مرت 800 عام على لقاء القديس فرنسيس بالملك الكامل فى دمياط، حيث كان اللقاء بداية حوار الأديان، ولد فرنسيس فى بلدة اسيزى تلك المدينة الصغيرة بمقاطعة اومبريا بإيطاليا الوسطى عام 1179، لوالدين الأب بطرس برنردونى الثرى المرموق تاجر الأقمشة، والأم حنة واشتهرت باسم بيكاوهى، فرنسية الأصل، ربت أولادها وفق مبادئ الإنجيل وتعاليم الكنيسة، وأرادت أمه تسميته يوحنا، تيمنا بيوحنا المعمدان، ولكن حين عاد والده من تجارته فى فرنسا، شاء أن يسمى ابنه البكر فرنسيس تيمنا ببلاد الفرنسية، أرسله والده إلى المدرسة حيث تعلم اللاتينية لغة رجال الكنيسة والعلم، فضلا عن تعلمه الإيطالية لغة قومه، وما لبث أن يتحدث الفرنسية بطلاقة، وفى سن الـ 14 رأى أبوه أن ما تعلمه ابنه من لغات وعلوم فيه الكفاية، وأنه آن الأوان ليمرنه على المعاملات التجارية، هذا الشاب وسيم الطلعة وهبته الطبيعة صوتا عذبا شجيا يحرك القلوب ويغزوها ويحسن العزف على العود ويقرض الشعر ويغنيه. فى سن الـ 17 اندلعت حرب بين مدينتي اسيزى وبيروجيا، فحمل السلاح ليزود عن وطنه، فسار فى جيش اسيزى، ولكنة ما لبث أن وقع أسيرا وظل فى الأسر زهاء سنة، كان مثال الصبر والشجاعة والإقدام، وبعد أن عاد إلى اسيزى ما لبث أن زهد فى الدنيا، وعند سن الـ 25 ترك كل شيء وتبع يسوع، وساهم فى بناء وتعمير الكنائس والأديرة وتأسيس الرهبنة. وعندما كان الأسطول الذى يقل الصليبيين على وشك الإقلاع من ميناء انكونا قادما من الأراضي المقدسة، أقبل فرنسيس قادما من اسيزى ومعه عدد كبير من الرفقاء، وفى منتصف يوليو رست السفينة فى يدسان جوفانى دى اكرى (عكاء)، وما لبث فرنسيس أن انطلق والأخ اللوميناتو إلى دمياط التي كان يحاصرها الصليبيون، والذى كان يدافع عنها المصريون فلما وصل إلى المعسكر المسيحي راعه أن يرى الفوضى والفساد والعداوات فى ظل الصليب، وإذ بلغه أن الصليبيين يعدون العدة لمهاجمة المصريين حذرهم بأن الهزيمة ستكون لا محالة من جانبهم، وتم بالفعل ما تنبأ به، فقد سقط من الصليبيين فى هجومهم على دمياط يوم 29 أغسطس أكثر من خمسة آلاف، وطلب مقابلة السلطان الكامل وبالفعل استقبله الكامل استقبالا فيه الكثير من الفروسية والشهامة والإيناس والحفاوة، كان فرنسيس بالنعمة التي تغمر قلبه هادئا طبيعيا يتكلم باسم الله بثقة ووداعة رافعا من شأن المحبة والسلام مقرظا للصليب وحياة المجد فى الآخرة، أعجب السلطان وهو الملك الكامل بن الملك العادل الأيوبى بشجاعة فرنسيس فقربه إليه فأقام عنده أياما غير قليلة كان يستمع خلالها من فم فرنسيس الكثير من الحقائق المسيحية باهتمام متزايد وقدم الملك الكامل لفرنسيس منحا وهدايا ثمينة كثيرة لم يقبل فرنسيس منها سوى قرن من العاج ترضية لخاطر الملك، وكتابة يصرح له فيها بزيارة الأماكن المقدسة والوعظ فى طول البلاد وعرضها، وكانت هذه هي بداية حوار الأديان الفعلية التي يسير على خطاها البابا فرنسيس الذى حمل نفس الاسم وحمل وهذا الأهم نفس المبادئ المسيحية الراقية.
مشاركة :