طلال بن عبدالعزيز.. العبقري الذي سبق عصره

  • 7/28/2019
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

"أناشد المجتمع الدولي أن يساعد كل فقير ومحتاج في العالم الثالث الذي يعاني من الفقر ونقص الإعانات الطبية والحاجة المادية والفاقة عموما، يجب أن نتحمل جميعنا هذه المسؤولية"، كانت نبرة الصوت عالية أمام ممثلي دول العالم حينما جاءت هذه العبارة، ضربت أبواب القوى العالمية، واستوقفت انتباههم نحو شريحة ضعيفة تعاني من نسيان هذا العالم لها. جاءت هذه العبارة الضاربة في المؤتمر العالمي لمنظمة اليونيسيف عام 1981م، من الأمير طلال بن عبدالعزيز رحمه الله الرجل المناضل الذي لن أبالغ في وصفه بـ "محامي المحتاجين"، ترجل فارس العطاء رائد الاستثمار في الشباب العربي عن جواده في نهاية 2018. وبسبب اهتمامي في العمل الخيري والتطوعي والاستثمار الدائم المستدام في الشباب المهم لرقي المجتمعات رأيت أنه من المناسب تسليط الضوء على شخصية رائدة في هذا المجال. دافع رحمه الله صاحب "السيرة الخالدة" عن الفقراء والمساكين وكل المحتاجين وكأنها قضيته الوحيدة، وكأنها معركته الشخصية التي ناضل من أجلها، يخشى على المحتاجين من الألم، وهو الذي كان يتألم من أجلهم، لكنه العطاء في الأخلاق والعطاء في شخصيته المعروفة بمناصرة قضايا المحتاجين والفقراء، والوقوف من أجل مصالحهم في كل مكان حول العالم، إذ لم يكن من الواجب عليه أن يحمل كل هذا الهم على عاتقه. الإبحار في العمل الخيري والإنساني له العديد من الطرق المختلفة، منها التبرع المالي المباشر (الصدقة) للجمعيات الخيرية الدولية والمحلية في المملكة العربية السعودية، وقد يكون تطوعا جسديا وهو تقديم المساعدة للناس بالصحة والوقت والفكر دون انتظار المقابل، وهذا ما عُرف به الأمير طلال بن عبدالعزيز. والاختلاف الواضح أن الأمير طلال لم يكن متبرعا فقط، بل حاول نقل المفهوم الخيري والعمل التطوعي من عمل روتيني إلى عمل مستدام، وسبق بذلك عصره في ريادة العمل التطوعي والخيري، لذلك نحن نقف اليوم أمام سيرة رجل عبقري تجاوز في نظرته كل المؤسسات الخيرية في العالم العربي. كانت فلسفة الأمير في العمل الإنساني هي التنمية عموما وتنمية العنصر البشري العربي خصوصا، اعتمادا على فلسفة قيام الكوادر الوطنية في العالم الثالث ببناء بلادها، وضمان تقدمها ورخائها، ومما عرف عنه أنه تبنى إرسال طلاب سعوديين للابتعاث للخارج على نفقته الخاصة، كما أسس أول مدرسة للتدريب المهني في السعودية، وأخرى لتعليم البنات في الرياض، كل تلك الأعمال كانت أعمالا فردية، في زمن لم يكن هنالك فهم للعمل الخيرية المؤسسي وأهميته في كثير من الدول العربية. أسس مستشفى خاصا في الرياض خصص 70% من العلاج المقدم بها بالمجان لغير القادرين و10% للأطفال، كان العمل من قبل الأمير مؤسسيا منظما ومخططا له وهدفه الواضح هو الاستدامة التي تستثمر في الشاب السعودي والعربي بشكل مباشر، ودليل ذلك برنامج الخليج العربي لدعم المنظمات الأممية الإنمائية الذي أسسه في الثمانينات الميلادية، حتى تنمية الطفل كان لها نصيب من اهتمام الأمير الذي أسس المجلس العربي للطفولة. إن هذا العمل المؤسسي الذي انتهجه الأمير طلال في حياته صنع منه سيرة خالدة، وقليل من الناس من يصنع لنفسه هذا الأثر الدائم، ولا يزال مستمرا اليوم بقيادة ابنه عبدالعزيز بن طلال وفقه الله وأعانه على مواصلة الرسالة السامية التي رسمها والده، وغير مستغرب عليه هذا الحرص والاهتمام. للأمير طلال بن عبدالعزيز سيرة عطرة ونموذج فريد يحق لكل السعوديين وشعوب العالم العربي الافتخار بهما، ونشر سيرته بين الأبناء، فبمجهوداته الفردية استطاع تحقيق ما لم تستطع تحقيقه كثير من المؤسسات والمراكز، وكما قيل الناس شهود الله في أرضه، فنحن سنظل شهودا على ما قدمه "محامي المحتاجين" ما بقينا على قيد الحياة.

مشاركة :