نعيش الذكرى الخامسة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله – ونحن نرى إنجازات هائلة في مجال النفط والطاقة لم أراها خلال الثلاثين عاماً من خبرتي في هذا المجال، لا نستطيع حصر جميع هذه الإنجازات في مقال ولكن نحاول ان نستذكر بعضها: * رؤية السعودية 2030 وانعتاق الميزانيات من تقلّبات اسعار النفط: – مع تفعيل اهداف رؤية 2030 والتصحيح الاقتصادي بتخفيض الاعتماد على النفط جاءت رؤيتنا الطموحة بإنجازات على ارض الواقع تؤهلنا للتقدم بين اقوى 20 اقتصادا في العالم. جاءت ميزانية المملكة بعد بزوغ فجر الرؤية بإعتماد اقل تدريجياً على النفط والوقاية من تقلبات اسعاره. كان الركون إلى تقديرات اسعار النفط اساساً عند تقدير الميزانيات المالية سابقا. – وقاية الموازنة المالية من تقلبات الاسعار بدأت من ميزانية عام 2017 والتي كانت اول ميزانية يتم الإعلان عنها عقب إنطلاق الرؤية بالاخذ في الحسبان التحفّظ الشديد في تقدير الاسعار والوقاية من تقلباتها الحادّة التي كانت تؤثر على ميزانيات المملكة سابقا. – جاءت بعدها ميزانية عام 2018 مُجسدةً للثقة في التصحيح ومحاربة الفساد بإجراءات مُتّخذة لتحقيق كفاءة الإنفاق والحوكمة المالية والشفافية لتحقيق التوازن المالي بتنمية الإيرادات غير النفطية مع استمرار التحفّظ الشديد في تقديرات اسعار النفط. – ميزانية 2019 جاءت بعجز أقل وإنفاق تاريخي وميزانية توسعية بمشاريع تنموية تُسهم في الناتج المحلي وتوليد الوظائف بالرغم من هبوط أسعار النفط قريبا من نصف متوسط الاسعار للاعوام 2011، 2012، 2013، و 2014. – إنتاج المملكة من النفط تراوح مابين 9.8 مليون و 11.2 مليون برميل يومياً في الثلاث سنوات الماضية، بينما اسعار النفط شهدت تقلبات حادّة جداً من 27 دولار في بداية عام 2016 إلى 86 دولار في شهر اكتوبر عام 2018. ولذلك جاءت أحد اهم اهداف واستراتيجيات رؤية 2030 بأسعار نفط مستدامة تحمي الميزانية من التقلّبات الحادّة في الاسعار والتي كان لها أثرها السلبي على كفاءة الإنفاق الحكومي وعلى الميزانيات السابقة قبل رؤية 2030. * شفافية مرحلة التصحيح الشامل: – التصحيح الاقتصادي لرؤية 2030 جاء شاملاً مع تطبيق الحوكمة والشفافية وتفعيل الرقابة والتدقيق والمحاسبة على الجميع، لم تكن هناك استثناءات في محاسبة الفاسدين. جاءت مرحلة الشفافية مع فك احتكار تركيز السلطات لدى الشركات الحكومية، والتي كانت أحد أهم سمات فترة التصحيح الاقتصادي التي نمر بها. خضوع تلك الشركات للرقابة والحوكمة وفرض الشفافة مع محاربة الفساد الذي يُعطّل مسيرة التصحيح والإصلاح. – شفافية مرحلة التصحيح الشامل جعلت من المناصب الحكومية وظائف لخدمة المُواطن، الذي اصبح له صوت يُعبّر عنه بكل شفافية. ولعل كثير من الإقالات التي طالت المسؤولين فيها دروس عمليه لشفافية الرؤيه والمرحلة الجديدة من التصحيح الشامل، ولاشك أن للإعلام الدور الأبرز في بناء جسر من الثقة بين جميع شرائح ودوائر الوطن، إضافة إلى دوره الكبير في ضمان تصحيح الإقتصاد والإستفادة من القدر الهام للشفافية التي تجسدت على أرض الواقع مع هذه الرؤية المباركة وذلك بتعزيز مبدأ النقد الإيجابي البناء الذي. * موثوقية امدادات النفط السعودية حتى مع انخفاض الاسعار: – المملكة ليست أكبر مُصدّر للنفط في العالم وحسب، بل الأكبر في تصدير الامدادات الموثوقة مما يحقق اطمئناناً وتوازناً في اسواق النفط، وتلبية احتياجات إمداد الطلب العالمي المتزايد. وهذا يدل على ان