أظهر فيديو منسوب لتنظيم داعش نشر على الإنترنت، الثلاثاء، مجموعة من المسلحين يحضون على شن المزيد من الهجمات في تونس، ويؤكدون مبايعتهم لزعيم التنظيم المتطرف أبي بكر البغدادي. وحمل الفيديو الذي نشر على الحسابات الجهادية المعهودة على تطبيق تلغرام، توقيع “الدولة الإسلامية- المكتب الإعلامي في تونس”، ونادرا ما تم التداول بأشرطة فيديو لجهاديين من تونس. وظهرت في الشريط مجموعات من المسلحين الملثمين برشاشات في لقطات عدة في منطقة حجرية. وقال أحدهم ذكر الشريط أن اسمه أبوعمر التونسي، متوجها إلى أبي بكر البغدادي المتواري عن الأنظار “إن جنودك وأبناءك في أرض القيروان (تونس) بخير ونعمة، ثابتون على الحق بإذن الله رغم الشدائد والابتلاءات، فأبشر بما يسرك وإخوانك”. وقال ملثم آخر عرفه الشريط المسجل بأنه أبوخالد التونسي “التحقوا بإخوانكم المجاهدين، ومن عجز عن ذلك فدونكم أعداء الله، حولوا أمنهم رعبا وفرحهم حزنا ودونكم رعايا دول الصليب في بلادكم، اكتموا أنفاسهم وحولوا سياحتهم نواحا”. فيما رددت بقية عناصر التنظيم في الشريط مبايعة البغدادي. ويلاحظ مراقبون تزايد التهديدات الإرهابية مع اقتراب السباق الرئاسي والتشريعي المزمع إجراؤه أواخر العام الجاري، ويرى هؤلاء أن الهدف من ورائها هو زعزعة ثقة الشارع في العملية الانتخابية وإرباك المسار السياسي وإخافة التونسيين. واستبعد خبراء أن ينجح تنظيم داعش في مخططاته وشن هجمات جديدة لما أبانته المؤسستان الأمنية والعسكرية من نضج في التعامل مع التهديدات الأمنية، كما أن الشارع أصبح أكثر استعدادا للتعامل مع تبعات الهجمات وأكثر وعيا بأجندات التنظيم، ما يعني أن التنظيم لم يعد له تأثير على المستوى المحلي. وأكد مختار بن نصر رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب لـ”العرب” أن “تونس اتخذت الإجراءات الأمنية الوقائية الضرورية من خلال استنفار الجيش وهو اليوم في حالة طوارئ للتصدي للتهديدات المحتملة”. وأواخر 2015، تم إعلان حالة الطوارئ في البلاد، إثر حادث إرهابي، ومنذ ذلك الحين تم تمديدها لعدة مرات. ويعكس تواصل التهديدات ضعف التنظيم الذي تعرض إلى هزائم متلاحقة في مناطق نفوذه بسوريا والعراق.ويجمع الخبراء على أن داعش يحاول تدارك خسارته ببحثه عن مناطق نفوذ جديدة. ويحاول كسب أنصار وموالين له في منطقة المغرب العربي للملمة صفوفه، كما يسعى للاستفادة من عودة الجهاديين إلى بلدانهم الأصلية لتغذية مناخ التطرف. ويشير بن نصر إلى أنه “مع انهياره في عدة مناطق أعطى تنظيم داعش تعليمات لعناصره للتحرك بأي وسيلة وشن عمليات جديدة”. ويعتقد بأن ذلك “مؤشر لمدى ضعف وارتباك التنظيم”. ويؤكد أن الهدف هو إرباك الناس والتشكيك في العملية الانتخابية المرتقبة، غير أنه خفف من تأثير هذه التهديدات على السباق الانتخابي. ولفت بن نصر إلى أن تونس مرت بظروف أصعب ومع ذلك استطاعت تنظيم الانتخابات. وتابع “الجيش التونسي قادر على تأمين الانتخابات واتخذ الاحتياطات اللازمة”. وتزامنت العمليات الإرهابية، منذ 2011 (بعد الثورة) مع محطات هامة في تاريخ تونس على غرار الانتخابات، ونجحت الأجهزة الأمنية في تطويقها، كما نجحت النخب السياسية الحاكمة في تهدئة الشارع. ويرى بعض الخبراء أن تزامن التهديدات الإرهابية مع كل موعد انتخابي في تونس غايته إضعاف الدولة من خلال ضرب المسار الانتقالي في البلاد. ويشير تقرير لمعهد واشنطن للدراسات إلى أن الجهاديين العائدين من الخارج، والخلايا المحلية لن يتوقفوا عن محاولة إضعاف الدولة التونسية. ونظرا للسياق الهش للانتخابات المقبلة والقلق من حالة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الصحية، يحاول داعش شن هجمات جديدة بهدف بث الفوضى في الشارع. لكن هذه المحاولات ستصطدم بنجاعة أمنية وعسكرية، وقد بدا لافتا تحسن المشهد الأمني بشكل ملحوظ في تونس السنوات الأخيرة. ويقول فيصل الشريف الخبير الأمني والعسكري لـ”العرب” إنه باعتبار التجربة الديمقراطية رائدة على مستوى عربي، يحاول تنظيم داعش استهدافها خاصة وأنها تمكنت من كبح جماع التيار الإسلامي المتشدد والمعتدل على حد سواء. ويضيف “هم أعداء الديمقراطية ولا يمكن لهم التموقع إلا من خلال الفوضى”. ويلاحظ الخبراء أن النشاط الإرهابي يظل مقيدا ومحدودا لكنه يعود إلى الواجهة في كل انتخابات، فقد سبق أن تورط أنصار الشريعة في تونس في أعمال التحريض والشغب واستخدام القوة خارج إطار القانون في الفترة التي سبقت الانتخابات التشريعية في أكتوبر2011، كما توجه الاتهامات للتيار الإسلامي لوقوفه وراء اغتيالات سياسية سبقت انتخابات 2014. ويرى الشريف أن تنظيم الدولة يريد ضرب استقرار تونس ليثبت أنه ما زال تهديدا وجوديا للدولة وبهدف استعراض للقوة، كما يريد عرقلة الحدث الانتخابي الديمقراطي الذي يمر بسلاسة رغم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. كما يريد تركيع الدولة واستهداف مؤسساتها العسكرية وضرب الاقتصاد
مشاركة :