وتحدث مدير الاتصال المؤسسي والمتحدث الرسمي للمؤسسة العامة للري هشام الثنيان، عن أن التقارير والدراسات التي قامت بها وزارة البيئة والمياه والزراعة والمؤسسة العامة للري تشير إلى أن السبب الرئيس لنضوب واحات الأحساء يرجع إلى التوسع الكبير في ضخ وسحب المياه الجوفية تلبية للاحتياجات المتزايدة في كافة المجالات، بمعدلات تفوق كثيرا إمكانات الطبقات الحاملة للمياه، موضحا أن دراسات أجرتها شركة GIZ الألمانية عام 2006م عن كمية سحب المياه الجوفية بمحافظة الأحساء بما يتجاوز حد السحب الآمن بمترين ونصف المتر، الأمر الذي أدى إلى انخفاض كبير ومستمر في مناسيب المياه الجوفية في الآبار ونضوب عدد كبير منها، وبالتالي بدأت المزارع القديمة في الواحة التي تعتمد في ريها على الآبار الخاصة كالسيفة، عين مرجان، الزواوي... إلخ، تعاني نقص مياه الري وانحسار الرقعة الزراعية. » تحول تدريجي وأضاف: أما في الواحة الرئيسة أو «الواحة الأم» الواقعة ضمن نطاق إشراف المؤسسة العامة للري بمساحة 7800 هكتار تقريبا، فبالرغم من نضوب العيون الطبيعية، التي قامت عليها المؤسسة وجفاف عدد كبير من آبارها أيضا، إلا أنه يمكن القول إن التنمية الزراعية لم تتأثر كثيرا، بفضل توفير مصادر مياه جديدة غير تقليدية كبديل للمياه الجوفية غير المستدامة، وذلك من خلال اعتماد إستراتيجية للتحول التدريجي من الاعتماد الكامل على المياه الجوفية إلى الاعتماد على «المياه المجددة». وأشار الثنيان إلى أنه تم التوسع في استخدام تلك المصادر بحيث ارتفعت كمياتها خلال عام 2017م إلى ما يقارب 88% من إجمالي كمية مياه الري بالمشروع، مقابل تقليل ضخ المياه الجوفية إلى 12% من إجمالي كمية مياه الري، مستطردا، ويتوقع خلال العام الجاري 2019م بدء الاستفادة من مشروع جلب المياه المجددة للأحساء من محافظة الخبر بنحو 200 ألف متر مكعب يوميا، الأمر الذي سيزيد من مصادر مياه الري بالمشروع ويساعد في تعزيز استدامة التنمية الزراعية والحد من التصحر في الواحة والمحافظة عليها. وأضاف: ونتيجة لتحول المؤسسة من الاعتماد على المياه الجوفية بالكامل إلى الاعتماد حاليا على مصادر المياه غير التقليدية «المياه المجددة»، تم توفير كمية من ضخ المياه الجوفية تقدر بحوالي 200 مليون متر مكعب كانت تستخدمها المؤسسة لصالح أغراض ذات أولوية كمياه الشرب، ولصالح أصحاب الآبار الخاصة والمستخدمين الآخرين للمياه الجوفية. » الري الحديث وأكد الثنيان، أن المؤسسة العامة للري «هيئة الري والصرف بالأحساء سابقا» تعمل منذ إنشائها على رفع كفاءة استخدام مياه الري سواء ما يتعلق بتحديث نظام نقل المياه من المصادر إلى حقول المزارعين أو من خلال تحسين طرق الري التقليدية «الري بالغمر»، التي كانت سائدة واستبدالها بطرق ري حديثة، متابعا: فعلى مستوى الري الحقلي بدأ التحسين بتطبيق طرق ري سطحي محسنة أقل استهلاكا للمياه عرفت بطرق «البواكي، والتدويس والدوائر» بدلا من الري بالغمر كتمهيد لتطبيق طرق الري الحديثة. وأضاف: وفي مرحلة لاحقة بدأ قسم الإرشاد المائي بتطبيق طرق الري الحديثة داخل المزارع، مستعينا في ذلك ببرامج لتوعية المزارعين وتحفيزهم على تطبيق تلك الطرق الحديثة. إذ يتمتع المزارعون الذين يطبقون طرق الري الحديثة بتسهيلات وأفضلية في الخدمات التي تقدمها المؤسسة. وقال المتحدث الرسمي لـ«الري»، إنه في حالة المساحات الجديدة للتزود بمياه الري يشترط على المزارع تطبيق طرق الري الحديثة قبل إمداده بالمياه، موضحا أنه ونتيجة لتلك الجهود يزداد باطراد عدد المزارع، التي تطبق طرق الري الحديثة خلال السنوات الخمس الأخيرة تُقدر بعدد 3415 مزرعة بمساحة تقديرية 13765 دونما. » نظام اسكادا وأوضح أنه لتقليل الفواقد في نظام شبكة نقل مياه الري وتحسين إدارة المياه، فرغت المؤسسة من تنفيذ مشروع كبير بتكلفة تصل إلى حوالي مليار ريال سعودي، تم من خلاله تحويل نظام نقل المياه المفتوح إلى نظام نقل وتوزيع باستخدام شبكات أنابيب مغلقة تحت الضغط مزود بنظام آلي للتحكم والتشغيل «نظام اسكادا»، مما أدى إلى عدة فوائد تمثلت في رفع كفاءة استخدام المياه وتسهيل مراقبتها والتحكم في جدولتها وتوزيعها على المزارعين، مع إيصال المياه للمزرعة بضغط مناسب يُمكن من تطبيق تقنيات الري الحقلي الحديث. قال الاستشاري الزراعي المهندس محمد الحمام، إن واقع الزراعة في الأحساء يبشر بالخير في ظل الدعم والتشجيع من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والحكومة الرشيدة -حفظهم الله-. وأضاف: الأحساء تمتلك مقومات نمو القطاع الزراعي مع وجود بعض المعوقات، التي يجب مواجهتها، ومنها عدم كفاية الخدمات الزراعية المقدمة للمزارعين، وتدني استخدام التقنيات الحديثة، وانخفاض الإنتاجية لأغلب المزروعات الأمر، الذي يتطلب وضع إستراتيجية عمل لمواكبة كل جديد من أجل تطويره وتحويله إلى قطاع مستدام ينسجم مع رؤية المملكة. ورأى الحمام، أن الأمر يتطلب تكوين مجلس للتنمية الزراعية بالأحساء، تحت رئاسة سمو المحافظ، ويضم كلا من جامعة الملك فيصل، المؤسسة العامة للري، فروع وزارة الزراعة، أمانة الأحساء، صندوق التنمية الزراعية، الجمعية الزراعية، جمعية النخلة، اللجنة الزراعية بالغرفة التجارية، إضافة لخبراء ومختصين في الزراعة، مؤكدا أهمية التركيز في إيجاد مركز معلومات وبيانات متكامل لاستخدامه في تحسين آليات استخدام الموارد وزيادة الإنتاجية، عبر التوسع الرأسي ومكافحة سوسة النخيل، والتركيز على الأنواع الزراعية، التي تتميز بها الأحساء، والاهتمام بالتسويق الزراعي، والإرشاد، ووقاية وحماية المزروعات، والترويج للفرص الاستثمارية فيما يخص الزراعة العضوية والزراعة المائية والاستزراع السمكي، والاستفادة من المناطق الزراعية غير المستغلة لإيجاد قيمة مضافة للقطاع ومحاربة العشوائية الزراعية، والاستفادة من المياه المجددة المسؤول عنها المؤسسة العامة للري للاستفادة القصوى منها في ري أكبر مساحة زراعية. وشدد الحمام على ضرورة إمكانية توصيل المياه المجددة للمناطق، التي تعاني من شح المياه في بعض القرى والبلدات والمخططات كالمخطط الزراعي بالغويبة، ومدى استغلال الأراضي الزراعية المهملة والمتروكة، التي أصبحت مكباً للنفايات والردميات، مستطردا: فحين تصل تلك المياه المجددة لتلك الأراضي والاستفادة منها ضمن آلية تراها وزارة البيئة والمياه والزراعة، من المؤكد نماء المنطقة زراعياً بالعديد من المنتجات. » بيئة تسويقية لابد من التركيز أيضا على البيئة التسويقية، والاستفادة من إمكانية صندوق التنمية الزراعية، مع المحافظة على الموارد الحيوية بالواحة، التي تشمل حماية الموارد المائية من خلال ترشيد استهلاك مياه الري، وتحقيق الأمن الغذائي الوطني، وبناء شراكات مع الجهات الزراعية المتخصصة ذات العلاقة، والاستفادة من المساحات الشاسعة على سواحل العقير وسلوى عبر دعم مشاريع الاستزراع السمكي والمساهمة في تنويع القاعدة الإنتاجية للأحساء، بالإضافة إلى إيجاد أراضٍ لمشاريع الثروة الحيوانية لزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي. وأكد أن تلك المحاور تهدف إلى زيادة نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص عمل للمواطنين، ومواكبة كل جديد من أجل تطويره وتحويله إلى قطاع مستدام ينسجم مع الموارد الطبيعية للمملكة، مقترحا إقامة «منتدى زراعي» ليكون منصة مثالية تجمع القطاعين العام والخاص، فضلاً عن المشاركة الدولية الكبيرة، التي يتمتع بها المنتدى، مما يفتح آفاقاً جديدة في المجال الزراعي وبناء شراكات ناجحة، والتواصل مع ممثلي الشركات العالمية وكبار المستثمرين والتجار، ولقاء المسؤولين وأصحاب القرار لتحديث البرامج والخطط الرامية إلى تطوير خدماتها في مجال الزراعة بما يتواءم مع رؤية المملكة 2030.
مشاركة :