لا وجود لبنود اتفاقية ستوكهولم.. وغريفث يسير بالخط الأعوج نفسه الذي بدأه المجتمع الدولي دوره متراخٍ.. وبعض المنظمات تخالف الأعراف الدولية مراكز صيفية «طائفية» أقامتها ميليشيا الحوثي الإرهابية لخدمة أجنداتها الإيرانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها في اليمن، استهدفت نحو ربع مليون طفل وشاب يمني، عملت على غرس ثقافة الموت والكراهية ليتم لاحقاً إرسالهم إلى الجبهات. والمجتمع الدولي يقف مكتوف الأيدي إزاء المأساة التي تتكشف أمام أعيننا والعبث بمستقبل الأجيال وتفخيخ العقول والأدمغة، بينما تعمل المنظمات الحقوقية في الداخل على مواجهة وقود حروب الميليشيات الحوثية.. وللوقوف على آخر المستجدات، «الرياض» حاورت نبيل عبدالحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان باليمن. فإلى نص الحوار: إلى أي مدى أدت جرائم الحوثي إلى انهيار وضع حقوق الإنسان في اليمن؟ ما يزال ملف حقوق الإنسان في اليمن هو الأكثر تعقيداً والأكثر فظاعة من حيث الجرم الذي يحدث فيه، الميليشيات الحوثية لم تترك حقاً من حقوق الإنسان إلا وانتهكته بداية من اغتصاب حق الحياة عبر القتل المباشر إلى الاختطاف والتعذيب والإخفاء القسري وانتهاء بحقوق حرية الرأي والتعبير وغيرها من الممارسات التي تقوم بها الميليشيات لتصل إلى تحقيق ثالوثها "الفقر والجهل والمرض" كأساس للسيطرة والاخضاع، وكان آخر هذه الممارسات إنشاء ما يسمى بالمعسكرات الصيفية حيث خلال شهر يوليو فقط أنشؤوا 3762 مركزاً ضمت بين جوانبها 252 ألف طفل وشاب في أعمار التعليم لتقوم بعملية غسل أدمغتهم وتشبيعهم بالثقافة السلالية المقيتة، إضافة على ذلك ما يقومون به في إطار نهب المساعدات وخصوصاً الطبية حتى أصبح اليمن مرتعاً للأمراض والأوبئة مثل الكوليرا والتيفود وغيرها من الأمراض. اتفاقية ستوكهولم.. ما الذي تحقق من بنودها؟ مشاورات ستوكهولم والاتفاق الذي فرضه المبعوث الأممي مارتن غريفيث وضغط على الحكومة الشرعية بشكل كبير للموافقة عليه، أعتقد أن ما جاء به غير موجود حقيقة على الأرض وهو موجود فقط في ذهن المبعوث الأممي الذي يتحدث عنه وكأنه حقيقة واقعة على الرغم من أن كل المعطيات الموجودة على الأرض تدحض كل ما يتحدث به، فلو تحدثنا عن الملف الأول في إطار مشاورات ستوكهولم وهو ملف الحديدة وموانئها سنجد أن العمليات العسكرية مستمرة بل إننا خلال سبعة أشهر لدينا أكثر من سبعة آلاف خرق للهدنة تقوم بها الميليشيات بشكل يومي متعمد سواء بالقصف على الأحياء المدنية وحفر الخنادق وتلغيمها وقصف صوامع الغلال التي تؤمن أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، وإذا تحدثنا عن الـ 24 ساعة الماضية سنجد أن هناك عمليات قصف على مناطق حيس والتحتية والزبيد وهي المديريات المتاخمة للحديدة وهو ما يعني أننا بالفعل لا يوجد أي عمل على الأرض يمكن أن نتحدث عنه في إطار اتفاقية ستوكهولم، الجزء الثاني من الاتفاق الذي يتحدث عن الأسرى والمختطفين كانت هناك هذه العملية القذرة