عاد المنتخب الجزائري لكرة القدم، السبت، إلى بلاده حيث لقي لاعبوه ومدربه جمال بلماضي استقبال الأبطال غداة تتويجهم بلقب بطولة أمم أفريقيا التي أقيمت في مصر، راسمين على القميص نجمة ثانية بعد انتظار 29 عاما، ومانحين الجزائريين فرحة كبرى في خضم الاحتجاجات السياسية منذ أشهر. وقرابة ظهر السبت، أظهر التلفزيون الحكومي وصول الطائرة وخروج اللاعبين يتقدمهم القائد رياض محرز حاملا الكأس الذهبية ومعه اللاعبون الذين وضعوا الميداليات الذهبية حول أعناقهم، قبل التقدم على بساط أحمر ليستقبلهم رئيس الوزراء نورالدين بدوي في صالون الشرف. وعلى أرض المطار، قدّم الإطفائيون تحيّة بخراطيم المياه للاعبين، بتشكيل القوس الذي يخصص عادة للرحلات الجديدة أو الترحيب، قبل أن يصعدوا على متن حافلة مكشوفة عليها صورة كبيرة للاعبين والمدرب، إضافة إلى نجمتين في إشارة إلى اللقبين القاريين وعبارتي “فخورين بكم” و”أبطال أفريقيا”. وانطلقت الحافلة في جولة نصر جابت شوارع العاصمة وصولا إلى ساحة أول مايو أين احتشد الآلاف من الجزائريين لاستقبال المنتخب. العاهل المغربي يعرب عن فخره بإحراز الجزائر لقب أمم أفريقيا، في وقت احتفل العديد من المغاربة بفوز جيرانهم في النهائي وقال حسين (22 عاما) الذي قدم من مدينة بسكرة (400 كلم جنوب الجزائر) للمشاركة في استقبال المنتخب “أنا هنا منذ التاسعة صباحا لأشاهد اللاعبين وأفرح مع الناس”. ووسط انتشار كثيف لعناصر الشرطة، تقدمت الحافلة ببطء في شوارع الجزائر، وسط حشود المشجعين الذين لوّحوا بالأعلام الجزائرية ورددوا هتافات “وان، تو، ثري، فيفا لالجيري (1، 2، 3، تحيا الجزائر)”. وخصَّ المشجعون اللاعبين بالتحية، ومنهم مجيد (28 عاما) الذي قدم من مدينة المدية على بعد 80 كلم من العاصمة. وقال “لم أنم طوال الليل بسبب الاحتفالات، وأتوق إلى مشاهدة بونجاح عن قرب”. وينسب الفضل الكبير في هذا اللقب إلى المدرب جمال بلماضي الذي تولى الإدارة الفنية منذ أغسطس 2018، وله الفضل في مصالحة الجزائريين مع اللقب. ففي خضم الحراك السياسي الذي تشهده البلاد منذ أشهر، منح النجم السابق ولاعبوه شعبهم فرحة اللقب بعد بطولة أجمع فيها النقاد على أن الجزائر قدمت المستوى الأفضل. وتوقع لاعب خط الوسط الجزائري سفيان فغولي في تصريحات بعد النهائي أن “تكون كل الجزائر في الشوارع. سيكون الأمر لا يصدق. لقد اختبرنا ذلك في 2014 (بعد بلوغ الدور ثمن النهائي لمونديال البرازيل). كان الأمر مذهلا، والآن سيكون أكبر”. وقال فيغولي “لا يوجد أصعب من الفوز بلقب أمم أفريقيا، بمشاركة 24 منتخبا (للمرة الأولى بدلا من 16)، وخارج البلاد (..) لكن الاحتفال سيكون أقوى في بلادنا”.إشادة من أعلى مستوى أعرب العاهل المغربي الملك محمد السادس عن فخره بإحراز الجزائر لقب كأس الأمم الأفريقية في كرة القدم في مصر، في وقت احتفل العديد من المغاربة بفوز جيرانهم في المباراة النهائية الجمعة. وقال الملك في رسالة تهنئة إلى الرئيس الانتقالي عبدالقادر بن صالح “يسعدني باسمي شخصيا، وباسم الشعب المغربي قاطبة، أن نشاطر الشعب الجزائري الشقيق، مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا التتويج المستحق”. واعتبر “أن الأمر يتعلق بفوز بلد مغاربي جار وشقيق، وكأن هذا التتويج هو بمثابة فوز للمغرب أيضا”، على رغم التوتر الذي يطبع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عقود. ونقلت وسائل إعلام مغربية ومواقع تواصل اجتماعي لقطات وأشرطة مصورة تظهر احتفالات مغاربة بعد فوز الجزائر على السنغال 1-0 في المباراة النهائية. وعنون موقع “اليوم 24” السبت “بقلب واحد ودموع الفرح المغاربة تابعوا تتويج الجزائر مرددين عبارة ‘خاوة خاوة” (إخوة إخوة)”. وساند مشجعون مغاربة المنتخب الجار بعد إقصاء أسود الأطلس من الدور ثمن النهائي بركلات الترجيح أمام بنين. وعرضت وسائل إعلام مغربية صورا للمشجعين يحتفلون بفوز محاربي الصحراء في ربع