التهوين والهون في سلوى كل يائس ومحزون

  • 8/6/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نعيش في عالم يتغير في كل لحظة؛ فأزمات تتوالد وحروب باردة تستعر إلى مدمرة ومشاكل اقتصادية ومالية ذات أعباء أثقلت الكاهل، واجتماعية أسرية تسببت كلها في شعور نفسي نشأ عنه القلق واليأس والترقب أثرت في أحوال الناس وتباينت بينهم ما بين مقل ومكثر. وفي ظل هذه الأمواج المتلاطمة يتساءل الإنسان كيف نضع حدا لدوامة الأحزان واليأس والمصائب والتخفيف منها تدريجيا، فكانت هذه الإشارات: أولا: حالة الحزن والكدر التي تعيشها لا تظن أنه لا مثيل لها أو أسوأ منها، بل على العكس هناك ما يفوقها بمراحل، خذ الموت مثالا فهو أمر محتم لكن إن نزل على أحد أحبائنا يبدو كأنه أمر غريب شاذ لا مثيل له. ثانيا: لا ترثي نفسك وتندبها لأن في رثاء النفس وتعزيتها سبيل إلى الانطواء والعزلة وسيجعلك أكثر كآبة وحزنك في تفاقم؛ فالجرح الذي لا ترثيه تتجاوزه بسرعة والجرح الذي يقبع في فكرك وندبك ونوحك عليه يظل زمنا طويلا مستقرا حتى تتعافى منه. ثالثا: حزنك الزائد عن الحد لا تستسلم له، فكن وسطا في ذلك لا تؤذي شعورك وشعور غيرك، فكثيرون يفعلون هذا ويظنون أنهم بهذا العمل يظهرون حبهم العميق للذين فارقوهم، ولكن هذا خطأ، فلو سمح للأحباء الذين فارقونا بأن يروا حزننا عليهم لأبوا علينا أن ننساق إلى هذا الحزن المتطرف الذي يؤدي إلى انهيار الشخصية، مثل هذا الحزن يجعل الهضم عسيرا ويعطل أعضاء وأجهزة الجسم ويحطم الصحة. رابعا: لا تتحدث عن أحزانك لكل إنسان؛ فقد يكون من المفيد أن تتحدث عن آلامك لصديق عاقل، فإن الحديث عن آلامنا كثيرا ما يريح أعصابنا، ولكن لا يجب أن تجعل من حزنك ملكا لكل إنسان فتتحدث عنه لكل من هب ودب، فإنّ حزنك سينمو ويزداد إذا فعلت ذلك. خامسا: لا تخضع للحزن وتظن أنه سيبقى معك إلى الأبد.. إن الأحزان عادة ما تزول مع الزمن إلا إذا عمل الإنسان على استبقائها صناعيا وبرمجها عقليا. إن مرور الزمن هو أعظم شاف، وهو فعلا ما يحدث عادة، فكلما بعد بك الزمن عن شيء قل إحساسك بالألم به، وليكن بين عينيك عفا الله عما سلف. سادسا: لا تحارب الحزن حربا مباشرة؛ فإنك إذا حاربت ضد الألم حربا مباشرة ستركز انتباهك فيه، وكلما صار الألم موضوع اهتمام الإنسان صار سبب همه أيضا. أبعد تفكيرك عن الحزن بالعمل الذي يتطلب خيرا للآخرين ويسعدهم فسترتد سعادتهم عليك بالشعور النفسي الإيجابي. سابعا: لا تكثر الشكوى؛ لأنك إن شكوت فإنك ستبحث بذهنك عما يبرر شكواك، وإذا لم تجد الأسباب فإنك عرضة لأن تخلقها وسيبالغ عقلك في تصوير آلامك وأمراضك، وهذا سيزيد من تفاقمها؛ فكلما شكوت كثرت الأمور التي ستشكو منها وسوف تستغرق في الأحزان وقتا طويلا ويأخذ ذلك من صحتك وطاقتك. وفي الختام تذكر أيها المحزون أنك اذا رضيت بالمكتوب والمقدر عليك بلا جزع واعتراض على المشيئة الإلهية كان ذلك سببا من أسباب محو الخطايا والسيئات، فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه. (متفق عليه).

مشاركة :