توافقاً مع ذكرى مسرحية الانقلاب (15 يوليو 2016) التي اتخذها الرئيس التركي رجب إردوغان؛ حجة لقمع المعارضة في البلاد، كتبت الأديبة التركية الشهيرة، إليف شفق؛ مقالاً في صحيفة “الجارديان” البريطانية، أمس الأول الإثنين، فضحت فيه الممارسات الإجرامية لحكومة “العدالة والتنمية” التي تعمل بقوة على غلق جميع المنافذ أمام حريات الرأي والتعبير وحقوق الإنسان. وعدّدت شفق؛ حالات التعدّي التي مارستها حكومة إردوغان ضدّها بعد أن دأبت في الفترة الأخيرة على كشف ديكتاتورية إردوغان؛ عبر الصحف الدولية، وحسابها على موقع “تويتر”، الذي يتابعه أكثر من مليون ونصف المليون مستخدم، مستغلة شهرتها الدولية، وأعمالها التي نالت شهرة كبيرة عبر ترجمتها لأكثر من 40 لغة، وتحقيقها ملايين المبيعات.ذباب إلكتروني وكتبت شفق؛ في مقالها بـ “الجارديان” الذي نقله موقع عثمانلي: “استيقظتُ ذات يوم منذ شهرين على آلاف الرسائل المسيئة لي والمنشورة على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي التركية، والتي أُنشئ كثير منها من قِبل المتصيدين والذباب الإلكتروني. ونشرت هذه الحسابات بعض الجمل من إحدى رواياتي، وهي (النظرة العميقة)، وطالب هؤلاء بمحاكمة كتّاب الخيال بتهمة (الفحش والبذاءة)”. وأضافت “استهدفوا أيضاً روايتي الجديدة (10 دقائق 38 ثانية في هذا العالم الغريب)”، مشيرة إلى أن الروايتين تتناولان قضايا شائكة، وهي التحرُّش الجنسي والعنف ضدّ المرأة وإساءة معاملة الأطفال، وأنها لم تكن الروائية الوحيدة التي تم استهدافها، إذ سرعان ما تحولت الحملة المناهضة إلى نوع من الإعدام التعسفي الإلكتروني للمؤلفين الأتراك الذين تطرقوا لقضايا مماثلة في رواياتهم وقصصهم القصيرة.إغلاق وحظر وفق تأكيد شفق؛ فإنه منذ يوليو 2016، أغلقت السلطات التركية 29 دار نشر بموجب قرار رئاسي صادر من إردوغان؛ وتم حظر 135 ألف كتاب من المكتبات العامة، منها كتب الفيلسوف لويس ألتوسير؛ والشاعر ناظم حكمت؛ الذي يعد أعظم شعراء تركيا، كما اعتبر المدعي العام التركي، أن الفيلسوف الهولندي الراحل باروخ سبينوزا؛ والفيلسوف الفرنسي الراحل ألبرت كامو؛ عضويْن في منظمة إرهابية، وفُصل أكثر من 7300 أكاديمي من وظيفتهم نتيجة قرارات حالة الطوارئ. ووجهت تهما جنائية لنحو 700 أكاديمي بسبب توقيعهم على عريضة سلام ترفض عدوان الجيش التركي على سورية. شفق؛ شدّدت على أن إردوغان؛ عزّز العداء ضدّ المرأة في تركيا، وعمل على تقسيم المجتمع إلى معسكريْن: الأفراد الصالحون والنخبة الفاسدة، موضحة: غالباً ما يتم تصنيف الكتاب والشعراء والصحافيين والعلماء في الفئة الأخيرة”؛ فضلًا عن تشجيعه العداء ضد المثقفين والصحافيين، فإن إردوغان؛ يشجع على نشر الجهل والخرافات، ويُرقي كل مَن يساعده على ذلك، فبولنت آري؛ نائب رئيس جامعة أُنشئت حديثاً في تركيا تم تعيينه في مجلس التعليم العالي من قِبل الحكومة، بعد أن صرّح بقوله: “أُفضل أن أثق بالجهلة الذين لم يدرسوا في الجامعة أو المدرسة الابتدائية؛ لأن عقولهم نقية… فالأفراد الذين تلقّوا تعليماً عالياً وكانوا أكثر تثقيفاً لا يمكنهم التفكير بشكل سليم”. وواصل: “إذا ترك إردوغان؛ منصبه، فسيمثل ذلك كارثة”.عداء الصحافة شفق؛ سلطت الضوء في مقالتها بـ “الجارديان”، على الأوضاع القاسية بحق الصحافيين في تركيا، مشيرة إلى دهم قوات الشرطة منزل الكاتبة الكردية نورجان بيسال؛ في منتصف الليل، وهي واحدة من أهم الكتّاب الذين يرصدون الصدمات النفسية التي تعانيها الأيزيديات والكرديات.بشر بلا حقوق الأديبة التركية أشارت كذلك إلى أنها تعرّضت في عام 2006، بعدما نشر روايتها “لقيطة إسطنبول” للمحاكمة بتهمة “إهانة الدولة التركية”، واستخدم المدعون العامون عبارات عديد من الشخصيات الأرمنية في الرواية “كدليل” ضدّها، إذ إن الرواية تحكي عن عائلة تركية أرمنية أمريكية.
مشاركة :