ونصف النهائي في مدينة السعيدية الحدودية، مع جزائريين يشاطرونهم الاحتفالات على الجانب الآخر من الحدود البرية المغلقة منذ 1994. وأجرى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالا هاتفيا بالرئيس الجزائري المؤقت عبدالقادر بن صالح، هنأه فيه والشعب الجزائري الشقيق بتحقيق منتخب بلادهم كأس أمم أفريقيا لكرة القدم 2019، التي أقيمت في مصواعتبر العاهل السعودي خلال الاتصال تحقيق المنتخب الجزائري الشقيق كأس البطولة إنجازا عربيا أسعد الجميع. وأعرب الرئيس الجزائري المؤقت عن بالغ شكره وتقديره للعاهل السعودي على تهنئته له وللشعب الجزائري كافة وعلى مشاعره الأخوية الصادقة. وقبل اللقاء النهائي أعلن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، أنه سيؤازر منتخب الجزائر في مباراته النهائية أمام السنغال. وقال الشاهد مخاطبا مواطنين جزائريين حينها “نحن نعول على الجزائر للفوز. إذا ربحت الجزائر ربحت تونس”. وجاءت هذه الإشادة حيث كان بلماضي محط إجماع الصحف بعد قيادته محاربي الصحراء إلى لقب ثان في كأس الأمم بعد نحو ثلاثة عقود وطي صفحة أعوام من التخبط في صفوف المنتخب ونتائج متواضعة. وعوّل بلماضي على تشكيلة موهوبة يقودها رياض محرز، وضمت في صفوفها أسماء مثل فغولي وبغداد بونجاح ويوسف بلايلي، إضافة إلى إسماعيل بن ناصر الذي اختير أفضل لاعب في البطولة، وحارس المرمى الصلب رايس مبولحي الذي اختير الأفضل أيضا في مركزه. وعنونت صحيفة “الخبر” على صفحتها الأولى “جابوها الرجّالة (الرجال)” و”كتيبة بلماضي تهدي الثانية للجزائر”، مرفقة ذلك بصورة جماعية للمنتخب بعد تسلمه الكأس، وأخرى للاعبين يحتفلون مع بلماضي. دخول التاريخ رأت الصحيفة أن الجزائريين آمنوا “بقدرة بلماضي على قيادة الجزائر إلى تتويج طال انتظاره، ما جعلهم ينتقلون بقوة إلى مصر في النهائي من أجل مساندة المنتخب وتقاسمه فرحة التتويج”، في إشارة إلى الآلاف من المشجعين الذين سافروا خصيصا إلى العاصمة المصرية لمتابعة المباراة النهائية. وذكّرت صحيفة “الشروق” بتصريح لبلماضي لدى توليه مهامه خلفا للنجم السابق رابح ماجر في صيف العام الماضي، عندما قال “قد تقولون عني إني مجنون ولكنني أريد التتويج بكأس أفريقيا”. وعقّبت “دخل بلماضي تاريخ المنتخب الوطني من الباب الواسع، حيث تمكن من تحقيق ما عجز عنه كل المدربين الذين تعاقبوا على العارضة الفنية منذ الاستقلال”.وقال بلماضي “أشعر بأنني سعيد جدا، لكل بلادنا، لشعبنا الذي كان ينتظر النجمة الثانية منذ وقت طويل جدا. أول بطولة أمم أفريقيا نفوز بها خارج أرضنا، الأمر مذهل، خاصة بالنظر إلى المكان الذي أتينا منه”. وأضاف “تسلمت فريقا في وضع صعب فعلا. التربع على عرش أفريقيا في فترة عشرة أشهر أمر رائع. ربما أنا متعب بعض الشيء، ومن الصعب إظهار مشاعر، سأدركها في وقت لاحق بمجرد أن نرتاح بعض الشيء”. وتابع “قلت إننا سنشارك في أمم أفريقيا من أجل الفوز بها. كنت أرغب في البعث برسالة قوية إلى اللاعبين، لأقول لهم إنني أنخرط في مشروع قوي. الألقاب هي ما يهمني”. ونال بلماضي إشادة رئيس الاتحاد الجزائري خير الدين زطشي الذي قال “حصلنا على هذه النتيجة بفضل مدرب كبير الذي حقق الأمر الكبير للفريق الوطني، وثانيا اللاعبين الذين قاموا منذ شهر ونصف بعمل جبار”. وأضاف زطشي “نهدي هذا الفوز وهذا التتويج بثاني كأس أفريقيا إلى كل الجزائريين الذين كانوا وراء هذا المنتخب وحلموا معه إلى آخر لقاء”. ونجح المنتخب الجزائري في فك شفرة غياب العرب عن منصات التتويج في أمم أفريقيا منذ فوز منتخب مصر باللقب القاري عام 2010 ليعود العرب بعد غياب 9 سنوات. وأصبح المنتخب الجزائري ثاني منتخبات شمال أفريقيا تتويجا باللقب بعد منتخب مصر 7 ألقاب. وكان منتخب الفراعنة آخر منتخب عربي توج باللقب عام 2010 بأنغولا بالفوز على منتخب غانا بهدف نظيف، كما سيطر الفراعنة على البطولة القارية في 2006 و2008 و2010.
مشاركة :