احمد الحناكى:رحم الله عبدالرحمن الشبيلي

  • 8/2/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

تعرفت على عبدالرحمن الشبيلي (كشخصية عامة) من خلال برامجه التلفزيونية، كونه من الأوائل الذين عاصروا الافتتاح مع المخضرمين الراحلين منهم أو الأحياء، بينما تشرفت بأن أكون أحد تلامذته في قسم الإعلام في “جامعة الملك سعود” في أواخر السبعينات. درّسنا الشبيلي مادة تاريخ الإعلام السعودي وكم كان طوال تلك الفترة قريباً من القلب، دائم الابتسامة، طيب المعشر يترفع عن كِبر وأنفة كذّابة، فضلا عن أسلوبه الأخّاذ في إيصال المعلومة بطريقة شيقة وسلسة وبصوته الشجي الهادئ، معتبراً أننا جميعاً أصدقاء له ويتعامل معنا كإخوته الصغار بكل ما يحمله من صفات تنم عن خلق ونبل. انقطعت بنا السبل ثم جمعنا مرة أخرى سفيرنا السابق في الكويت عبدالعزيز الفايز الذي كان خير معين لي في مرحلتي الإعلامية والأكاديمية والعملية (إن لم تخني الذاكرة كان الإثنان آنذاك عضوين في مجلس الشورى بدورته الثانية)، وكان الهدف أن أعمل متعاوناً مع جريدة “المسائية” التي كانت تصدر عن “مؤسسة الجزيرة” آنذاك، وكم اكتشفت ما يحمله من شخصية إنسانية رقيقة ليكرس الصورة التي ارتسمت في ذهني عنه. لاحقاً، سافرت لظروفي العملية وكان أول المهنئين، وكان يخجلني أحياناً بثناء على مقالة، ولم يمنعه كونه أستاذي عن انتظار مبادرة مني. تألمت حقيقة لما حدث له عندما قرأت أنه سقط في حادث مأسوي في منزله في باريس، ولعل الزميل الفاضل زياد الدريس عبر برشاقة عندما وصف الحادثة بـ”السقطة الوحيدة”، فهو عف اللسان والسلوك وليس صاحب مشاحنات أو تشنجات، على رغم موسوعيته وذاكرته واطلاعه وثرائه اللغوي. فجع حبيبنا قبل نحو سبع سنوات بوفاة ابنه الأكبر طلال بعد معاناة مع المرض، ولا ريب أن هذا مؤلم لأب فقد ابنه الوحيد، غير أنه استسلم لمشيئة الله بإيمانه العامر. تميز الشبيلي واشتهر، فضلا عن تمرسه المهني، بكتابة السير الذاتية لبعض الأعلام، إذ تقدر الشخصيات التي كتب عنها بأكثر من مئة شخصية، واختتم ذلك بسيرة ذاتية خاصة به اسماها “مشيناها حكايات ذات”. غير أنه وفي تصريح إلى “العربية نت” في كانون الأول (ديسمبر) 2018 لم يعتبرها سيرة، إذ قال: “صحيح أني كتبت سير غيري، لكن عندما أتيت لتطبيق ذلك على نفسي، توقفت مرات عدة أتساءل هل السيرة هذه ستلبي القواعد الصحيحة في كتابة السيرة؟ وأنا لم أسمها سيرة بل حكايات ذات، ولا أخفي أنني توقفت مرات عدة في الكتاب، حتى أرى هل هو معبرة عن السيرة أم لا”، وأضاف: “أبرز صعوبة وقعت فيها أثناء الكتابة مراعاة أن يكون الكتاب معبراً عن النظريات في كتابة السيرة الذاتية (محمد جراح). قبل سنوات طالب الشبيلي في حوار أجراه معه الصحافي في “جريدة المدينة” فهد الشريف بفتح رئاسة مجلس الوزراء المجال للباحثين الراغبين بالاطلاع على الوثائق التي تحوي شروحاً وتواقيع، متمنياً عليهم أن يهتموا بمثل هذا التراث، إذ لا يمكن خدمة هذا الموضوع إلا بتتبعه (وفق ما ذكر)، مؤكدا أنه ما لم تفتح لهم الوثائق، سواء من “دارة الملك عبد العزيز” أو “المركز الوطني للوثائق” التابع لديوان رئاسة مجلس الوزراء أو وثائق الملك فيصل أو وثائق وزارة الخارجية، فإن الباحثين لن يستطيعوا إحراز تقدم في هذا المجال. كان الراحل أول من طالب في السبعينات بتحويل الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء إلى مؤسسات عامة، وهي مطالبة تعبر عن نظرة ثاقبة وعن إيمان بقوة هذه الوسائل وأهميتها وبالمرونة والفضاء الذي تحتاجه لتقدم المطلوب منها تجاه الوطن، فضلاً عن أنه أسهم في تأسيس إذاعة وتلفزيون “الرياض” وقدم عدداً من البرامج التلفزيونية مثل “شريط الذكريات” و”حديث الأصدقاء”. رحم الله عبد الرحمن الشبيلي رحمة واسعة، وعزائي من الأعماق لعائلته، متمنياً أن يلهمها الله الصبر والسلوان على فراقه.

مشاركة :