الأردن يوازن علاقاته بين محور الاعتدال وتحالف تركيا وقطر

  • 7/30/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أجرى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الاثنين زيارة غير معلنة مسبقا إلى القاهرة، حيث التقى بالرئيس عبدالفتاح السيسي. وبحث الجانبان خلال اللقاء العلاقات الثنائية مع التركيز على التحديات التي تواجه البلدين وفي مقدمتها خطة السلام الأميركية للشرق الأوسط. وجاءت زيارة العاهل الأردني إلى مصر بعد يوم من زيارة أداها إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث حظي بحفاوة لافتة من قبل ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وكانت زيارة الملك عبدالله لأبوظبي قد اتخذت طابعا أسريا عبر عنه في تغريدة على موقعه على “تويتر”، “شعرت اليوم أنني بين أهلي وأسرتي عند لقائي بأخي العزيز سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وأبنائه وأحفاده الأحباء. أدعو الله أن يديم الود والمحبة بين بلدينا وشعبينا الشقيقين، كما أدامه بين أسرتينا على مر السنوات”. واعتبرت دوائر سياسية أن الزيارتين تحملان من حيث توقيتهما أكثر من دلالة لعل أهمها أن الأردن ليس في وارد التخلي عن سياسته الخارجية المعهودة على خلفية التقارب الذي برز في الفترة الأخيرة مع كل من قطر وتركيا. وشككت الدوائر في حقيقة ما يشاع عن فتور في العلاقات بين القاهرة وعمان على وجه الخصوص، نتيجة بعض التوجهات الأردنية مع كل من الدوحة وأنقرة، والتي تركت انطباعات بأن سياسات الملك عبدالله الإقليمية تبتعد عن مصر، وأرجعتها إلى وجود حسابات خاصة تفرضها الطبيعة الأردنية منذ زمن، عندما تلجأ إلى هامش من المناورة يمكنها من تخطي بعض العقبات، أو يمنحها فرصة للحصول على مكاسب معينة.وأقدمت عمان على خطوة لافتة هذا الشهر بتعيين سفير فوق العادة لدى الدوحة بعد تخفيض تمثيلها الدبلوماسي مع قطر منذ أكثر من عامين في تماه مع قرار كل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين بمقاطعة الدوحة على خلفية دعمها لجماعات إرهابية وعلاقتها المثيرة للجدل مع إيران. وعززت زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل أيام إلى العاصمة الأردنية الشكوك في توجه أردني نحو إعادة تموقعه إقليميا بالانخراط في الحلف القطري التركي، وسط تحذيرات دوائر أردنية من مغبة الإقدام على هكذا مجازفة في ظل الوضع الدقيق الذي تمر به المملكة، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها، والتحديات الخارجية الممثلة أساسا في خطة السلام الأميركية المعروفة بصفقة القرن. وبدا أن زيارة الملك عبدالله الثاني إلى القاهرة، وقبلها إلى أبوظبي، محاولة لتفنيد وجود هكذا نية لتغيير في سياسات المملكة الخارجية التي لطالما اتسمت بالتوازن وإن كانت تنحو صوب ما يعرف بمحور الاعتدال في المنطقة الذي تقوده كل من السعودية والإمارات ومصر. ويقول محللون إن العاهل الأردني يدرك أن الظرفية الحالية تقتضي المزيد من الالتحام بالعمق العربي وتنسيق المواقف مع الدول المحورية في ظل الأخطار التي تحدق بالمنطقة سواء لجهة التوتر الجاري مع إيران أو في علاقة بما تحاول الإدارة الأميركية فرضه لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي سيكون الأردن ومصر أبرز المتأثرين به. وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني خلال اجتماعهما أهمية تسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي “على أساس حل الدولتين”. يأتي ذلك قبل جولة مرتقبة يقوم بها نهاية يوليو مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر وعراب صفقة القرن إلى الشرق الأوسط وتشمل مصر والأردن لمحاولة دفع خطته للسلام إلى الأمام. ورغم أن كوشنر لم يعلن بعد تفاصيل خطته، إلا أن الأردنيين يخشون أن يدفع بلدهم الثمن الأكبر لهذه الخطة التي يطلق عليها “صفقة القرن” وأن يصبح “وطنا بديلا” للفلسطينيين. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي إن السيسي والعاهل الأردني “توافقا حول أهمية تكثيف جهود استئناف مفاوضات عملية السلام وفق المرجعيات الدولية، ومبادرة السلام العربية، وعلى أساس حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”. والشهر الماضي عُقد مؤتمر اقتصادي في البحرين لعرض الشق الاقتصادي لخطة السلام في الشرق الأوسط وقد شارك وفدان من مصر والأردن في المؤتمر على مستوى منخفض تمثل في حضور نائب وزير المالية. الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني أكدا خلال اجتماعهما أهمية تسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي "على أساس حل الدولتين" وقاطعت السلطة الفلسطينية هذا المؤتمر الذي حمل عنوان “من السلام إلى الازدهار”، معتبرة أن إدارة دونالد ترامب التي تعلن دعمها لإسرائيل، تسعى إلى شراء الفلسطينيين وحرمانهم من دولة مستقلة. واعتبر الخبير في الشؤون الإقليمية، محمد مجاهد الزيات أن “هناك اليوم حاجة مصرية أردنية ملحة إلى التفاهم حول موقف موحد وتبني مقاومة قوية في وجه الرغبة الأميركية الطامحة لتنفيذ صفقة القرن”. ولفت الخبير في تصريح لـ”العرب” إلى أن قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس تقويض العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل يتطلب كذلك تحركا مصريا أردنيا متناغما للتعامل مع تداعياته، والتي قد تصل إلى حد التصعيد العسكري من قبل الحكومة الإسرائيلية. وسبق وأن أبدى الملك عبدالله الثاني شكوكا في إمكانية أن تقدم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على طرح الشق السياسي من خطة السلام الموعودة في ضوء الرفض الفلسطيني وعدم تحمس الدول العربية، بيد أن الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط وأحد مهندسي الخطة، جيسون غرينبلات ألمح قبل أيام إلى أن هناك إمكانية كبيرة لإماطة اللثام عنه قريبا.

مشاركة :