تواجه عملية التغيير في السودان تحديات كبيرة وفي مقدمتها كيفية اقتلاع نظام «الإخوان» الذي حفر عميقاً في الجسد السوداني، ولعل مصير قوات الأمن السرية التابعة للنظام والمعروفة بـ«كتائب الظل»، التي عادت إلى الواجهة في أعقاب المجزرة التي شهدتها أمس مدينة الأبيض وسط السودان أمس وراح ضحية لها برصاص قناص خمسة أشخاص من بينهم أربعة تلاميذ في المدرسة الثانوية. وحسب مراقبين فإن كتائب الظل هي مجموعات نافذة ترتبط أكثر بالأنظمة العقائدية، تم غرسها في الأجهزة الأمنية السودانية منذ السبعينات، ضمن سياسة التمكين التي تنتهجها جماعة الإخوان، لحماية مصالحها وضمان استمراريتها في الحكم. وتقول الصحافية السودانية شمائل النور إن لكتائب الظل أفرعاً عديدة لكن أهمها «كتائب الأمن الشعبي» الذي يديره جهاز الأمن والمخابرات الوطني، إلى جانب موظفين يعملون في قطاعات الدولة المختلفة من قطاع المصارف إلى الهيئة القومية للكهرباء وتضيف اين ما وجد منسوبو «الإخوان» فيعني بالضرورة وجود تلك الكتائب، وتردف هم مجموعة من المنتمين لهذا التنظيم وقد تم تدريبهم جيداً على استخدام السلاح ومنهم من تلقى دورات تدريبية حتى على الأسلحة الثقيلة. وفيما تتحفظ شمائل على اتهام تلك الكتائب بارتكاب جريمة الأبيض، يحمل القيادي في الحركة الشعبية شمال والناطق باسمها مبارك اردول تلك الكتائب المسؤولية عن المجزرة قائلاً في استيتس على صفحته في فيسبوك «نحن نحارب حرباً عنيفة من الثورة المضادة» ويردف «يتلونون بأشكال مختلفة ويأتون مرات بنفس وسائل الثورة الظافرة، للأسف هنالك من ينساق خلفها بوعي أو بعاطفة». ويمضي اردول قائلاً «عن أحداث الأبيض المؤسفة أترحم في البدء على أرواح الطلاب الشهداء وعاجل الشفاء للجرحى وأدين عملية التصفية التي تمت من قناصة حسب شهود عيان، ويجب التحقيق الفوري حولها»، ويمضي طارحاً مجموعة من الأسئلة في مقدمتها من الذي دفع أولئك الطلاب للخروج والتظاهر، ملمحاً إلى أن هناك جهة تسعى بشكل منظم لتخريب العملية السياسية. وقال اردول بعد فشل المحاولة الانقلابية التي قادها رئيس هيئة الأركان السابق للقوات المسلحة هاشم عبد المطلب والذي أقر بانتمائه للحركة الإسلامية لا يمكن أبداً أن نقول ما جرى في الأبيض هو أمر غير مخطط له، ولفت اردول إلى انعدام السلع في الأسواق والانقطاع شبه الكامل للتيار الكهربائي. وبحسب مراقبين نشأت فكرة كتائب الظل في السودان بعد دخول نظام الجبهة الإسلامية القومية في السلطة إثر المصالحة الوطنية مع الرئيس الأسبق جعفر النميري في عام 1977. وبحسب مراقبين لأنشطة الجماعات الإسلامية في السودان، فقد بدأ الأمن الشعبي كجهاز سري من الحركة الطلابية في سنة 1983، ثم انتقل بعد ذلك إلى مختلف قطاعات الشعب السوداني تدريجياً. المهام في البداية اقتصرت مهام كتائب الظل على جمع المعلومات وتصنيفها، وقد استخدمتها الجبهة الإسلامية لاحقاً في عمليات التجنيد والتعذيب واختراق الأحزاب السياسية، حسب مصادر عدة بينها شهادات منشقين عنها. القيادة وتعاقب على إدارة هذه المجموعات عدد من قيادات الجبهة الإسلامية وعلى رأسهم نائب الرئيس السوداني السابق علي عثمان محمد طه الذي أقر علناً خلال الاضطرابات الأخيرة، بوجودها وأهميتها لحماية النظام، وممن قادوا هذه المجموعات أيضاً مدير جهاز الأمن السابق صلاح قوش، والقائم بالأعمال في واشنطن المقال محمد عطا، ومساعدا الرئيس السوداني السابقين نافع علي نافع، وعوض الجاز، وتضم بين صفوفها أيضاً، حسب تقارير، عناصر نسوية.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :