فيصل الفايق: وكالة الطاقة الدولية تُعكّر صَفْوَ الماء لتصطاد فيه

  • 8/5/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

وكالة الطاقة الدولية تقوم بدور واضح اشبه بتعكير صَفْوَ الماء لتصطاد فيه عن طريق نشر الضبابية للهبوط بالاسعار، ولعل الوكالة اسهبت بإستخدام هذا الأسلوب لكي يفقد السوق توازنه فور عودة منظمة اوبك لدورها الفعّال لتوازن السوق مطلع عام 2017، بمحاولات مستميته نجحت بها عندما هبطت بالأسعار من ذروتها حين صعد خام برنت فوق 85 دولار في شهر اكتوبر العام الماضي. لم يكن كافياً أن تَحقن وكالة الطاقة الدولية كثيراً من الضبابية وعدم اليقين بمشاعر هبوطية في تقريرها الشهري الأخير عن سوق النفط (OMR) عندما عزّزت توقعات انخفاض نمو الطلب على النفط وارتفاع إنتاج النفط الصخري. كما ديدن الوكالة في بث الضبابيّة عن طريق توظيف في غير محله للأحداث بعد استغلال التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين للترويج لركود اقتصادي عالمي سوف يتسبب في انخفاض الطلب على النفط، بينما لم يكن هناك أي تأثير على الاتجاه الصعودي عندما استأنفت المفاوضات التجارية مؤخراً. والمثير للدهشة أن هذي ارقام نمو الطلب على النفط لايتم التحقق صحتها فور دخول العام الجديد. وكالة الطاقة الدولية خفّضت توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعام 2019 إلى 1.1 مليون برميل في اليوم اقل من توقعاتها قبل عام عند 1.5 مليون برميل في اليوم، وذلك بسبب انتقائية الوكالة في التحليلات التي تخدم توجهاتها بينما تغض الطرف على خلاف ذلك. وأقرب مثال على ذلك قبل اسبوعين تقريبا عندما استفادت الوكالة من البيانات الاقتصادية الصينية عندما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة %6.2 في الربع الثاني مقارنة بنفس الفترة من العام السابق عندما سجل %6.4 كأبطأ نمو اقتصادي لها في العقود الثلاثة الماضية، بينما تجاهلت الوكالة عوامل صعودية اخرى عندما تجاوز إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين التقديرات، وبذلك يبدو الاقتصاد الصيني أكثر صحّة عند النظر إلى الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة التي فاقت التوقعات: – ارتفاع الإنتاج الصناعي الصيني في شهر يونيو المنصرم بنسبة %6.3 على أساس سنوي متجاوزاً التوقعات. – ارتفاع مبيعات التجزئة في الصين %9.8 على اساس سنوي. – ارتفاع استثمارات الأصول الثابتة للنصف الأول من العام بنسبة %5.8 مقارنة بالعام السابق، وفقًا للبيانات التي نشرها المكتب الوطني للإحصاء، مقارنة مع توقعات المحللين بارتفاع نسبتها %5.5. – ارتفاع استثمارات القطاع الخاص في الأصول الثابتة، والتي تُشكّل %60 من إجمالي الاستثمارات في الصين بنسبة %5.7 في النصف الأول من هذا العام مقارنة بارتفاع نسبته %5.3 عن الخمسة الاشهر الأولى من العام. – ارتفعت مبيعات التجزئة لشهر يونيو بنسبة %9.8 بالقيمة السنوية بينما توقّع المحللون تباطؤ النمو إلى %8.3 من %8.6 عن شهر مايو. كل هذه المؤشرات الشهرية قدّمت علامات على استقرار الاقتصاد الصيني، وهذه البيانات الإيجابية تشير عن كثب إلى صحة ثاني اكبر اقتصاد في العالم، حتى مع ان الحرب التجارية الصينية الأمريكية مستمرة منذ عام وكان من المفترض أن تؤثر بشكل كبير على الشركات والاستثمارات، مما زاد من مخاوف ركود الاقتصاد العالمي. لاتزال وكالة الطاقة الدولية تستغل تلك التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين للتأثير سلباً على الاقتصاد العالمي من أجل خفض نمو الطلب على النفط – وهي خطوة يصعب تفسيرها أو تبريرها، مع تزايد واردات النفط إلى الصين التي تصل إلى مستويات قياسية جديدة كل شهر مع زيادة الطلب من مصافي التكرير التي وصلت إلى 13.07 مليون برميل يومياً متجاوزة الرقم القياسي السابق في شهر ابريل المنصرم حين وصلت الى 12.68 مليون برميل في اليوم. وبذلك أثبت النزاع التجاري الامريكي الصيني انه لا يؤثر على طلب الصين على النفط حتى وإن اثّر على بعض أسواق السلع والأسهم، والتي سجلت أداء ضعيفاً، لكنها لن تؤثر على توقعات انخفاض الطلب على النفط لأننا نرى الصين تصل إلى مستويات قياسية جديدة من واردات النفط كل شهر. وبالتالي فإن الأثر الاقتصادي للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ليس له انعكاسا على اسواق النفط، ولكن من المثير للدهشة أن بعض الاقتصاديين يثيرون مخاوف من أن النزاع التجاري قد يؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي سيؤدي إلى انخفاض نمو الطلب على النفط، وهذا تسبب ضعف النمو الاقتصادي ادى الى قلق متزايد أدى إلى انخفاض الاسعار بناءً على معنويات هبوطية بعيدة عن اساسيات السوق. قد يكون الناتج المحلي الإجمالي هو المؤشر الأكثر أهمية لقياس النشاط الاقتصادي للقيمة المضافة الناتجة عن إنتاج السلع والخدمات. نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين وصل إلى اعلى مستوى قياسي له على الإطلاق عند %15.40 في الربع الأول من عام 1993، وأدنى مستوى قياسي بلغ %3.80 في الربع الرابع من عام 1990. ويظل السؤال الأهم لإنتقائية وكالة الطاقة الدولية، مع هذا التباين الكبير للناتج المحلي الصيني الذي حدث فقط في ثلاث سنوات، هل يُعتبر هذا المؤشر الافضل ملاءمة للمقارنات بمرور الوقت، حيث أن التطورات لا تنتج فقط عن النمو الحقيقي، ولكن أيضاً عن التغيرات في الأسعار وتعادلات القوة الشرائية في حالة تضخيم نسبة %0.2 في مقارنة ربع سنوية ليست ذات صلة؟. مستشار في شُؤون الطاقة وتسويق النفط، مدير تسويق النفط الخام لأرامكو السعودية في آسيا والمحيط الهادئ سابقا، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا. [email protected]

مشاركة :