الفشل يخيم على مسار الحوار السياسي في الجزائر

  • 7/19/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تعترض مبادرة الحوار التي أطلقها المنتدى الوطني للتغيير العديد من المطبات التي تنذر بفشلها، بسبب الغموض المخيم على الوضع السياسي في البلاد، وتدهور العلاقة بين الأطراف الفاعلة في المعارضة فضلا عن اهتزاز الثقة بين الشارع وقطاع عريض من القوى السياسية والمدنية. واضطر رئيس المنتدى الوطني للتغيير، عبدالرحمن عرعار، إلى تقديم توضيحات للرأي العام الخميس، حول الشخصيات التي أدرجت في لائحة الرموز التي اقترحها التنظيم لقيادة الحوار الوطني، وذلك بعد اللغط الذي أثاره موقف المناضلة التاريخية جميلة بوحيرد، التي صرحت بأنها “لم تُستشر في المسألة”، وأنها ترفض “أي خطوة يشارك فيها من ساهموا في بناء هذا النظام”. وكان منتدى التغيير المدني قد أدرج عدة شخصيات لقيادة الحوار الوطني، شغلت مناصب سامية في الدولة خلال عقود ماضية، على غرار مولود حمروش ومقداد سيفي وكريم يونس وأحمد طالب الإبراهيمي. وذكر بيان المنتدى، الذي يرأسه الناشط في مجال الطفولة عبدالرحمن عرعار، أن “المبادرة المعلن عنها أول أمس، اجتهاد منه لكون الشخصيات المقترحة تمثل التوافق الوطني ولها قبول شعبي ورسمي، وأن المنتدى المكون من هيئات وفعاليات مدنية قد تواصل مع العديد من هذه الشخصيات والحصول على موافقتها، لقبول الانخراط في المسعى”. وأوضح أن الأسباب التي أفضت إلى إدراج أسماء المجاهدة جميلة بوحيرد وأحمد طالب الإبراهيمي ومولود حمروش، تتمحور حول “تمثيلهم الشعبي ورمزيتهم لدى الشارع الجزائري، والقبول الذي يحظون به نظير وزنهم السياسي ورصيدهم النضالي ما أكسبهم قبولا لدى الرأي العام”. وقال “إن ذلك لا ينقص من قيمة أي شخصية في القائمة المقترحة، فلا نستطيع خوض مسار الحوار بدون هذه النوعية من الرجال والنساء نشيد بمواقفهم ونحترم قراراتهم وآراءهم ونبقى رهن إشارتهم، المهم أن مسار الحوار يأخذ طريقه للخروج من الجزائر وتنتصر الجزائر”. وكان الكشف عن لائحة الشخصيات المقترحة لقيادة الحوار قد أثار لغطا كبيرا في البلاد، بسبب اختراقها لجدار الصمت الذي يخيم على المشهد الجزائري خلال الأسابيع الأخيرة، قياسا بحالة الاستقطاب الحاد بين سلطة الأمر الواقع والحراك الشعبي. وإذ رحبت عدة أطراف بالمبادرة، واعتبرتها خطوة إيجابية في طريق الخروج من الأزمة، ما زالت مواقف الطبقة السياسية متحفظة، ويكون غياب رموزها في الهيئة المقترحة سبب عدم تحمسها، خاصة وأن الطابع المستقل والمتنوع للشخصيات المقترحة، هو السمة الغالبة على لائحة منتدى التغيير المدني.ومع ذلك يبقى توفير ظروف الثقة والنوايا الصادقة من طرف السلطة، الشرط الأبرز لغالبية الشخصيات التي عبرت عن الترحيب والاستعداد للمشاركة في المبادرة، بعد إطلاق سراح معتقلي الرأي، وعلى رأسهم الضابط في جيش التحرير الوطني، الرائد لخضر بورقعة. وفيما كان موقف المناضلة التاريخية جميلة بوحيرد صريحا وقويا تجاه المبادرة، لما أوضحت “لم أتلق أي اتصال للانضمام إلى اللجنة المقترحة، ولم يطلب أحد رأيي ولم أعط موافقتي لأي أحد، ولا يمكنني أن أكون جزءًا من مجموعة من الأشخاص خدم بعضهم السلطة “. وأضافت “بينما يتم إلقاء القبض على الوطنيين في السجن بسبب جرائم الرأي، بما في ذلك ضابط من جيش التحرير الوطني، الأخ لخضر بورقعة، لا يمكن إجراء حوار مع من يهددوننا ويتهموننا بالخيانة، وأجدد تضامني مع الناس الذين يناضلون من أجل تحررهم المدني وحريتهم وكرامتهم وديمقراطيتهم”. ويلمّح تصريح بوحيرد إلى الشخصيات التي اشتغلت على مراحل مختلفة في دواليب السلطة، على غرار رئيسي الحكومتين مولود حمروش ومقداد سيفي، فضلا عن طالب الإبراهيمي، وبدرجة أقل رئيس البرلمان السابق كريم يونس. واقترح المنتدى المدني للتغيير لائحة تتضمن 13 شخصية لقيادة الوساطة والحوار، منها شخصية بوحيرد التاريخية، وشخصيات قاطعت النظام، وأكاديميون وناشطون ومناضلون حقوقيون وخبراء قانونيون. وفي نفس الاتجاه ذهب كل من المناضل والناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي، وعالم الاجتماع ناصر جابي، حيث ربطا مشاركتهما بتوفير شروط الثقة والاطمئنان في البلاد لإثبات صدق النوايا في حلحلة الأزمة التي تتخبط فيها البلاد. وذكر بوشاشي في تدوينة له على حسابه الخاص ” شكرا لشباب المنتدى المدني للتغيير على اقتراح اسمي ضمن الشخصيات الوطنية للحوار.. إنني كمبدأ عام أعتقد بأن الحوار هو الوسيلة المثلى والحضارية للخروج من الأزمة التي تعيشها الجزائر اليوم”. وأضاف “لكن أرى أنه من الضروري توفر الشروط التالية قبل الدخول في أي حوار: ضرورة رحيل رموز النظام، وإطلاق سراح المساجين السياسيين ومعتقلي الرأي، وفتح الفضاء العام ووسائل الإعلام المختلفة أمام جميع الآراء والتوجهات بكل حرية، والكف ورفع كافة القيود المسلطة على المتظاهرين (الاعتقالات، غلق الطرقات، منع التنقل إلى العاصمة)”. وشدد الخبير الاجتماعي ناصر جابي على أن الحوار لا يمكن أن يتحقق دون تحقيق مطالب الجزائريين، مثل رحيل الشخصيات غير المرغوب فيها، والإفراج عن سجناء الرأي، ووقف المضايقات ضد الحراك.

مشاركة :