التركي السابق لدى طوكيو والنائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، مراد مرجان، سفيراً لدى واشنطن. ومرجان هو أحد المقربين من الرئيس التركي السابق عبد الله جول، ومن مؤسسي الحزب في تركيا، وأيضاً من بين السفراء الجدد علي أونانار، الذي تم تعيينه سفيراً لأنقرة لدى باريس، ويعرف بأنه صديق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وفي وقت سابق، تولى مرجان رئاسة الوفد التركي لدى جمعية الأمن والدفاع لاتحاد غرب أوروبا والمجلس البرلماني التابع للمجلس الأوروبي. ومن جانبه، قال محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن أردوغان يغير سفراءه في العواصم الكبيرة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية كخطوة استباقية لفوز جو بايدن في الانتخابات الأميركية، الذي بعثر الأوراق، لأن هناك خوفاً جلياً في تركيا. وأضاف حامد لـ«الاتحاد»: إن كثيراً من الأتراك في أميركا يتواصلون مع حملة بايدن ومستشاريه، ويطالبون بتشديد العقوبات الأميركية على تركيا بسبب انتهاكات أردوغان في كل من سوريا وليبيا وأرمينيا. وكان زعماء الاتحاد الأوروبي اتفقوا خلال قمة، يوم الجمعة الماضي، على إعداد عقوبات على أتراك بسبب انتهاكات أنقرة وخلافاتها مع اليونان وقبرص العضوين في التكتل، حول التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط. وهدد بفرض عقوبات أشد على النظام التركي في مارس المقبل. وذكرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بعد القمة أن زعماء الاتحاد يعتزمون مناقشة صادرات السلاح إلى تركيا مع الشركاء في حلف شمال الأطلسي بعد أن ضغطت اليونان لفرض حظر أسلحة على أنقرة. ومن جانبها، فرضت الولايات المتحدة، يوم الاثنين الماضي، عقوبات على أكبر هيئة لتطوير الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها وثلاثة موظفين بسبب شراء البلاد منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس-400». وأشارت واشنطن إلى أن منظومة «إس-400» تشكل خطراً على أنظمة الدفاع عن الحدود في حلف شمال الأطلسي.
مشاركة :