بات من الواضح التقارب الكبير بين تقارير وتوقعات منظمة اوبك ووكالة الطاقة الدولية. وكما هو معلوم فإن اوبك كمنظمة للدول المُصدّرة للنفط تعتمد على صادراتها النفطية بالدرجة الأولى لتحقيق النمو الاقتصادي لأعضائها. فهي كيان يسعى إلى تحقيق توازن أسواق النفط وملاءمة الأسواق للصادرات النفطية، بما يُحقّق أهداف الدول الأعضاء، عبر سياسات وخطط واستراتيجيات، بما يضمن استقرار الأسواق ومصالح دول الإنتاج. منظمة اوبك ووكالة الطاقة الدولية يُفترض فيهما العمل بكل حيادية، كلاً على حِدة، منفردة ومنفصلة في عملها عن الأخرى، لأن مصالح كل جهة “كمنتج ومستهلك” تختلف في غالبها عن مصالح الأخرى، فعندما تقدم اوبك تقارير تعكس أساسيات السوق وتوازن العرض والطلب حفاظاً على استدامة الأسعار والوقاية من تقلباتها الحادّة لاستقرار الاقتصاد للعالمي، نتوقع أن تتقدم وكالة الطاقة الدولية بتوقعات ودراسات تدعو إلى انخفاض الأسعار. المتابع لتقارير منظمة اوبك الشهرية في الشهور الماضية يلاحظ أن هناك كثير من التساؤلات عن من يقوم بدور من؟! إن افترضنا التدخل اليدوي في نماذج توقعاتهما الحسابية، عندها ستُقدّم منظمة اوبك دراسات تدعو إلى توازن العرض والطلب والحفاظ على مستويات أسعار تُحقّق النمو الاقتصادي لأعضائها من الدول المنتجة، وبالتالي نتوقع أن تُقدّم وكالة الطاقة الدولية توقعات لتخفيض أسعار النفط لتحقيق الفائدة لدولها المستهلكة. فإذا تقرّر عكس ذلك، عندها نتساءل، لمصلحة من يمكن أن يُجيّر استمرار اجترار التوقعات المُحبطة والتصريحات المتشائمة التي لاتعكس أساسيات السوق، في وقت أحوج ما يكون فيه السوق للإستقرار. ولعل المُلاحِظ لتقارير اوبك وتقارير وكالة الطاقة الدولية الشهرية يجد تشابهاً واضحاُ في التوقعات التشاؤمية لضعف الطلب وتردّد المفردات الضبابية بالرغم من بوادر تعافي السوق مما يضغط على الأسعار هبوطاً ويُؤثر على معنويات السوق سلباً. وفي الجهة المقابلة نجد تجاهل لآثار النقص الشديد في استثمارات المنبع في السنوات الماضية والتي سوف تؤدي إلى شُح إمدادات قادم لا محالة. وهناك تجاهل ايضا في أن أي زيادة في الامدادات سوف تُعوّض بعض من نقص معدّلات الهبوط الطبيعية من تقادم حقول النفط التقليدية. التوقعات المتشائمة لتقارير اوبك ليست استباقية مع السوق ولا تعكس إستراتيجية الإنتاج وتستمر بالضغط الهبوطي على الأسعار، مما يُبرز تناقض واضح بين تقارير المنظمة وأهداف واستراتيجيات الدول الأعضاء، وتخبط واضح في السياسة الإعلامية لاوبك، مما قد يُعمّق ارباك السوق وبث حالة من عدم اليقين. فيصل الفايق مستشار في شُؤون الطاقة وتسويق النفط، مدير تسويق النفط الخام لأرامكو السعودية في آسيا والمحيط الهادئ سابقا، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا. [email protected]
مشاركة :