المملكة رغم الانخفاض الشديد في الاسعار في الأعوام الماضية، بل وحتى مع تدنى الاسعار إلى دون 30 دولار بداية عام 2016، لم تُوقف مشاريع المنبع، وقد تجسّد ذلك جليّاً عندما دشن ملك العزم سلمان الحزم، في عام 2016 عددا من مشاريع المنبع الضخمة أثناء بيئة أسعار النفط المنخفضة تلك، وهذا وفاء دائم من المملكة بالتزامها تجاه الطلب العالمي المتزايد على النفط. * اسواق النفط تُجدّد ثقتها في اوبك لإدارة السوق مع اتفاقية اوبك بلس ل 14 منتج من داخل منظمة اوبك و 10 منتجين خارجها: – لاسواق النفط جددت ثقتها بقدرة جهود منظمة اوبك في اعادة توازن سريع وناجح للسوق بخفض مخزونات النفط الفائضة، بعد أن أخطأ بعض المحللون بأنها قد ماتت سريرياً وأن اعادة التوازن للسوق عملية صعبة وطويلة، مروجين لرياح معاكسة وتحديات لاتُقهر. – استمرار منظمة اوبك بقيادة النجاح لإدارة لثلاثة اعوام متتالية على بعد أن شهد عامي 2015 و 2016 استراتيجية غير المدروسة من اوبك وقراءة غير صحيحة للسوق بإستراتيجية تغيير مستويات الإنتاج ومقاومة التراجع الكبير في الأسعار، بعدها عادت اوبك بمجهود مثمر واجتماعات مكثفة وبرجوع لافت الى سياسة إدارة السوق مطلع عام 2017 بإتفاقية اوبك بلس بعدما فشلت كل آمال السوق لإيجاد بديل يُعوّل ويُعتمد عليه في تحقيق التوازن المطلوب لتصحيح حالات التدهور التي كان من ابرز أسبابها تخمة المعروض، منذ صيف 2014 مما أدى إلى تراجع الأسعار بنسبة %60. ولا يوجد قلق على حصص أوبك في السوق بعد تمديد التخفيضات! * مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة: – تعتبر الطاقة المحرك الرئيسي لجودة حياة الفرد من خلال توفر طاقة موثوقه. جاءت مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة ليس فقط لإدخال الطاقة المتجددة ضمن مصادر مزيج الطاقة السعودي بل ايضاً لإنقاذ مزيج الطاقة السعودي من إدمان استهلاك النفط والغاز بإعادة هيكلته وتعزيز اقتصادنا للإعتماد على الإيرادات الغير نفطية وتجعل المملكة رائدة أيضا في صناعة وتصدير الطاقة المتجددة عالميا. * طرح ارامكو السعودية: – أحد أهم أهداف طرح ارامكو السعودية هو تفعيل الشفافية ومراقبة أرامكو بشكل مُكثّف. هذا ما ذكره عرّاب رؤيتنا، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله. مما سيُفعّل الدور المفصلي في الحوكمة ورفع كفاءة الأداء. ومن ثم تحسين ربحية ارامكو بالرغم من انها الأعلى ربحية عالمياً. – طرح ارامكو السعودية ضرورياً كإستجابة لمتطلبات المرحلة ولتحسين الأداء والكفاءة. من خلال رفع مستوى الحوكمة والشفافية والذي سيعظّم الربح ويُمكّن الاستدامة المستقبلية. طرح ارامكو السعودية يُعتبر أهم التحركات على مدى تاريخ صناعة النفط بالمملكة للحفاظ على مصدر الدخل الأساس وحمايته من احتمالية أي فساد أو هدر مالي أو ترهّل اداري. – يأتي طرح جزء يسير من شركة ارامكو السعودية لضمان ديمومة هذا العملاق بالحيوية والكفاءة المطلوبة، وهذا لا يتحقّق إلا بأن تظهر كشركة تجارية طبيعية بقوائم مالية مُعلنة وبقيادة إدارية مُحترفة تعي تماماً أن هناك من يتابعها بدقة، وهذا يعني مجلس إدارة مُستقل وجمعية عُمومية تُقيّم وتُتابع مما يجعل الشركة تهتم اكثر بنوعية الطاقم الإداري فيها ومخرجاته. مستشار في شُؤون الطاقة وتسويق النفط، مدير تسويق النفط الخام لأرامكو السعودية في آسيا والمحيط الهادئ سابقا، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا. [email protected]
مشاركة :