التربية العسكرية - يوسف القبلان

  • 4/16/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أبدأ موضوع اليوم بهذا السؤال: التربية العسكرية، هل حان وقتها؟ لن أقول التجنيد الإجباري ولا الخدمة العسكرية، وإنما أقول التربية العسكرية. هذه التربية بمفهوم عصري يتفق مع الظروف والمتغيرات أصبحت مطلباً وطنياً للفرد والمجتمع، حيث تتلاقى مصلحه الوطن مع المواطن لتشكل مجتمع معرفة ومهارات ومشاعر انتماء وعطاء، وقدرة على المشاركة في الحقول المختلفة المدنية والعسكرية. الشباب مفعم بالحيوية والنشاط ويمتلك الطاقة التي يمكن استثمارها بشكل أفضل عن طريق البيت والمدرسة وبيئة العمل. ومن المفارقات أن تجد شاباً بتلك الطاقة يستطيع مثلاً ممارسة كرة القدم بشكل يومي وفي أجواء حارة أحياناً، لكنه لا يشارك في أعمال ومسؤوليات البيت، ويصل مستوى الكسل والاتكالية إلى ترك المكان الذى يجتمع فيه مع الأصدقاء دون تنظيف ويفوض المهمة إلى العاملة المنزلية أو حارس الاستراحة. أما في الإجازات (طويلها وقصيرها) (والرسمي وغير الرسمي) فان الوقت لا يتوزع على أنشطة متنوعة وإنما يتركز حول متعة السهر حتى الصباح ثم تناول وجبات الأكلات السريعة على الإفطار. بطبيعة الحال من حق الشاب أن يتمتع بالإجازة وهو حر في وقته وفي الأنشطة التي يختارها طالما أنها لا تضر بالآخرين. إنما القضية التي أطرحها اليوم هي وجود حاجة للتدريب على المشاركة والانضباط والدقة واكتساب المهارات والتفكير الإيجابي. هذا النوع من التدريب يمكن توفيره من خلال القطاعات العسكرية والأمنية تحت مسمى (التربية العسكرية) أو أي مسمى آخر يعبر عن الأهداف المطلوب تحقيقها. الآن أعود إلى عنوان المقال والسؤال عن الحاجة إلى التربية العسكرية، وهل حان وقتها؟ وأكاد أسمع من يرد ويقول إن هذه التربية موجودة وورد ذكرها في خطط الدولة الخمسية. وقد تأتي الإجابة على سؤال المقال بسؤال آخر وهو: ماهي التربية العسكرية؟ وقد يلاحظ القارئ الكريم أنني حسمت موقفي من البداية وقلت في بداية المقال إن هذه التربية أصبحت مطلباً وطنياً للفرد والمجتمع دون أن أدخل في تنظير وتعريفات لأن ما أقترحه هو برنامج تدريبي تتحدد مدته حسب أهداف البرنامج ومحتوياته وطرق تنفيذه، وكذلك الفئة العمرية المستهدفة. ويكون التركيز على الجانب العملي واكتساب المهارات وتعزيز الاتجاهات الإيجابية. أرى أن تتبنى وزارة التعليم هذا البرنامج بالتعاون مع القطاعات العسكرية والأمنية ومعاهد التدريب وأن يتم وضع تصور شامل مع خطة عمل تتضمن كافة التفاصيل العلمية والإدارية والمالية. المبررات لهذا المقترح كثيرة ومن أهمها أن نسبة الشباب في المجتمع مرتفعة وهم يشكلون طاقة يجب استثمارها لمصلحتهم ومصلحة وطنهم في المجالات المختلفة ومن أهمها المجال الأمني. ثم إن بعض العادات السلوكية السلبية مثل الاتكالية وضعف المشاركة الاجتماعية وعدم استثمار الوقت في اكتساب المهارات المفيدة، كلها أسباب ومبررات منطقية. خلاصة الموضوع هو اقتراح برنامج تدريبي للشباب بعد المرحلة الثانوية مع أهمية التفرغ التام لهذا البرنامج، وتنفيذه في كافة المناطق. قد يكون في البداية اختيارياً مع وجود حوافز ومميزات تشجع الشباب على الالتحاق، هذه الحوافز قد تكون مادية إلى جانب أن المشاركة في البرنامج ستكون داعمة لتوظيف الشاب المشارك في المستقبل. وبعد ذلك يتم تقييم التجربة لغرض التطوير. نجاح هذا البرنامج يعتمد على عدة عوامل من أهمها أن يكون برنامجاً وطنياً تخصص له مظلة تنظيمية (وزارة التعليم)، وميزانية مستقلة، وإدارة تتولى مسؤولياته، إلى جانب تنظيم وتنفيذ برنامج للتعريف والتمهيد وإثراء الأفكار من خلال الندوات وورش العمل، بالتزامن مع حملة إعلامية واجتماعية ثقافية ومهنية تمهد لهذا التغيير. أخيراً أختم هذا المقال بنقطة مهمة وهي أني اقترحت وزارة التعليم مظلة لهذا البرنامج من أجل إضفاء الطابع التنموي والمهني عليه، وحتى لا ينصرف الذهن إلى الطابع العسكري البحت (بل إني كتبت هذا المقال قبل عاصفة الحزم). سيكون الطابع العسكري بالتأكيد جزءاً رئيساً في البرنامج إلى جانب أجزاء أخرى متنوعة تزود المجتمع بمخرجات لديها الاتجاهات الإيجابية والمهارات المؤهلة للمشاركة في البناء والتنمية والدفاع عن الوطن.

مشاركة :