وسقط القناع في سبأ بالعاصفة اليقين - فهد السلمان

  • 4/16/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكن شتائم أنيس النقاش ووئام وهاب وقنديل إخوان وغيرهم من أدوات المعسكر الصفوي تستفزني فيما مضى، لأني أدرك مثل غيري أنهم مجرد أقلام وأبواق مستأجرة لتنفيس الاحتقان، وقول مالا تريد أن تقوله قياداتهم عنا، ليس من قبيل الخلاف السياسي، بدليل أن شتائمهم لا تطال القيادة السياسية وحسب، وإنما الوطن كله كأمة وكمجتمع، فنحن بنظرهم أعراب، ومتخلفون ورجعيون ووو.. إلى آخر قواميس البذاءات التي يُتقنها هؤلاء جيداً كتخصص أخلاقي. كان أكثر ما يستفزني أتحدث عن الماضي وما قبل عاصفة الحزم هو تلك الأقنعة المزيفة بادعاء الحكمة والغيرة على الأمة التي يحاول نصر الله تغليف خطبه بها، كما لو كان يُشفق علينا، بإطلالاته المتكررة خلف تلك الشاشة العملاقة، وأمام تلك الصفوف التي تشبه صفوف التلاميذ في حضرة أستاذ أكبر من كل مقاساتهم، لتستمد منه الرأي والحق والصواب، وهي تهتف له بعد كل جملة، وتضحك حتى تكاد تميد من تحتها المقاعد عند كل "نهفة" من "نهفات" السيد، ومن بينهم برلمانيون ومعممون وأساتذة جامعات وجنرالات، لا يأنفون من استخدام نفس تعابير القطعان التي ترى في سماحته بطل المقاومة وفارس الممانعة، وقائد جبهة النضال، رغم اختبائه خلف تلك الشاشة، والذي لم يكن موضع تساؤل من قبل تلك العقول المخدرة، رغم أن منهم من قد يعلم أنه لو كان هدفاً لإسرائيل لاستلّته مثل جرذ من مربعه الأمني، وهي التي اصطادت باعترافه هو ربيبه عماد مغنية من بين أيدي المخابرات السورية، وفي قلب دمشق. جاءت«عاصفة الحزم»، التي أسقطتْ عن حسن نصرالله القناع الأخير ليبلع لسان الحكمة الذي طالما لوّن به خطابه، ويسترد لسانه الأصلي الذي لا يقل قذارة وقبحاً عن لسان وهاب ونقاش وقنديل وكل أبواقه، ليطلق العنان لشتائمه للمملكة قيادة وشعباً ومجتمعاً، وهو نفس الخط تماماً الذي سلكه وليه خامنئي كانت صورة نصرالله حينما كان قادراً على ضبط عواطفه، وكبح جماح دخيلته الصديدية، حتى بعد حماقته في اختطاف الجنديين الإسرائيليين، في حرب تموز 2006 م ، والتي جرت على بلده الخراب والدمار، وقتل المئات، وتشريد ما يربو على المليون مواطن من أبناء الجنوب من منازلهم، وترحيل قواته إلى شمال الليطاني، كانت قادرة على الصمود تحت قناع البطل، رغم اعترافه بلسانه أنه لو كان يعلم بأن ثمنها سيكون فادحاً بذلك الحجم الذي طال بنية لبنان التحتية لما أقدم على اختطاف الجنود، والتحرش بالعدو فيما يُشبه وخز ثور هائج بشوكة صبار. إلا أنه مع هذا ظل يحتفظ ببعض صورة البطل في زمن كانت فيه الأمة بأمس الحاجة إلى أي نكهة بطولة، وبعدما نجحت طبول الإعلام بتسويق أكذوبة الانتصار، عاد الرجل لمواصلة دور الزعيم الحكيم الذي يريد أن يهدي الأمة إلى سبيل الرشاد، خاصة بعدما وجد أن صورته تعلق في كل مكان، حتى في أوساط جماهير لا يكن لها في سريرته إلا الحقد والبغضاء. كثيرون يعرفون أنه كان يلعب دور البطل العروبي بإطار مسرحي متقن، بعد أن كشفتْ خطبته في 2005 م في تظاهرة "شكراً سورية" توتره واحتقانه ضد مواطنيه من ثوار الأرز، إبان طرد القوات السورية من لبنان إثر استشهاد الرئيس الحريري، وإفصاحه آنذاك أن حزبه ينوي الدخول للحكومة التي كان عزوفاً عن المشاركة فيها، على اعتبار أنه أكبر منها، وأنه يتفرغ للمقاومة، عندما كان هنالك من يغطي أهدافه فيها سواء غازي كنعان أو رستم غزالي، لكن أحداً لم يكن ليجرؤ على كشف هذه الحقيقة أمام تهويمات صورة البطل المناضل المستشرية في العقول. تلميذ الولي الفقيه ومندوبه الدائم على ضفاف المتوسط، بدأتْ تتساقط أقنعته الواحد تلو الآخر، منذ أن أحرق أجهزة الإعلام التي لا تتحدث لغته، ومنذ أن احتل مطار بيروت ليمنع نقل جاسوسه الجنرال شقير، وبعد أن أرسل قمصانه السود لتفتح عنوة صالة كبار الزوار لاستقبال جميل السيد صاحب الأدوار المشبوهة، وأخيراً عندما أدار بندقيته ليحارب السوريين إلى جانب النظام في أرضهم، وتوعد مخالفيه من النائين بالنفس من بقية اللبنانيين أن يواجهوه هناك إن شاؤوا، لتأتي بعدئذ الطامة الكبرى في "عاصفة الحزم"، والتي أسقطتْ عنه القناع الأخير ليبلع لسان الحكمة الذي طالما لوأن به خطابه، ويسترد لسانه الأصلي الذي لا يقل قذارة وقبحاً عن لسان وهاب ونقاش وقنديل وكل أبواقه، ليطلق العنان لشتائمه للمملكة قيادة وشعباً ومجتمعاً، وهو نفس الخط تماماً الذي سلكه وليه خامنئي، والذي طالما تصنع الوقار، والدفاع عن الأمة، يوم لم يكن هنالك من يجرؤ على أن يقول له: قف، وقبل أن تهب عليه العاصفة لتقتلع عمامته، ولتكشف عن رأس لا يحمل إلا البغضاء والأحقاد لكل ما هو عربي، وهو يتوعد السعوديين بتمريغ أنوفهم في اليمن، بعدما مرغ صقور الجو مشروعه ومشروع صبيته في أرض سبأ، ليخرجه نبأ العاصفة اليقين عن طوره، ويُفقده صوابه، ويدفع الاثنين معاً كآخر سلاح للنزول من خشبة المسرح للمشاركة في لطمية الشتائم السوقية، تماماً كما يليق بقطّاع الطرق وزعماء العصابات، حينما تُنتزع أسلحتهم من بين أيديهم.

مشاركة :