التي قامت بها الميليشيات بمحاكمة 30 شخصية ممن هم أسماؤهم واردة ضمن الاتفاق، ولكنها تضرب بكل اتفاق عرض الحائط وعادة ما تكذب في كل الاتفاقات وقامت بمحاكمتهم وأصدرت أحكاماً بالإعدام وكان الشيء المخجل والمشين لدينا أن يتحدث المبعوث الأممي ويطالب بالاستئناف لهذا الحكم وهو يعلم أن هذه المحكمة وغيرها من المحاكم التي تديرها الميليشيات قد صدر بحقها قرار من المجلس الأعلى للقضاء في اليمن ينص بانعدام ولاية هذه المحاكم ومع ذلك يتحدث المبعوث الأممي خارج إطار الشرعية وخارج إطار القرار 2216 وكأنه يقبل بمثل هكذا محاكم. وبالتالي إذا كان بعض السياسيين يتحدثون عن اتفاق ستوكهولم فإنني أنظر أنه عن أي هراء يتحدثون فالاتفاق حتى الآن لم نشهد له أي جانب يتحقق على الأرض. كيف ترى أداء المبعوث الدولي مارتن غريفيث؟ الجميع يعلم أن رئيس الجمهورية وجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في هذا السياق وعن الخروج الذي يقوم به غريفيث عن مهمته الأساسية التي تنحصر في إطار عودة الشرعية ومظلة المرجعيات الثلاث القرار 2216 ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية كأسس يفترض أن أي مبعوث أممي يتحرك في ظلها. غريفث قام بالكثير من المخالفات وهو ما استدعى أن يقدم رئيس الجمهورية تلك الرسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ثم يقبل بإعطاء فرصة أخرى للمبعوث الأممي بناء على طلب مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن يبدو أن مارتن غريفث ما زال يسير بالخط الأعوج نفسه الذي بدأه وبمسار لا نجد له أفقاً للحل. هل وقعت الحكومة الشرعية في فخ تجزئة الحل السياسي في اليمن؟ الحكومة الشرعية عندما قبلت بالمنهجية التي سار بها غريفيث كان من أجل إثبات أنها تريد أن تصل للسلام سواء باعتقادها الراسخ بأن السلام هو عبارة عن عملية متكاملة يجب أن تتم بشكل موحد يوصلنا إلى تنفيذ القرار 2216 القاضي باستعادة الدولة ومرافقها الرسمية وسلاحها، وبالتالي إذا كانت قد قبلت بهذا التجزيء الذي قدمه غريفيث فكل ذلك من أجل أن تثبت بأنها لن تكون عائقاً في أي منهجية يمكن أن توصلنا للسلام لكن على أن تكون واضحة وتحقق نتائج إيجابية إنما إذا ظلت عبارة عن منهجية لا تسير بنا إلا إلى مطبات أخرى وإلى تجزئة المجزأ نفسه فبالتأكيد لن تكون مقبولة وسيكون لصبر الحكومة الشرعية حد معين لا يمكن أن تستطيع بعده أن تقبل بأي منهجية من هذا النوع. هل ترى أن المجتمع الدولي يستخدم وسائل ضغط قوية على ميليشيات الحوثي؟ حتى الآن لا أعتقد أن المجتمع الدولي قد قام بهذا الدور الذي يجب أن يقوم به، بل إن التراخي الموجود لدى المجتمع الدولي في هذا السياق هو ما أدى إلى استمرارية الانتهاكات وتصاعدها من قبل الميليشيات ووصل الأمر أيضاً ببعض المنظمات الدولية بأن تقوم بمخالفات واضحة كان آخرها دعم منظمة اليونيسيف لما سميت بالمعسكرات الصيفية وهي تعلم أنها معسكرات للتعبئة للأطفال من أجل تجهيزهم لدور ميليشاوي قادم، وأن تقوم أيضاً منظمة مثل الهجرة الدولية بتوقيع بروتوكول تعاون بينها وبين الميليشيات في خرق واضح في إطار ما سمي بإيجاد معسكر لإيواء المهاجرين الأفارقة، وهو ما يعني أننا أمام أعمال بدأت تقوم بها بعض المنظمات مخالفة للعرف الدولي والتي يفترض ألا تتم إلا بموافقة الحكومة الشرعية وبترتيباتها ولا تعمل من تلقاء نفسها بعيداً عن الاعتراف الدولي بالحكومة الشرعية. ما الذي أحدثته إيران في الداخل اليمني؟ إيران اليوم تحاول أن تكوِّن بؤراً أكثر وأكثر في إطار المنطقة وتريد أن تزعزع أمن المنطقة بشكل كبير لتجعلها مشغولة بإشكالياتها وظروفها الأمنية لتكون هي بعيدة عن توحيد الجهد العربي للتخلص من الخطر الإيراني، لذلك اليمن هي جزء من اللعبة الإيرانية، والميليشيات هي أيد قذرة لممارسة تلك المهام التي تريدها إيران في جنوب الجزيرة العربية من خلال ما تقوم به من تهديد الملاحة الدولية أو غيرها، إذاً هذه الميليشيات أضعف من أن تشكل خطراً كبيراً لكنها خطر حقيقي عندما تكون ذراعاً لإيران وجزءاً من مخططها لتشكيل حال من الوضع الأمني غير المستقر. أين النخبة السياسية في ظل ضعف المشهد الحالي؟ النخبة ربما تكون للأسف الشديد إحدى الإشكاليات، فالمواطن ينتظر أن تكون هي الداعم للحل لاستعادة الدولة لكن للأسف الشديد هناك بعض الواجهات السياسية التي لم تكن عند مستوى هذه المسؤولية وبالتالي شكلت بشكل أو بآخر جزءاً من المشكلة لا جزءاً من الحل. من يسيطر على الأرض في الوقت الحالي؟ إلى فترة ما نستطيع أن نقول إنه تم تقليص النفوذ الحوثي الذي كان قد انتشر على كامل الرقعة اليمنية لكن تم دحر هؤلاء خصوصاً بعد عودة بعض العناصر إلى الصف الوطني من قيادات المؤتمر الشعبي العام التي كانت قد أصبحت موالية للحوثيين، وشكلت عودتهم أثراً كبيراً وبالتالي هناك تراجعات واليوم الحكومة الشرعية تسيطر على غالبية المساحة اليمنية ويبقى الخمس الذي تسيطر عليه الميليشيات يحمل أهمية خاصة من خلال الكثافة السكانية المتواجدة فيه وهو ما يؤثر بشكل كبير في إطار العملية نفسها. الصراع الموجود على الأرض والذي تديره إيران في الداخل اليمني كان يعمل على إطالة مدة المعركة لإنهاك الأطراف الأخرى، هم يتصرفون كميليشيات وهناك مفارقة عندما يتصرف جيش منتظم مع ميليشيات متفرقة تتعامل بأسلوب حرب الشوارع، كما أن اليمن بصعوبة تضاريسها وجبالها تشكل صعوبة كبيرة في العمليات العسكرية. كيف ترى دور التحالف العربي في الوقوف إلى جانب الشعب اليمني؟ هذا الموقف العروبي العظيم الذي لن ينساه الشعب اليمني لولاه لما استطعنا أن نحرر هذه المناطق ولما استطعنا أن نتصدى لهذا العدوان الحقيقي على الشعب اليمني، لأن هذه الميليشيات كانت قد اختطفت كل مقدرات الدولة وسلاحها وأموالها وأجهزتها ومؤسساتها وبالتالي وجدنا أنفسنا في بداية الانقلاب لا نمتلك أي شيء ولولا هذا التحالف ووقفته الحقيقية إلى جانب القيادة الشرعية لكان الآن الانقلاب قد فرض نفسه على أرض الواقع وأعلن نفسه كدولة تابعة لإيران. نبيل عبدالحفيظ
مشاركة :