حول التنبؤ هناك ما لا يمكن التنبؤ به. ففي نهاية عام 2008، سألت ملكة المملكة المتحدة مجموعة من الأكاديميين من كلية لندن للاقتصاد: لماذا لم يتوقع أحد الركود الاقتصادي الذي كان قد بدأ لتوه؟ ولم تكن آنذاك الوحيدة التي طرحت هذا السؤال. وحتى اليوم، ثبت أن تقدير احتمال حدوث ركود مهمة صعبة للغاية. فكل دورة اقتصادية تبدو مختلفة بعض الشيء عن سابقتها. وقد تؤدي محاولة التوصل إلى مؤشرات دقيقة للأزمات إما إلى الإفراط في توقعها أو الفشل في تقدير فتراتها الزمنية، وذلك جراء التقليل من أهمية المخاطر المجهولة. وسجلت الولايات المتحدة في يونيو 2019 أطول فترة توسع اقتصادي في تاريخها التي بلغت عشرة أعوام؟ وهناك أسئلة متزايدة حول وجود أي مؤشرات موثوقة يمكن أن تساعدنا على التنبؤ بنقطة التحول التالية. ويبين الملخص الموجز التالي مدى صعوبة التنبؤ بمرحلة الركود. تشكل الأنماط الإحصائية أول خطوة في عملية التنبؤ يتطلب التنبؤ بالمستقبل أولا فهما واضحا للماضي. ويمكن الاستعانة ببعض من الأنماط الإحصائية الواضحة التي تسبق فترات الركود، على الرغم من محدودية قدرتها الإحصائية. وفيما يلي ثلاثة أنماط إحصائية ذات صلة بفترات الركود: 1 - يأتي الركود بعد فترة التوسع دائما، وهذا ما نطلق عليه دورة الأعمال أو الدورة الاقتصادية. وتم توثيق تاريخ الدورة الاقتصادية للولايات المتحدة قبل لجنة تأريخ دورة الأعمال لدى المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية NBER، حيث سجلت أطول فترة توسع لها على الإطلاق في الفترة الممتدة من مارس 1991 إلى مارس 2001، أي 120 شهرا. وهو بالضبط عدد أشهر فترة التوسع الحالية. وتمتعت دول أخرى بفترات توسع أطول، "إذ تحتفي أستراليا بالعام الـ27 من فترة التوسع"، إلا أن هذه الدول تشكل حالات استثنائية. 2 - يبدو أن الولايات المتحدة غير قادرة على الحفاظ على معدل بطالة منخفض لأعوام مقبلة. فعند الوصول أو الاقتراب من بلوغ معدلات "العمالة الكاملة"، تعود معدلات البطالة للارتفاع مرة أخرى مع وصول الاقتصاد إلى نقطة تحول ودخول الولايات المتحدة في فترة ركود. 3 - في نمط إحصائي معروف، يأخذ منحنى العوائد اتجاها عكسيا قبل الركود. ويميل الفرق بين المعدلات طويلة الأجل وقصيرة الأجل، التي عادة ما تكون إيجابية، إلى الانخفاض خلال فترات التوسع. ويصل إلى المنطقة السلبية قبل بضعة أرباع فصلية من الركود الذي يوضح الفرق بين أسعار الفائدة على مدى عشرة أعوام وثلاثة أشهر. الفرق بين أسعار الفائدة على عشرة أعوام وثلاثة أشهر مع استمرار التوسع، نرى انخفاضا تدريجيا في معدل البطالة واستقرارا في مسار منحنى العائد. لا ينبغي أن يكون ذلك مفاجئا، فمع انخفاض معدل البطالة ترفع البنوك المركزية أسعار الفائدة قصيرة الأجل. ولكن الأمر المثير للاهتمام أن الولايات المتحدة لم تتمكن حتى الآن في أي من ولاياتها، من المحافظة على منحنى عائد مستقر لفترة طويلة من الزمن أو معدل بطالة منخفض لعدة أعوام. فكل من منحنى العائد ومعدل البطالة يأخذان مسارات واضحة على شكل حرف. وهذا مؤشر محتمل لفترة التوسع
مشاركة :