انطلق مساء الاثنين ملتقى بيت السرد النقدي بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، والذي يضم تسع قراءات نقدية لتسع روايات فائزة بجوائز بمشاركة تسعة كتّاب من مناطق السعودية. وافتتح الملتقى رئيس بيت السرد الدكتور مبارك الخالدي بكلمة تضمنت، تاريخ بداية بيت السرد الصغيرة إلى ما وصل إليه من تطور مستمر تنوع في أنشطته الأدبية ما بين جلسات القراءة الشهرية والملتقى السنوي ومهرجان القصة القصيرة ومسابقة بيت السرد للمواهب، متمنياً أن يكون ملتقى بيت السرد الأول رافداً معرفياً وفكرياً هاما لحركة النقد ودراسات وعلوم السرد في وطننا الغالي. ثم شكر المنظمين والمشاركين والضيوف. بعدها بدأت الجلسة الأولى، والتي أدارها الخالدي بمشاركة الدكتور حسن بن حجاب الحازمي بورقته النقدية المعنونة بـ”لعبة الشكل وتمويه المعنى “حول رواية ‘ما تبقى من أوراق محمد الوطبان"”، التي قال عنها “يأتي اختياري لرواية الكاتب محمد الرطيان ‘ما تبقى من أوراق محمد الوطبان‘، لأسباب فنية تتعلق ببنية خطاب الروائي الذي اجتهد الكاتب في تشكيله بصورة تبدو مفارقة للمألوف، ونزاعة لإرباك المتلقي، مرسّخة للتجديد على كافة مستويات الخطاب، برؤية السردية تتكئ على أكثر من راو، بل إنها تتسع لتشمل الكاتب والناشر مع أنهما شخصان حقيقيان يفترض أنهما خارج الخطاب الروائي”. وأضاف “أما البنية الزمنية في الرواية فجاءت متشظية ومربكة تحتاج إلى قارئ يقظ يلتقط مفارقاتها ويعيد ترتيبها، وصيغ الخطأ متعثرة ومتنوعة من خطاب الكاتب الماثل في العتبات إلى خطاب السيدة تاء الذي يستهل الرواية، ويختمها”. وقدمت الدكتورة لمياء باعشن قراءة بعنوان “طوق التماسك السردي في رواية ‘طوق الحمام‘”، حيث عملت على تتبع امتدادات وتفرعات الخط الجامع للنص في رواية “طوق الحمام” لرجاء عالم سرديا وفكريا وتشيكيليا. هذه الرواية الملحمية تقدّم، كما لفتت الناقدة، بانوراما واسعة ومتشعبة من الشخوص والأماكن والمرجعيات التاريخية والأسطورية والثقافية. وفي هذه الورقة جهد لجمع أطرافها وذلك بتفكيك النص، والكشف عن أساسياته التكوينية للوصول إلى ذلك الطوق الذي يؤدي إلى تماسكها وانتظام بنيتها السردية والفكرية.وفي الجلسة الثانية من الملتقى التي أدارها الشاعر عبدالوهاب الفارس، والتي شارك فيها كلّ من الناقد حمد حميد الرشيدي والدكتور عبدالعزيز الطلحي. وقدّم الرشيدي ورقة بعنوان “التحور الحسي البصري في رواية ‘نزل الظلام‘ للروائ ماجد الجارد”، الفائزة بجائزة الأمير سعود بن عبدالمحسن للرواية السعودية لعام 2012، حيث أوضح أن الرواية تكمُن أهميتها في رصدها العلاقة القائمة بين الإبداع وفقدان حاسة البصر، أو بين الموهبة والألم، واعتمادها على الاستعاضة عن هذه الحاسة بالحواس الأخرى المكملة لها، كالتذوق والشم والسمع واللمس، لتتولد عنها كلها مجتمعة ما يسميه الناقد بـ”الحاسة السادسة” كما سبق له ذكره، لتكون بديلا كافياً عن حاسة البصر، أو موازية لها، وإن لم تكن معادلة لها تماما. وقدّم الدكتور عبدالعزيز الطلحي ورقته النقدية “طرق التأتي للإقناع في رواية ترمي بشرر” للروائي عبده خال، وهي الفائزة بالبوكر العربية عام 2010، وهي رواية سرد فيها الراوي “طارق” بمعاضدة شخصيات أخرى في الرواية سيرته مع القبح من الشذوذ إلى المال إلى الشراب، رواية أطل فيها الراوي بعبارة “خسئت روحي”. وبقيت روحه خاسئة طوال عتبتي السرد التي اختار الرواي أن يأتي فيهما على القبح في كل شيء، حيث انتقى لها فضاء مكانيّا عاما هو جدة، التي أطلّت على العصرنة والتحديث مع أول أمين لجدة، وفي فضاءين مكانيين خاصين لكنهما مبهمان إلا من حيث الجهة، هما الحارة (الحفرة أو جهنم) والقصر الذي حجبها عن البحر (الجنة) كما أسموه أهل الحارة. وتواصلت النقاشات حول بقية الروايات، حيث ناقش الدكتور مبارك الخالدي رواية يوسف المحيميد “الحمام لا يطير في بريدة” الفائزة بجائزة أبوالقاسم الشابي لعام 2011. وقدّم الناقد عيد الناصر مقاربته لرواية مقبول العلوي “خرائط المدن الغاوية” الفائزة بجائزة الأمير سعود بن عبدالمحسن للرواية السعودية لعام 2016. ونوقشت كذلك ضمن فعاليات الملتقى رواية جبير المليحان “أبناء الأدهم” الفائزة بجائزة وزارة الثقافة والإعلام للرواية لعام 2017، والتي تناولها بالتحليل الناقد جمال الدين علي. بينما قدّمت الناقدة عائشة الحكمي رواية محمد حسن علوان “موت صغير” الفائزة بالجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2017، وآخر الروايات التسع المختارة رواية أميمة الخميس “مسرى الغرانيق في مدن العقيق”، الفائزة بجائزة نجيب محفوظ في الأدب لعام 2018، والتي ناقشها الناقد عادل الغامدي.
مشاركة :